* ومن رحم العباسية أيضًا ولد شاعرنا والدبلوماسي المبدع صلاح أحمد أبراهيم والذي تخرج فيجامعة الخرطوم كلية الآداب. وينتمي إلى أسرة ذات باع طويل في السياسة حيث كانت أخته فاطمة أحمد إبراهيم أول امرأة منتخبة برلمانيًا في إفريقيا والشرق الأوسط . * انتمى في بداياته الفكرية إلى الحزب الشيوعي السوداني ثم فصل بعدها على خلفية صراع بينه وبين سكرتير الحزب وقتها عبد الخالق محجوب. * عمل صلاح أحمد إبراهيم أستاذاً في جامعةاكرا، بغانا كما عمل بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية السودانية وانتدب للعمل في المندوبية الدائمة السودان لدى الأممالمتحدة * وتقلد منصبسفير السودان لدى الجزائر وترك المنصب احتجاجًا على سياسة نظام الرئيس السوداني جعفر النميري، ومن ثم العاصمة الفرنسية باريس وكتب لعدة صحف ومجلات تصدر بفرنسا…ثم عمل خبيراً ومستشاراً لدى سفارة دولة قطر في باريس. * يعد صلاح أحمد إبراهيم واحدًا من الأدباء السودانيين والعرب الذين قاموا بتوظيف الرموز الأسطورية في بناء القصيدة للتعبير عن أفكار ومعان ورؤى بطريقة غير مألوفة في الأدب العربي. وهو بذلك يحسب ضمنجماعة الديوان مثل بدر شاكر السياب و عبد الوهاب البياتي و علي أحمد سعيد الملّقب أدونيس ( * .واتسمت اشعاره بالأفكار القطعية القوية. كما يعد من جماعةأبولو الشعرية . وكان صلاح من أكثر الشعراء العرب استخدامًا للميثولوجيا الإغريقية ويتجلى ذلك في قصيدته «مَرِيّا». يقول فيها:…..ليت لي إزميل فيدياس وروحًا عبقرية وأمامي تل مرمر لنحت الفتنة الهوجاء في مقاييسك تمثالًا مكبرًا…. ويقول أيضاً: ليتني في قمَّةِ الأولمب جالس وحواليَّ العرائس… وأنا في ذُروة الإلهام بين المُلهماتْ أحتسي خمرةَ باخوس النقيَّة * ألَّف صلاح أحمد إبراهيم عددًا من دواوين الشعر منها: غابة الأبنوس في عام1959 م….غضبة الهبباي….. توفي صلاح أحمد إبراهيم في 17 مايو / أيار 1993م. * لقد تساقطت أوراق غابة الأبنوس. من بعد رحيلك.وغشيها الجفاف. والمحاق.. وتداعت أغصانها.. وأصابها الجفاف والتصحر… ولفها ليل الشجون… وانكسرت غضبة الهبباى .. صمت دوى هيجانها.. وتعلقت ذرات تراب رياحها فوق أجواء السماء… وبكت باميلا الحسناء على مشارف كوناكرى.. وتقرحت من مدامعها أصداء الصباح… واندلقت خمر باخوس الندية.. سقت أديم الأرض .وبللت الثرى.. ثم خرير كل تلك الدموع وهي تسكب على فقدك العظيم….. أين أنت اليوم .يا مريا…؟؟ * فلقد سقط ..إزميل فدياس من أنامل من نحت تلك الفتنة الهوجاء… ولن تعد تهف بك العرائس… وانفض السامر والسمار… رحل ذلك الشاعر الذي سكب شجو شجونه.. وغزل به ملامح الجمال على صبايا صباحات الكون …ليرحمك الله أيها الفنان الشاعر …صلاح أحمد إبراهيم.. * صلاح لم يكن إنسانًا عاديًا كان استثنائيًا في كل شيء.. حتى في خلافه الفكرى… وهو شاعر متمكن ومبدع لا يشق له غبار. قد منح من وجدانه الكون والإحساس كل تلك الإفاضة ومجمل العطاء.. فصدح وغرد ونسج الروائع…. وشكل حقبة من زمن وعطاء. * ليرحمه الله.. وزمن الفراق بينه وبين علي المك لم يتعدى ستة أشهر.. حيث سرت والتقت روحيمها. فعلي كان توأم الروح لصلاح.. وقد قال في رثاء علي المك مدينته الآدمية مجبولة من تراب… ولا تبلغ المدن العسجدية مقدارها…. فهذه المدينة التي رحلت مجبولة من تراب ولكن مكانتها تعجز أن تبلغها المدن العسجدية!!! * تغنى ذلك الصلاح في غابة أبنوسه لمريا وتمنى أن عاش سحر الرومانس فوق قمة الأولمب وحوله من عرائس الحور الحسان يحتسي من معتق باخوس حتى يتداعى من خدره…وتغنى كذلك مجروحًا كهابيل من فعل أخيه قابيل * هذا الشاعر الأسطوره الذي ارتبط شعره بأديم أرض السودان..وذرى كل ذلك الوجد المقيم..للوطن. وللخصوصية في أم درمان وللخصوصية الأكبر في العباسية المنشأ والمربط.. تلك الرقعه التي احتلت في وجدان صلاح مسافات المسارات… * صلاح ذلك الشاعر المسكون بالجمال والروعة..وهو يبعثر إبداع كلماته التي تعبر إلى دواخل الإحساس بكل ذلك الصدق والمعنى..وهو يزرع مساحات التفاؤل والأمل.. ويصور الحياه بكل ذلك الرونق البهي… ولعلك قد أشرت بإمكانية الأديب المطلع والدارس لشعر الرجل الشاعر الفنان.. العزيز منصور. * الحديث يطول حول صلاح أحمد إبراهيم… ودنان إبداعه الشعري..وهو يمثل حميمية الانتماء ..العميق. للأرض والوطن,, ويمثل قوافي كل ذلك الجمال الذي يحلق بالأرواح عبر أجنحة كل ذلك العطاء الباذخ. من مذاق عذب الشعر… نسأل له الرحمة والمغفرة. فهو مجرة زمان لا تقفل..