أبرزت وسائل الإعلام العبرية في إسرائيل أمس الأحد الغضب الإسرائيلي العارم من قرار ألمانيا ببيع غواصتين لجمهورية مصر العربية، ونقلت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' في عددها الصادر أمس الأحد عن محافل رفيعة المستوى في تل أبيب قولها إن القرار الألماني يُشكل تحولاً للأسوأ في العلاقات بين الدولة العبرية وألمانيا، ومع ذلك شددت المصادر عينها أن القرار لم يُصادق عليه من قبل الحكومة الألمانية، معربة عن ثقتها بأن الحكومة الألمانية لن تصادق عليه في نهاية المطاف. وساقت الصحيفة، الأوسع انتشارًا في إسرائيل قائلةً إن قائد سلاح البحرية المصري، أسامه أحمد الجندي، أعلن يوم الجمعة أن القاهرة ستزيد عدد غواصات سلاح البحرية المصري عبر شراء غواصتين حربيتين من ألمانيا من طراز 209 وبارجتين حربيتين من أمريكا، مشيرةً إلى أن هذا النوع (209) من الغواصات استخدم بالأساس لتطوير غواصات دولفين الستة التي باعتها ألمانيا لإسرائيل. ونقلت الصحيفة عن المسؤول المصري قوله إن الهدف من شراء هاتين الغواصتين هو تأمين حركة الملاحة في قناة السويس، وحماية المياه الإقليمية المصرية. وتابعت الصحيفة، نقلاً عن مصادر أمنية ألمانية قولها إن وزارة الدفاع الألمانية أبلغت جهات رسمية في إسرائيل بأن الصفقة التي تم إبرامها بين شركة بناء السفن الألمانية وبين الحكومة المصرية، تلزم بداية الحصول على موافقة الحكومة الألمانية، وطالما لم تصدر هذه الموافقة يبقى الاتفاق عديم الفائدة، مضيفةً أن الحكومة الألمانية لا تنوي حاليًا المصادقة على هذه الصفقة. وبحسب المصادر الأمنية والسياسية في تل أبيب، فإن الدولة العبرية تأمل في أن تفي الحكومة الألمانية بتعهدها بعدم بيع غواصتين لمصر، خاصة في الظروف الحالية الحساسة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، لأن تزويد سلاح البحرية المصري بغواصتين سيمنح مصر تفوقا بارزا على الأسطول الإسرائيلي، على حد تعبيرها. علاوة على ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن أن تزويد مصر بالغواصات هو ملف حساس للغاية، إذ تحافظ إسرائيل على صمت إعلامي في هذا السياق حتى بعد أن الإعلان عن أمر الصفقة، ووصفت الصحيفة مجرد إبرام الصفقة حتى بدون تنفيذها بأنها صفعة لحكومة نتنياهو، ودليل على حدة التوتر في العلاقات بين حكومتي البلدين. وكان التدهور في العلاقات الألمانية الإسرائيلية، قد بدأ بحسب الصحيفة، خلال فترة ولاية نتنياهو، على أثر فترة من العلاقات الممتازة بين البلدين بين عامي 2005 2009، عندما وقفت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل إلى جانب إسرائيل خلال الحرب الثانية على لبنان والحرب على غزة، وبدأت ألمانيا تغير موقفها على أثر ضغوط من الإدارة الأمريكية، وتوجهات من المعارضة الإسرائيلية. وتجلى التدهور في العلاقات الألمانية الإسرائيلية عندما تبنى البرلمان الألماني في برلين قرارا بإدانة إسرائيل، بعد اقتحام القوات الإسرائيلية لسفينة مرمرة وقتل 13 مسافرا على متن السفينة التي كانت في طريقها لكسر الحصار على غزة، في أيار (مايو) من العام 2010، كما دأب مسؤولون في ديوان المستشارة الألمانية على تسريب تفاصيل اتصال هاتفي جرى بين ميركل وبين نتنياهو وبخت خلاله ميركل نتنياهو على قرار توسيع المستوطنات وعدم التقدم في المسيرة السلمية. مشيرةً إلى أنه بعد بعد سنتين من العلاقات الجيدة تحولت خلالها ألمانيا إلى أقرب أصدقاء إسرائيل بعد الولاياتالمتحدة في العالم، عن أن التصديق على المخطط الاستيطاني لبناء 1100 وحدة سكنية في مستوطنة (غيلو) في القدسالمحتلة، أدى إلى أزمة لم يسبق لها مثيل بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وفي أعقاب مكالمة توبيخ قاسية أجرتها ميركل معه ، قال مسؤولون ألمان كبار لنظرائهم الإسرائيليين إن ميركل لم تعد تصدق أي كلمة يقولها نتنياهو. وكانت ألمانيا وغيرها من دول الغرب، بما في ذلك الولاياتالمتحدة، أدانت مشروع البناء الاستيطاني الجديد، واستدعي السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل أورن عشية من قبل اثنين من كبار نواب وزيرة الخارجية، وتم إبلاغه بأن التصديق على البناء يمس بالجهود الأميركية لتجديد المفاوضات. بينما وصف القرار في أوروبا بأنه صفعة لمواقف الغرب الذي يحاول منع الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأممالمتحدة. ونقل عن كبار المسؤولين في ألمانيا قولهم إن ما أثار غضب ميركل هو توقيت الإعلان عن المخطط، لكونه يعرقل جهودها في إعادة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات. ونقل عن مسؤول سياسي إسرائيلي قوله إن ما أخرج ميركل عن طورها هو تجندها المكثف في الأسابيع الأخيرة لمساعدة إسرائيل في عرقلة التصويت في مجلس الأمن بشأن قبول فلسطين بعضوية كاملة في الأممالمتحدة. وبناء على طلب نتنياهو مارست ميركل ضغوطا شديدة على رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، من أجل التراجع وانتقدت سياسته وقادت الدول الأوروبية في ممارسة الضغوط، وواصلت ضغوطها حاليا على عباس لكي يوافق على بيان (الرباعية الدولية) وتجديد المفاوضات. ووصف مسؤول إسرائيلي الأزمة بأنها أزمة ثقة حادة تعرض للخطر عدة قضايا سعت ألمانيا وإسرائيل إلى الدفع بها، توجد ضمنها قضايا أمنية في غاية الأهمية، وأضاف أنه ليس من المؤكد أن تستمر ألمانيا في مساعدة إسرائيل من خلال عرقلة المساعي الفلسطينية في الأممالمتحدة. وقال المسؤول الإسرائيلي نفسه إنه ليس من المستبعد أن تدعم ألمانيا رفع مكانة فلسطين إلى دولة مراقبة في الأممالمتحدة. ولفتت الصحيفة إلى أن التوتر والنفور يميز العلاقات الشخصية بين ميركل ونتنياهو، وأن ذلك انعكس أيضا في التأجيل المتكرر للمشاورات بين حكومتي إسرائيل وألمانيا التي كان مقررا لها أن تتم بدءا من شهر كانون الثاني (يناير) الماضي. واتهمت جهات سياسية إسرائيلية بعض المسئولين في مكتب ميركل والسفير الألماني لدى إسرائيل بالعمل على تعكير صفو العلاقات بين البلدين سعيا لإنهاء العلاقات المميزة بين إسرائيل وألمانيا، على حد تعبيرها. على صلة بما سلف، كشفت صحيفة (هآرتس) العبرية النقاب عن أن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركيل، اتصلت هاتفيًا بنتتنياهو وألحت عليه بعدم الإقدام على توجيه ضربة عسكرية لإيران، وقالت له إنه ملزم بمنح الفرصة للعقوبات الاقتصادية والأخرى المفروضة على إيران، وأيضًا فسح المجال أمام استمرار المساعي الدبلوماسية لثني إيران عن مواصلة برنامجها النووي، ولفتت الصحيفة إلى أن المكالمة تُعتبر خارجة عن السياق، خصوصا وأن العلاقات بين نتنياهو وميركيل في الشهرين الأخيرين شهدت توترا كبيرا، إلا أن ميريكل قررت الاتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بهدف إيصال رسالة حازمة وصارمة له مفادها أن ألمانيا تُعارض الضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران، على حد تعبير المحافل الرفيعة في تل أبيب، كما قالت المستشارة لنتنياهو إنها جدًا قلقة من التداعيات السلبية للضربة الإسرائيلية على الاتحاد الأوروبي وعلى الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، على حد تعبيرها.