إسطنبول - مي دودين - لا زال المستثمرون يعزفون عن الاستثمار في مصر ولا زال السائحون زاهدين في المجيء إليها ولا تزال هناك قلاقل في مصر التي تمر بأزمة اقتصادية بعد عامين من الثورة التي أسقطت حسني مبارك بعد عقود في الحكم. ويسعى صندوق النقد الدولي الى مساعدة مصر الآن من خلال منحها قرضا بقيمة 8ر4 مليارات دولار ، حيث تشهد القاهرة حاليا مفاوضات بين بعثة من الصندوق ومسئولين مصريين. ولكن مصر تواجه مطالب بإتخاذ اجراءات تقشف حادة كشرط لموافقة الصندوق على تقديم هذا القرض وهو ما تخشاه القيادة الإسلامية في مصر. تراجعت موارد مصر بشكل خاص من الاستثمارات الأجنبية المباشرة منذ اندلاع الربيع العربي، ففي حين بلغت هذه الاستثمارات عامي 2009 و 2010 إجمالا 8ر6 مليارات دولار تراجعت هذه الاستثمارات عامي 2011 و 2012 إجمالا الى 8ر1 مليار دولار. وقال راينر هيريت، المدير التنفيذي لغرفة التجارة الألمانية المصرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ):"إذا كان المصريون أنفسهم لا يستثمرون (في بلادهم) فمن الصعب جذب الاستثمارات الأجنبية". ويتردد المستثمرون فى ضخ اموالهم الى مصر بسبب تزايد معدل الجريمة وعدم وضوح الأطر القانونية. وأشار هيريت إلى الدستور المصري الجديد قائلا:"بعض مواد الدستور تدل على أن الدولة تعتزم القيام بدور جوهري في التخطيط الاقتصادي مستقبلا". ومن غير الواضح ما تعنيه هذه الدلالة بالتحديد. وأكد هيريت أنه "طالما أنه لا يوجد برلمان يتخذ مثل هذه القرارات فلن يتغير شيء في الوضع الحالي". وقد تأجل اجراء الانتخابات البرلمانية عن موعده المقرر في مطلع نيسان/أبريل الجاري باحكام قضائية وذلك بسبب أخطاء إجرائية وبسبب رفض المعارضة هذه الانتخابات. تسعى القيادة المصرية لاستخدام قرض صندوق النقد الدولي لتسيير أحوال مصر حيث تمثل مرتبات العاملين التى تتحملها الحكومة المصرية ودعم الطاقة والسلع الغذائية نحو نصف النفقات العامة، في الوقت الذي يعيش فيه نحو خمس المصريين تحت خط الفقر ، ويعتمد الكثير من المصريين على رغيف الخبز الحكومي المدعم. ويرى المراقبون ان صندوق النقد الدولى يشترط على حكومة الرئيس المصري محمد مرسي تقليص الدعم الموجه الى الدعم. فى مواجهة ذلك تعتزم الحكومة تقليص الدعم ، وعلى سبيل المثال خفض الدعم الحكومى لاستهلاك المواطن اليومي من وقود السيارات الخاصة الى خمسة لترات يوميا على ان يتحمل المواطن نفقات شراء ما يزيد على هذه الكمية بسعر السوق. ومن المنتظر تطبيق هذه الخطة بعد الانتخابات البرلمانية خشية حدوث قلاقل في مصر التى تعيش حالة مضطربة بالفعل ، وخوفا من تراجع شعبية الإخوان المسلمين التي يتنمي اليها الرئيس مرسي. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان صندوق النقد الدولي سيسمح بذلك. ويأمل الرئيس المصري في طمأنة المصريين من خلال ضخ استثمارات في التعليم والصحة والبنية التحتية لتهدئة الشارع المصري. ويزداد السخط الشعبي على القيادة السياسية في المناطق الريفية بشكل خاص بسبب ارتفاع نسبة حوادث القطارات والمواصلات بشكل خاص بسبب تردي حالة خطوط السكك الحديدية والطرق البرية الاخرى. وأدى خبر إصابة أكثر من 500 طالب بإحدى المدن الجامعية التابعة لجامعة الأزهر بحالات تسمم غذائي إلى حالة من الاستياء الشعبي على نطاق واسع ، وقام الرئيس مرسي بزيارة المصابين فى المستشفى تأكيدا على اهتمامه ورعايته لهم.