الدكتور ريك مشار تينج في حوار الصراحة و الشفافية مع صحيفة (المصير) لا أستطيع الأجابة على هذا السؤال. هذه أسباب إقالة حاكم ولاية البحيرات. في حال إقالة الحاكم يجب أن تقام إنتخابات. نعم حدثت مرارات وتأثيرات، لكن علينا أن نعفي عنها. اجرى الحوار : رئبس التحرير مثيانق شرليو وقبريال هلري بحسب حديث نائب رئيس الجمهورية الدكتور ريك مشار تينج، فإن الوقت الممنوح لنا لإجراء الحوار هو 45 دقيقة، فلديه أجتماع آخر. لكن إستطعنا جعل زمن الحوار يمتد نحو 90 دقيقة في سعي حثيث للكشف عن العديد من الخبايا التي إحتفظ بها الرجل طوال فترة عمله. إستقبلنا الرجل بحفاوة شديدة ودردشنا قليلاً قبل البداية. يتحدث بثقة عالية جداً، ورفض قيامنا بشرح المحاور وطبيعة الأسئلة قائلا: اطرحوا أي أسئلة، فالمهم أن يعرف الشعب الأجابة مهما كانت طبيعة السؤال. للأمانة، ظللنا ننتظر داخل مكتبه لنحو خمس ساعات، كي نحصد العديد من الإجابات. لم نطرح كل التساؤلات لضيق الوقت، لكنها كانت سانحة عظيمة لبدء حوار تعريفي ومن ثم لنكمل بقية الحوار في قضايا محددة، حسب ما قاله لنا أحد موظفي مكتبه المقربين منه. فإلى حصيلة الحوار. فلنبدأ بهذا السؤال، ما أسباب إقالة حاكم ولاية البحيرات المنتخب؟ جاء القرار من رئيس الجمهورية. ليس بإمكان أي شخص في هذا البلد إقالة حاكم منتخب إلا الرئيس، وذلك بحكم الصلاحيات الدستورية الممنوحة له، خصوصاً اذا رأى بأن أوضاع الولاية غير مستقرة. حينها بإمكانه أن يقوم بإقالته. نعرف بأن رئيس الجمهورية له الحق في إقالة الحاكم بحسب الدستور، لكن نتساءل عن أسباب الإقالة، لأن القرار الرئاسي لم يشير إلى الأسباب؟ (أجاب سريعا) أعتقد أن الأسباب أمنية بحتة، فقد شهدت الولاية إضطراباً أمنياً، وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي وراء إقالة حاكم البحيرات شول تونق. يتساءل البعض عن أسباب عدم إقالة كوال منيانق حاكم ولاية جونقلي، او رزق زكريا حاكم ولاية غرب بحرالغزال، فقد عانت ولايتهما إضطراباً أمنياً مماثل؟ حقيقة لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال، الرئيس هو من إتخذ القرار بحسب الدستور. نعم شهدنا إضطرابات في جونقلي وغرب بحرالغزال، ولا زلنا نشهد إضطرابات شبيهة وسط المواطنين بولاية واراب حتى هذا الإسبوع، ولم نتخذ قرارات حولها، والشارع يتساءل. دعونا ننتظر. في نفس الإطار، يتحدث الدستور عن ضرورة إقامة الإنتخابات خلال 60 يوم؟ سيكون تفسيري شخصياً، أي ليس على المستوى الحكومي، تتطلب المادة (101 س) إجراء الإنتخابات خلال ستين يوم. هنالك جدل أسمعه وسط الآخرين حول عملية الإنتخابات التي خلالها تمّ إنتخاب الحكام والمجالس التشريعية القومية والولائية، هل هي سارية المفعول بعد إعلان الدولة، ام نحن في فترة إنتقالية بحتة، ما يتطلب نظام جديد في الدولة الجديدة. هذا الجدل موجود. شخصياً أرى بأن رئيس الجمهورية والحكام والمجالس التشريعية على المستويين الولائي والقومي، وكل هذه المؤسسات القائمة هي منتخبة، وإن كنا في الفترة الانتقالية. وستستمر هذه المؤسسات حتى العام 2015م، لذلك وجب علينا أن نتعامل مع هذه المادة. والدستور الإنتقالي الحالي يشير إلى أنه وفي حال إقالة الحاكم يجب أن تقام إنتخابات، وانا أميل إلى ذلك. حكومتكم متهمة بأنها تفتقد إلى رؤية سياسية لإيجاد تسوية تنهي بها التمرد في ولاية جونقلي، وايضا رؤية في حسم هذا التمرد بالقوة؟ الوضع في جونقلي محصور في مقاطعة البيبور، لم نكمل عملية نزع السلاح، وهناك تمرد في المنطقة حالياً. أرسلنا وفد للمصالحة والسلام بقيادة إسماعيل كوني وبعض وزراء الولاية، لكن حدث إشتباك في السوق قمنا بإحتواءه. ثم أرسلنا وفد عالي بقيادة نائب وزير الداخلية والأجهزة الأمنية، إنضم لهم ممثلين من الولاية لمخاطبة المواطنين وإعادة ثقتهم في أن الحكومة تريد السلام، لذلك أرسلت وفداً من قيادات المنطقة. حادثة السوق في منطقة البيبور لا تلغي النوايا الحسنة لدى الحكومة، لذا نريد دعم الوفد، ونرغب في تجريد السلاح من المواطن بطرق سلمية، حتى لو إستخدمنا الجيش، ونريد أن يعرف المواطن بأن الحكومة قادرة على حمايته وحماية ممتلكاته ومنطقته. كما نود مخاطبة قيادات التمرد عبر لجنة منطقة البيبور في أن يعودوا إلى حظيرة السلام. لم يسبق أن كانت لنا حوارات مع ياو ياو، لكن نرغب الآن وعبر لجنة المصالحة بقيادة إسماعيل بأن تواصل عملها ليبدأ الحوار مع الذين تمردوا من أبناء المنطقة. لا نريد ان يتأثر المواطن من عملية نزع السلاح. سياسياً نحن مستعدون للحوار لمعالجة المشكلة، ولدينا لواء عسكري بالكامل موجود في المنطقة. لا نرى أن أسباب التمرد يمكن أن تقود إلى القتال، وهي أسباب يمكن حسمها بالطرق السلمية، وقد شرعنا في هذا. بخصوص المنطقة الثانية، اكوبو، يوجد “نبيِّ" يرافق مجموعة صغيرة عارض عملية نزع السلاح، نريد أن نتحاور معه ليعرف أن نزع السلاح هي سياسة حكومية لتأمين المنطقة. بعدها سننطلق في عملية توفير الخدمات والتنمية في المنطقة. في ظل تدهور الأوضاع الأمنية في أكثر من أربع ولايات، كيف تنظر الحكومة لقضية الأمن القومي وفق هذا الإطار؟ سياستنا هي تجريد المواطن من السلاح، وقد توصلنا إلى قناعة بأن هنالك سؤء إستخدام للسلاح في يد المواطن، “بينهبوا بعض". كما أنها تخلق عدم إستقرار، حيث يتصارعوا ويتنافسوا في الموارد الشحيحة مثل المياه والمراعي. هناك خلافات يمكن حلها بالطرق السلمية، يلجأ البعض فيها إلى السلاح. لذا فإن سياستنا الأولى هي تجريدهم من السلاح، والثانية هي أن نقوم بعملية المصالحة والتعافي الإجتماعي. في هذا العام يوجد اكبر برنامج للحكومة في البلاد لتأمين الدولة الجديدة. لاحظنا وجود خلافات بسيطة للناس تعود إلى العنف، حتى في المدن. كل هذا بسبب خلفية الحرب، فقد غابت المصالحة السلمية. لذا قلنا بضرورة النقاش حولها، كي نسلك طرق حضارية لمواجهة قضايا المجتمع، أي طرق السلام. هل لديكم نماذج للسير على خطاها من اجل السلام والمصالحة؟ وضعت المصالحة في ونليت في مارس من العام 1999م أرضية كبيرة لتوحيد الحركة الشعبية، وبعد توحيدها إستطعنا مفاوضة الحكومة، وكانت نتيجتها إتفاقية نيفاشا. للأسف بعد الإتفاقية كانت الأجندة الوحيدة التي لم نتطرق لها في المجتمع هي المصالحة الوطنية والتعافي الإجتماعي، حيث لم تكن هنالك برامج موضوعة لمعالجة هذه القضايا حينما كنا مع الخرطوم في دولة واحدة. بالطبع كنا نعلم أن الخرطوم لم ترغب في ذلك حيث كانت تحارب في غرب السودان، وقلنا انه وبعد إستقلال جنوب السودان يجب ان نأخذ هذا الأمر بجدية، بحيث تكون هنالك مصالحات كثيرة. يتحدث المواطنين الآن عن الحدود القبلية، وحول الموارد والتوظيف، كل هذا لغياب مصالحة وطنية تخاطب هذه القضايا. لذلك حددنا ابريل القادم للإنطلاق في مؤتمر جامع للمصالحة بسند من المتخصصين في المصالحات، وبقيادة رئيس الدولة الفريق أول سلفاكير ميارديت، بعدها نذهب للولايات ومنها إلى المقاطعات، والفيامات والبومات بهدف تحقيق المصالحة. الآن تتقاتل بطون داخل القبيلة الواحدة، مثلما حدث في رمبيك حيث ينهب بطن بقر أخرى، في مسافة 3ميل، تعلم فيه البقرة مكانها. ولكن سعادة نائب الرئيس حكومتكم يعاب عليها أنها تعقد الكثير من مؤتمرات التعايش السلمي، لكنها لا تهتم بمخرجات او توصيات من تلك المؤتمرات. كيف ترد؟ في الحقيقة عقدنا مؤتمرات كثيرة، ومن جانبنا نعتقد أنه يوجد نقص في مؤتمرات السلام، هنالك نقص في الجانب المتعلق بالمصالحة. بالنسبة للمصالحة انت تترك ما حدث وتعفي، فما حدث قد حدث، ويجب أن نبدأ حياة جديدة. مؤتمرات السلام تختلف عن مؤتمرات المصالحة التي تنبع من دواخل الشخص. نعم حدثت مرارات وتأثيرات، لكن علينا أن نعفي عنها، وإن لم نقم بهذا، فإن ما قمنا به لن يكون سوي هدنة سلام وقتية فحسب. بالنسبة لي فإن كثير من الحواجز قد حدثت لمواطني جنوب السودان، ليس بين القبائل وحسب، بل إمتدت إلى بطون القبيلة الواحدة. مثلا بين ولايتي الوحدة ذات الغالبية من قبيلة النوير وواراب الدينكا توجد مستنقعات. في الماضي ورغم هذه المستنقعات عاش الناس سوياً، لكن أثناء الحرب حدثت حواجز ذهنية. كان التعايش السلمي والإختلاط موجود رغم أن البعض لا يعرف لغة الآخر. في جيلكم الآن و بالصدفة تجد نفسك تعرف لغة القبيلة المجاورة لمنطقتك، في الماضي كان الجميع في المراح الواحد، وتجدهم يتحدثون بطلاقة لغة جارهم من القبيلة الأخرى، ويفهم ثقافته. هذا لم يعد موجوداً الآن، حتى الزواج بين القبائل اصبح في المدن فقط، رغم شيوعها في الماضي بين سكان الريف وهكذا. نريد من المواطن أن يعود إلى هذا التعايش السلمي. في العام الماضي قمت بجولة على الحدود مع الحكام وبعض الوزراء والنواب، في منطقة مفير بمقاطعة شمال رومبيك، طرحت سؤالاً من منكم تزوج من الجار، قبيلة النوير. كل الذين رفعوا أياديهم فاقت اعمارهم ال45 سنة، فيما لم نجد هذا الأمر بين الشباب من عمر الأربعين وحتى العشرين، أين الإحتكاك والتعايش، للأسف لن نجده إلا بالبندقية. نحن غير متعايشين سلمياً، حتى كان موجود إختفى الآن. نفس السؤال طرحته عندما ذهبنا إلى منطقة ميانديت بولاية الوحدة التي غالبيتها من النوير، وجدنا نفس الشئ، الجميع يعاني من نفس المشكلة. اذا أردنا استقراراً أمنياً يجب أن نقوم بعمليات مصالحةٍ. الجذء الثاني من الحوار : انا رجل مسؤول لذلك إعتذرت لمجتمع بور. اذا رشحني الحزب للرئاسة فلن أرفض. الحزب أهمل هذه الأشياء. لم نكن نعرف كم ننتج من براميل النفط. هذه الدولة لا يمكن أن يحدث فيها إنقلاب. ولكن البعض يتهم الحزب الحاكم بأنه سبب كل الإشكاليات التي تحدث وسط المواطنيين لأنه لم يتبنى برامج سياسية لمجابهة هذه التحديات كيف ترد على هذا الإتهام بإعتبارك الرجل الثاني في الحزب؟ بالطبع لا أستطيع القول أن هذا إتهام، ربما هو إهمال من جانب الحزب، فكما قلت لك تم إهمال اجندة المصالحات منذ بداية الاتفاقية، إعتقد الناس أن المصالحة ستتم بيننا مع الشعب في الشمال، وتناسوا أننا في الجنوب بحاجة ايضا إلى تلك المصالحات، لأن الحرب خلقت حواجز في الجنوب، هنالك أناس ترعروا ونزوحوا في الشمال، وآخرون في دول شرق افريقيا، والبعض الآخر نزوحوا داخلياً وغيرهم عاشوا في مناطقهم، ليس من السهل جعل هؤلاء يتعايشوا. يمكن أن يتم لومنا بعد الاستقلال حول لماذا لم نبدأ المصالحات منذ العام 2011م، وفي ذلك الوقت وللحقيقة بدأنا وقلنا نتشاور مع الناس، حيث يوجد شئ ناقص يجب أن نقوم به كحزب حاكم، ثم أن المسؤولية لم تكن مسؤولية الحزب قبل الإستقلال، لكنها اصبحت الآن مسؤوليتنا، لأننا الحزب الحاكم في الدولة. وهل لدي الحزب التوجه السياسي في السير نحو هذا الطريق؟ اجاب سريعا: نعم انا نائب رئيس الحزب، تقريبا أكملنا كافة الترتيبات لعملية المصالحات في ابريل القادم، وخلال الإسبوع القادم ستكون لنا مشاورات وإجتماعات تشاورية مع عدة مجموعات. المجموعة الاولى هي المنظمات الغير حكومية التطوعية العالمية، فقد كان لها دور في عملية السلام. وإجتماعات أخرى مع المجتمع المدني، بالإضافة للقيادات الدينية. كما سيأتي دور الاحزاب ايضاً بهدف الخروج ببرنامج موحد. وفي 18 ابريل حينما يفتتح الرئيس المؤتمر سيكون الجميع على علم بما نستهدفه. وانا كنائب لرئيس الحزب أقول بأننا سنسير في هذا الإتجاه. هل صحيح أنك بادرت بالإعتذار لمجتمع بور كبادرة أولى منك نحو تحقيق المصالحة بين مكونات الوطن الواحد؟ نعم قدمت الإعتذار في ندوة كبيرة بمنزل الدكتور جون قرنق دي مبيور، وقلت أننا لا نريد مجتمعات تعيش في الماضي، وأن الذي حدث اثناء الحرب عندما إنشقت الحركة الشعبية لم يكن إنشقاقا سياسياً. حدث إصطدام دموي تأثرت به منطقة بور، لذلك كان علي كإنسان مسؤول في الإنشقاق أن اعترف بذلك. الإعتراف بالموت والنهب الذي حدث ونزوح العديد من المواطنين، اذا لم اعترف بذلك اثناء الإنشقاق فانا اعترف به لأنها الحقيقة. لذلك قلت لهم يا اخوانا اعفوني من ذلك لأنه حصل بدون تخطيط، لم يكن امراً مخططاً، فعلاً كانت لدينا إختلافات في الحركة الشعبية، التي انقسمت إلى اثنين وحدث صدام، وانتم اصبحتم ضحايا، ومن جانبي انا أعتذر، وإن لم نفعل ذلك ولم نعتذر فلن نذهب إلى الأمام. هنالك شكوك بشأن خطوتك نحو الإعتذار، فالبعض يرى أنك تريد أن تحقق عبره إنجازات سياسية كيف ترد؟ انا إعتذرت في يوم 8 اغسطس 2011م، كيف يكون بهدف الطموح السياسي. اريد أن يكون المجتمع متوحدا، وقبيلة الدينكا بور جزء من المجتمع بولاية جونقلي. وكي تستطيع حكومة الولاية تقديم الخدمات والقيام بالتنمية في هذه الولاية نحن نريد الوحدة. إن لم تقم وحدة فهذا يعني أن الثقة ستكون منعدمة بين الجميع. على الجميع أن يصفي الماضي، ولكي تصفي الماضي عليك أن تتحدث صراحة بما حصل، من يستطيع ذلك؟ انا لدي مسؤولية في ذلك، وانا رجل مسؤول لا استطيع الهروب من المسؤولية. نريد أن نبدأ في الدولة الجديدة بروح المسؤولية، على الرجل المسؤول أن يعترف بذلك، واذا ظللنا نعيش في إستنكار لن نستطيع التقدم. أقول ذلك ليس بسبب طموحات مستقبلية خاصة، ولكن كي يتوحد هذا الوطن، وأنت تعلم كيف يعيش الناس في جوبا. نحن دولة تحتضن قبائل كثيرة، وبهذه التعددية يمكن أن نخلق دولة قوية من حيث التعددية الثقافية في إفريقيا، ولكي تخلق هذه الدولة يجب أن تتصاهر المجموعات بحيث تتوفر الثقة بين الشخص القادم من يامبيو وبانتيو. قلنا للناس أن القانون الذي يحمي المواطن من النوير في منطقته يحمي نفس هذا المواطن في منطقة الدينكا والشلك والعكس صحيح. هل انت راضي عن أداء حزبكم الحاكم في إدارة البلاد؟ طبعا لدينا سلبيات موجودة، وكنت من القادة الذين تم أرسالهم للقواعد في الولايات، حيث ذهبت لولاية البحيرات مقدماً الشكر للجماهير على دعمهم للحركة الشعبية منذ 1983م حتى إستقلال جنوب السودان، لنستمع لهم، هل إستطعنا تلبية تطلعاتهم؟ ما الذي يريدون من الحزب الحاكم ان يقوم به في الفترة القادمة؟ وجدنا هنالك خيبة امل، فطموحات مواطنينا بعد السلام والإستقلال كبيرة. يريدون أن نجعل من وطننا دولة حديثة في وقت قصير، وهي طموحات جيدة، فهم يريدون أن يروا دبي في جوبا خلال عشرين عاماً لتصبح دولة مختلفة، ولديهم كل الحق في رغبتهم تطوير البلاد بسرعة شديدة، وانا معهم. لماذا تخرج العديد من الشائعات، ولمرات متكررة تقول بأنك تخطط لإنقلاب؟ لماذا انا، (والله انا ما عارف)، يستحسن أن تطرحوا هذا السؤال لمن يروجون هذه الشائعات. انا نائب الرئيس، فلماذا يكون هناك انقلاب. اولاً لا يمكن ان يحدث إنقلاب في هذه الدولة، فهي مؤسسة على نمط ديمقراطي جاء بناءً على ممارسة حق تقرير المصير، وقد كنتُ من الذين قاتلوا حتى يتمتع جنوب السودان بحق تقرير المصير، الذي كان أحد اسباب إنشقاق الحركة الشعبية. لذلك أقول للذين يروجون مثل هذه الشائعات هل يقود الإنقلاب شخص واحد (قالها ضاحكا ثم واصل): اناس كثر بإمكانهم التخطيط لإنقلاب. انا عادة حتى داخل الحكومة أقول آرائي بصراحة، ربما من يسمعونني اتحدث داخل الحزب هم الذين يطلقون هذه الشائعات. أحصيت تلك الشائعات وجدتها بلغت تسعة مرات، بينما أخبرني شخص بأن حسابي، وان العدد 15 (قالها ضاحكا). ما هي الآراء الصريحة التي تقولها سواء في الحزب او داخل الحكومة؟ كيف يمكننا تنيفذ برامجنا كحزب، وكيف لنا كحكومة أن نعمل ، انا اتحدث عن برامجنا. وماذا كان رأيك في قرار وقف إنتاج النفط؟ القرار سليم، وربما أن لي روح طويلة في التفاوض، أي أمنح التفاوض فترة زمنية. قرار وقف إنتاج النفط كان صحيحاً لأننا لم نكن نعرف كم ننتج من براميل النفط، وأكتشفنا العديد من الأشياء بعد قرار وقف أنتاج النفط، وأعتقد اذا قمنا بتنفيذ الإتفاقيات التي تم إبرامها في سبتمبر من العام الماضي فإن الوضع سيكون أفضل، وانا أعتقد أن الجماعة في الخرطوم سيحترموننا أكثر. هل صحيح أنك تفكر في رئاسة الجمهورية، او بصيغة اخرى هل نتوقع أن يرشح الدكتور ريك مشار نفسه للرئاسة؟ اذا رشحنى الحزب فلن أرفض، لأن هذا سيكون قرار الحزب. انا حزبي هو الحركة الشعبية وسأترك القرار للحزب. هنالك حديث وسط قواعد الحزب أن لديك تكتل كبير داخل التنظيم، ترغب من خلاله أن تجني العديد من الثمار خلال المؤتمر العام للحزب؟ الأحزاب تعمل بالتكتلات، هذا هو نمط الأحزاب عالمياً، وهي الطريقة الوحيدة لمعرفة مواقف الجميع. مثلاً تسأل فلان حول رأيه بخصوص موضوع معين، والذين يلتقوا في الآراء يذهبون في نفس الخط في الموضوع المعين، وغدا يختلفوا وهم موجودن داخل الحزب الواحد. لا أعتقد بأن لدي كتلة معينة داخل الحزب، وأعتبر أن كل عضوية الحركة الشعبية رفاق، ربما أختلف مع البعض في موضوع وأتفق معهم في موضوع اخر. علمنا أن الحركة الشعبية لن تحاسب في كل ما حدث خلال الفترة الانتقالية؟ مقاطعا: نحن لم نقل بأنه لا يمكن محاسبتها "ضاحكا". لم أقصد المحاسبة، أريد أن أعلم ما هي إسترايجية الحزب الإقتصادية في النهوض بتنمية البلاد خلال الفترة القادمة؟ لدينا رؤية الحكومة موجودة في ورقة إسمها رؤية الحكومة للعام 2040م، نريد في عام 2040م أن تصبح هذه البلاد تحيا في سلام وعدالة، وأن تكون متطورة حتى تصل مرحلة الرفاهية، "دولة كل واحد فيها فرحان، دولة البهجة هذا ما نريده". " وضحك " قائلاً نريد أن يحدث هذا في العام 2040م. ترجمنا هذه الرؤية إلى إستراتيجية في تنمية جنوب السودان من النواحي الإجتماعية والإقتصادية والأمنية والدولية من حيث علاقاتنا مع الدول الأخرى. نرغب بقدر الإمكان ونحاول إستقطاب مباشر لجنوب السودان في كل القطاعات، تبدأ من الإستثمار والفندقة والسياحة، والزراعة والصناعة والتنقيب، وكل المجالات الإقتصادية الموجودة. نحن في حوار مستمر مع الرأسمال، وتعلم أنه بدون قطاع خاص إستثماري اجنبي -لأن الموارد التي لدينا شحيحة- لا نستطيع أن نشيد الطرق والمطار الدولي.أرى ان هذا البلد بإمكانه أن يكتفي ذاتياً من الزراعة بدل الإعتماد على الآخرين. لدينا موارد زراعية ضخمة يمكن إستغلالها، بالإضافة إلى الثروة الحيوانية الكبيرة، والمعدنية. علينا أن نربط هذا البلد بجيرانه في كل الجهات، بالطرق البرية والسكك الحديدية، كما يحب أن نمتلك في فترة حكمنا مطار دولي، يمكن للشخص عبره أن يسافر مباشرة إلى امريكا الشمالية واللاتينية واسيا. لذلك نريد أن ننشئ مطار تالي الدولي ليكون أكبر مطار، ينافس مطار القاهرة وجوهانسبيرج. وما يميزنا أننا نحتل مكاناً وسطاً وعلينا إستغلاله لنستثمر في هذه الدولة. يقال انك إبّان ترأسك جنوب السودان اللجنة التنفيذية السياسية العليا مع على عثمان محمد طه، كنتم تصلون لإتفاق طويل خلال فترة قصيرة، لا تواجهكم أي متاريس. هنالك بعض الأراء تنادي بضرورة عودتك لرئلسة طاولة التفاوض مع الخرطوم مجدداً. في ظل تلك المطالب ما هو تقييمك لأداء الفريق المفاوض، وهل نتوقع عودتك لطاولة التفاوض؟ أعتقد أن لجنتنا التفاوضية عملت ما عليها، وأوصلت عملية التفاوض إلى حدها. ليس ضمن مسؤولياتهم تنفيذ هذه الإتفاقيات، يجب علينا أن نخلق آلية لتنفيذ هذه الإتفاقية، وهذه الآلية تشرف عليها قمة الدولة، سواء كانت برئاسة الرئيسين او نوابهما. أظن أن هذا ما يجب علينا فعله، او لا يكون هناك تنفيذ لهذه الإتفاقيات. بالنسبة لي، ليس من عمل الرئيسين أن يتفاوضا، فهذا غير مجدي، عمل الرئيسان أن يبرما الإتفاقيات، التي يكون الجميع قد شرع في عملها، بعد ذلك يمكنهما أن يكونوا شهودا عليها. التنفيذ يكون مختلف، فأحيانا اثناء التنفيذ يكون هناك تفاوض، وهذه تجربتنا خلال إنفاذ إتفاقية نيفاشا. كما ذكرت اجرينا مفاوضات كثيرة سواء حول القوانين وصياغتها. عموما الحركة الشعبية والحكومة ستقرر ما يجب فعله بعد قرار لجنة السلم والأمن الإفريقي. لقد إطلعت على قرارات المجلس ويجب علينا أن نجلس لنرسم خطة إستراتيجية لندفع علاقاتنا مع الخرطوم إلى الأمام. كان هنالك حديث حول قائمة تضم 75 مسؤولاً يشتبه في أنهم فاسدون، وأن الرئيس قد أرسل خطابات اليهم بهذا الشأن. نريد أن نعرف هل وصلك هذا الخطاب؟ تساءل سريعاً: انا قلنا نعم؟ لا لم يصلني هذا الخطاب، لكني أريد تصحيح امر، الرئيس لم يسحب الخطاب. ولكن يقال بأنه تراجع؟ تساءل: في أي منبر؟ اثناء خطابه في المجلس التشريعي القومي؟ ما يجب علينا فعله هو كيفية معالجة قضية الفساد، لا اقول بأن الفساد غير موجود، نعم موجود في الحكومة، وعلينا أن نبحث في أي مواقع او مناحي يوجد الفساد، ونقوم بتحقيق سواء في العقودات. وقد قمنا عبر شركة دولية بواسطة البنك الدولي بإجراء تحقيق حول عقودات الذرة، تقريبا شبه إنتهى. وطلبنا مساعدتهم في العقودات التي أجريناها مع الشركات الخاصة منذ العام 2006م إلى اليوم الذي حرر فيه الرئيس خطاباته، لكي نثبت اولاً أن هنالك أربعة مليار مفقودة، ام أن الرقم يزيد عن ذلك. كان يقال أن نصف الأربعة مليار موجودة في عقودات الذرة، ووجدنا أن الحكومة دفعت أقل من 500 مليون في هذه العقودات، بعضها صحيحة والأخرى فاسدة. لكنها اقل من 500 مليون جنيه، لكن البعض يقول بأن نصف الأربعة مليار في العقودات غير موجودة. طبعا لا زلنا نعاني من مشكلة جمع الضرائب، ووزارة المالية بدأت منذ العام الماضي إجراءات جديدة وقامت بتدريب موظفيها، وخلال شهور سيتحسن الوضع. عندما تتحدث عن الفساد عليك أن تبحث من أين يأتي، في رأيي أن الفساد يأتي من خلال 3 مجالات، في العقودات الحكومية، وجمع الضرائب وفي الأراضي. اما في العمل المكتبي الذي ليس به عقودات فيأتي عبر التسيير المالي، لذا يجب أن تعلم كم أُنفق في شراء الشاي والقهوة، ولكن هذا أمر سهل الضبط. الفساد الكبير يأتي في العقودات وجمع الضرائب والأراضي، وفي الجزء الاخير نحن نعاني من نهب في الأراضي اثناء التوزيع، ايضا يمكن ضبطه لأنه عامل غير كبير. بالنسبة لي، هذا الموضوع كبير وقد شوه إسم الحكومة والدولة، أي وجود فساد. لكن حتى وإن لم يخرج التقرير النهائي الذي نعمل فيه، فأنا أعتقد ان هذا الرقم وهمي. تقرير المراجع العام ذكر أن مكتبك ومكتب الرئيس تجاوزا الميزانية المسموحة لهم، لماذا يحدث هذا الأمر في مكتبك؟ نعم ما ذكره المراجع العام بخصوص تجاوزات في ميزانية مكتبي صحيح، ولكن لماذا حدث ذلك. دعني اضرب لك مثل، اليوم وجهت بتكوين لجنة لزيارة مقاطعة البيبور، تكون مكونة من وزارات الداخلية والدفاع والأمن والولاية، وقد وجهت بتمكين اللجنة للذهاب إلى البيبور على الأقل لتطمين مواطنيها. هذا الأمر غير موجود في الميزانية، وعلى وزارة المالية أن تقوم بهذا الأمر. نحن لدينا مشاكل في رومبيك وقد إتفقت مع الحكام على المرور مرة أخرى في الحدود، وهذا غير موجود في الميزانية. هنالك برامج تأتي في المنتصف بعد إجازة الميزانية في مكتب الرئيس او مكتبي هنا، مثلا قابلت إتحاد الطلاب في دولتي كينيا ويوغندا، لدى إتحاد طلاب كينيا برنامج لمعرفة عدد الطلاب الجنوبيين الذين يدرسون بدولة كينيا منذ المرحلة الإبتدائية حتى الجامعة، هذا البرنامج لم يكن موجودا ضمن الميزانية التي وضعت لنا. كل هذه البرامج الطارئة لم تكن مضمنة في الميزانية. واحيانا تعقد مؤتمرات إضطرارية يجب عليك تقييمها لمصلحة الدولة، فمثلا مؤتمر المصالحة الوطنية والذي نحن بصدد القيام به، عندما بحثنا امر قيامه من غير ميزانية وجدنا أن الامر صعب، فقمنا بطرح الأمر على مجلس الوزراء، الذي بدوره رهن الأمر في الميزانية الجديدة. كل هذه عوامل في الدولة الجديدة حيث أن التخطيط لا يكون دقيقاً لدرجة أن تتحوط لها، فتأتي برامج إضطرارية تجبرك على أن تخاطب وزارة المالية للإنفقاق على هذا البرنامج الذي لم يكن موجودا. وحينما يأتي تقرير المراجع يقول بان هؤلاء تجاوزوا حد الميزانية الممنوحة لهم. نعلم أننا تجاوزنا الوقت الممنوح لنا، ولكن سنطرح لك هذا السؤال ذو الطابع الشخصي، إبّان حرب فانطاو أعلنت الخرطوم عن مصادرتها لمنزلك الكائن بالعاصمة السودانية، ما مصير المنزل الآن والأشخاص الذين أعتقلوا في ذلك الوقت؟ حقيقة (صمت وضحك) بعد جهاد عسير طبعا، بعد أن اعتقلوا من كانوا في المنزل ووضعهم في سجن كوبر، واجروا معهم تحقيق. كان لدي حرس واحد والبقية كانوا في المنزل، وأغلبهم طلبة، وبعد ثلاثة أشهر أطلقوا سراحهم، وسألناهم عن مصير المنزل بعد أن شلعوه وأخذوا الأبواب وكل شئ فيه. واخيرا اخطروا السفارة بإن عليهم إستلام المنزل. وعندها سألناهم عن الأسباب، وعن الوثائق التي وجدوها، هل وجدوا فيها خريطة الهجوم على هجليج "ضاحكا بصوتا عاليا". شكراً جزيلاً سعادة نائب الرئيس. شكرا جزيلا وخالص التوفيق لكم. نقلا عن صحيفة المصير التى تصدر في جمهورية جنوب السودان