صادف يوم الرابع من رمضان الذكري الثالثة عشر للمفاصلة النهائية للتيار الإسلامي الحاكم عقب صدور مذكرة العشرة الشهيرة في 12 ديسمبر 1999 والتي حسمت الخلاف الذي نشب وسط الإسلاميين حول إشكالات الحكم وعلاقة التنظيم بالسلطة التنفيذية وقضايا الشورى والمرجعية وحاكمية التنظيم و القضايا التي افضت إلي قيام مؤتمر وطني ومؤتمر شعبي . الخلاف داخل المنظومة الحاكمة لم يك صراعا فكريا بقدر ما هو صراع حول الحكم . أمين التنظيم الشيخ حسن الترابي كان يري أنه وبعد مرور عشر سنوات علي تمكنهم من مقاليد السلطة وجب الانتقال إلي تنظيم الدولة بعد أن كانت دولة التنظيم والانتقال من الدولة العسكرية إلي شكل الدولة المدنية ومن التنظيم الواحد للتعددية وإجراء تعديلات دستورية تستوعب الانتقال لبسط الحريات. بغض النظر عن صدقية مزاعم (جناح) الأمين العام في تنفيذ ما طرحه كمبرر يزيح به البشير قائد الانقلاب العسكري من رئاسة الدولة بحسبان أنه قد أدي دوره وحان الآن موعد تسليم السلطة للمدنيين (له شخصيا ) إلا أن الجناح الآخر يري أن العشر سنوات الماضية اتسمت بغياب المؤسسية والشورى وهيمنة شيخ حسن علي الدولة والتنظيم معا مطالبين بضرورة نزع بعض الصلاحيات والاختصاصات لرئيس الدولة حتى يجمع بين رئاسته للدولة والحزب معا لينتصر هذا الاتجاه في نهاية الأمر . قرارات الرابع من رمضان والتي ارتبطت بحل البرلمان الذي كان يرأسه الأمين العام الشيخ حسن وإعلان حالة الطواري بالبلاد كانت بمثابة (الانقاذ تو )،انقلاب داخل انقلاب الإسلاميين عمق وسطهم القطيعة التي انتهت بالمواجهة والمفاصلة التي انتهت بتصفية الحسابات . ماحدث من مفاصلة أضعف وحدة الحركة الإسلامية الحاكمة وتلك التي تبوأت مقعدها في المعارضة وانعكس ذلك في تخبط الحكم و سوء الأوضاع التي جعلت التنظيم الحاكم يلوذ بالقبضة الأمنية المطلقة في مرحلة التمكين الثاني . لم تمض خمسة أعوام علي المفاصلة والحكومة تسعي بشتي السبل للخروج من أزماتها وعزلتها لتةافق صاغرة علي اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل مع الجنوب لتزيل عن كاهلها عب الحرب وحكم البلاد .الاتفاقيات التي وقعت عليها ولم تلتزم بتنفيذ بنودها (القاهرة واسمرا) كانت محاولات فاشلة لشل حركة المعارضة . لم تنجح الحكومة في الخروج من دوامات الأزمات وهي تبحث عن شرعية بانتخابات مزورة واستفتاء أفضي إلي فصل الجنوب وفقدان موارد النفط التي عمقت أزمتها الاقتصادية و الغلاء وغضب الشارع يهدد بقاءها . آخر الكروت التي تلعب بها الحكومة هي بعث الروح في ما يعرف بوحدة الحركة الإسلامية التي أصبحت من اساطير الاولين و لم تعد تلامس أشواق الإسلاميين السودانيين لتصاب الحكومة بخيبة أمل كبري وثورات الربيع من حولها جاءت بالإسلاميين إلي الحكم وهم ينتظرون في رصيف قطارالمغادرة one way ticketبتذكرة سفر اتجاه واحد بلا عودة .