في هذه الحلقة من وقفتي مع الدراسة القيمة التي قدمها صديقي الاستاذ محمد الشيخ مدني حول احتياجات الكرة السودانية في المرحلة القادمة حتى ترتفع تطلعات انديتنا لرفع راية السودان في المحاقل الاقليمية والقارية والدولية بدلاً من الهرج والفرح الزائف بالبطولات المحلية فانني اواصل طرح بعض الاساسيات التي لابد من وضعها في الاعتبار لتحقق ما نادى الاخ (ابوالقوانين) ولعل ما اتناوله في هذه الحلقة يعتبر الاهم في هذه القضية. ويالها من مفارقة اذا كانت الاندية العامل الاساسي في تحقيق هذه الانجازات التي تطلع اليها الاستاذ ولا شك ان كل السودانيين يتطلعون اليها من زمن طويل لغياب السودان.. المفارقة ان البطولات التي تهيمن على ثقافتنا الرياضية فان هذا الطموح نفسه قاصر على ناديين فقط يحتكران هذه البطولة بفارق كبير عن بقية الاندية فان كل انديتنا باستثناء القمة يقف طموحها اولا في البقاء في الدرجة الممتازة لهذا فاننا نلعب دوري خاص يحق علينا ان نطلق عليه (دوري الهروب من الهبوط) ومن يضمن ويحقق هذا الهروب يرتفع بطموحاته ليحتل احد الموقعين الثالث والرابع ليمثل السودان في الكونفدرالية بعد ان ارتفعت نسبة تمثيل السودان لأربعة اندية وهي نفسها مشوار قصير الاجل شأنه شأن منافسات القمة (فكلهم في النهاية في الملعب عابرون) الا من حالة شاذة حققها نادي المريخ لانديتنا في تاريخها الاطول من كل اندية افريقيا والهلال الذي وصل لنهائى البطولة الكبرى مرتين وهي نتائج طواها التاريخ لربع قرن واكثر الامر الثانى واللافت هنا علميا بالرغم من اننا نتجاهله وغير معنيين به ان ما تحققه او حققته انديتنا خارجيا ارتبط بثلاث مراحل : اولها انه شكل نسبيا بعض الاندية التي انفردت بتحقيق ننتائج ايجابية بالرغم من قلة عدد هذه الاندية لهذا كانت المرحلة الاولى ظهورا مشرفا في الملعب بالرغم من تواضع النتيجة الا اننا يمكن ان نقول ان الكرة السودانية كانت متكافئة مع الكرة المصرية وشمال افريقيا والسبب في ذلك ان كل اندية تلك المرحلة لم تكن تعرف التخطيط العلمي للكرة وانما تعتمد على الموهبة بالفطرة التي يتميز بها لاعبو تلك المرحلة ولم يكن للتخطيط والتدريب وحسن التوظيف للامكانات المادية والفنية لم يكن له مكان في العقلية الرياضية. وكان من الطبيعي ان ينعكس ذلك على المنتخب الوطنى لان قوام هذا المنتخب كما ذكر الاخ محمد الشيخ في دراسته الأندية التي تصنع المنتخب وتوجت تلك المرحلة بتحقيق السودان لبطولة الامم الافريقية عام 70 وهى البطولة الوحيدة في تاريخ السودان والتأهل لاولمبياد ميونخ 1972 تلك المرحلة التي قدمت لاعبين مميزين دوليا لايسع المجال لحصرهم.وان قصرت ذكرهم على الكباتن عمر التوم ومحمد الزبير وعلي سيد احمد من الموردة والكباتن امين زكي والدحيش وعلي قاقارين من الهلال والدكتور كمال عبد الوهاب وبشارة وسانتو ومن المريخ جيمس واحمد عدلان والمفك من التحرير وحسبو الكبير والصغير والنور عبدالقادر من بري ونجم الدين وشرف ومحمد عابدين من النيل وهكذا كان نجوم اندية الدرجة الاولى في تلك المرحلة ومثلهم من.الاقاليم التي قدمت كوكبة من النجوم بصفة خاصة مدني التي قدمت حموري الكبير وسيد سليم والباقر وسانتو الكبير وسمير. تلك اذن مرحلة كانت انديتنا متكافئة نسبيا مع اندية تلك المرحلة في افريقيا بصفة مصر لهذا يبدو الفارق كبيرا بين انديتنا ومستويات تلك الفترة والسبب في ذلك ان تلك المرحلة لم تكن تعتمد على الامكانات المادية وعلى توفر الفنيات من تدريبي عالي المستوى. المرحلة الثانية ويمكن ان اسميها المرحلة الانتقالية او مرحلة الوسط حيث ان الكرة الافريقية استلهاما من الكرة الاوربية التي تقوم على العلم والامكانات والكفاءات الفنية العالية في التدريب وفي ذات الوقت تعتمد على مواهب اللاعبين وقدراتهم العالية لهذا كانت مرحلة وسط جمعت بين عامل الاعداد العلمي وعلى موهبة اللاعبين وما ميز تلك المرحلة انها كانت خلطة مميزة بين المرحلتين الاولى والثانية حيث ان عدد مميز من لاعبي الجيل الاسبق واصلوا مشوارهم لفترة ليست قصيرة في المرحلة الثانية كما العائد المادي والاعداد الفني المميز و لم يتطور ليصبح وحده العامل المميز لهذا شهدت هذه الفترة تاهل السودان لكاس العالم للشباب 1991ايطاليا وهي الفترة التي شهدت يومها من شباب اللاعبين ما نسميهم بجيل مصطفى النقر ورحمة الله عليه سامي عزالدين وكانت اغلبيتهم نتاج الدورة المدرسية واهتمام الاندية بالناشئين والشباب وهذه المرحلة نفسها التي شهدت فوز المريخ بالبطولة الافريقية الوحيدة ان كانت من الدرجة الثانية وتاهل الهلال لنهائي البطولة الكبرى مرتين . وتبقى امامنا المرحلة الثالثة وهي المرحلة الحالية التي يستوجب علينا ان ندرس واقعها بعناية لأن الكارثة الحقيقية حلت بنا لما اصبح التخطيط والعلم والامكانات المادية المتوفرة والموظفة توظيفاً صحيحا وما صاحبها من حاجة كفاءات ادارية رفيعة المستوى واعلام رياضي مؤهل لدعم التطور وليس هادما له