* فقد السودان بالأمس واحداً من أخلص رجاله، برحيل سعادة اللواء خالد حسن عباس إلى الدار الآخرة راضياً مرضياً بإذن الله، بعد عمرٍ طويل احتشد بجلائل الأعمال. * تولى سعادة اللواء خالد رحمة الله عليه مناصب كبيرة ومرموقة، وعمل قائداً عاماً للقوات المسلحة، ونائباً للرئيس، ووزيراً للصحة والنقل إبان فترة حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري رحمة الله عليه. * كما عمل رئيساً لنادي المريخ في السبعينات، ونائباً للرئيس في التسعينات، وكان من بناة نهضة المريخ، إذ شهد عهده إنجازات تاريخية، من أبرزها بناء النادي الحالي للمريخ. * عرفت سعادة اللواء خالد وعايشته عن كثب في التسعينات، وخبرت معدنه النقي، وأشهد أنه كان يتمتع بجَلَد الفرسان، وأخلاق الملوك. * يكفيه نبلاً أنه فارق زخم السلطة وزخرفها فقيراً إلا من مبادئه السمحة، ونزاهة مثلت أغلى كنوز الدنيا بالنسبة له. * خلال الفترة التي عمل فيها نائباً لرئيس المريخ اللواء ماهل أبو جنة (رد الله غربته) عانى فريق المريخ من حالة تراجع، جعلته يتعرض لخسائر متتالية أمام الهلال، فتقدم معظم أعضاء المجلس باستقالاتهم، وتوقفوا عن متابعة مباريات الفريق، ما عدا سعادة اللواء خالد حسن عباس، الذي أصر على متابعة الفريق عن كثب، وظل يتحمل هتافات المنفلتين وسخط الثائرين من داخل الإستاد بشجاعة يحسد عليها. * استمر في عمله واجتهد لتحسين مستوى الفريق حتى أفلح في إنزال أشهر هزيمتين بالهلال في مباراتي السبتين الشهيرتين، وعندما استقام وضع الفريق وظفر بالدوري والكأس هجر المجلس. * ابتعد خالد رحمة الله عليه عن العمل الإداري لكنه لم يترك المريخ مطلقاً، وتحول إلى حمامة سلام تجمع المتخاصمين، وتهدئ النفوس، وتوحد الصفوف، مثلما فعل على أيام الخلاف الشهير بين الأخوين جمال الوالي وحسن عبد السلام، حينما قاد لجنة لرأب الصدع وأفلح في تهدئة الخواطر بحكمة غير مستغربة فيه. * قبل فترة استضافني الزميل الأستاذ حسين خوجلي في واحدة من سهراته الجميلة (مطر الألوان) برفقة الدكتور عمر النقي لاعب الهلال السابق، والأستاذ مجدي شمس الدين، أمين عام الاتحاد السوداني لكرة القدم، وسألني حسين: لمن تهدي الحلقة؟ فأجبته من دون تردد: لسعادة اللواء خالد حسن عباس، من باب الوفاء لمن أجزل العطاء. * تكاثرت الأوجاع والآلام على الصفوة، وتكسرت النصال على النصال. * فقدنا خلال الأعوام الأخيرة ثلة من أقوى وأكثر رجالات المريخ عشقاً للمريخ. * ودعنا العمدة الفاتح المقبول بدموع الدم، ورحل القبطان حاج حسن عثمان مخلفاً في نفوس المريخاب وجعاً لا يفنى، وشيعنا زعيم مريخاب الخرطوم الحاج محمد علي أبو راس بحزنٍ دافق. * قبلهم فقدنا حكيم المريخ حسن محمد عبد الله، ورئيس الرؤساء مهدي الفكي، وجنرال المريخ فيصل محمد عبد الله، وودعنا المهندس عبد العزيز عبد الرحمن وبوب وصديق العمدة وعز الدين الربيع وأدهم علي ودلدوم وصلاح سعيد وعبد المجيد عبد الرازق، وآخرين لن ننساهم، رحمة الله عليهم أجمعين. * دموعنا تأبى أن تنحسر. * وآلامنا تتجدد لتنزف دماً أحمراً بلون المريخ الموجوع بفقد قادته وأبنائه الميامين. * نبتهل للمولى عز وجل أن يدخلهم مدخل صدقٍ عند مليك مقتدر، وأن ينزل على قبورهم شآبيب رحمته، ونناشد فرسان الزعيم أن يجتهدوا للظفر بلقب دوري أبطال إفريقيا لنهديه لراحلين بذلوا أجمل سنواتهم في خدمة أروع كيان. * خلدوا ذكراهم بلقب جديد وإنجاز فريد، يشبه المريخ ويليق بمن شدوا الرحال عنا، وتركوا لنا الألم والدموع. * غداً سيقف لاعبو المريخ دقيقة حزن على روح سعادة اللواء خالد، وسيرتدون شارات الحزن السوداء على زنودهم الفتية. * نرجوهم أن ينتصروا ليخففوا عنا آلام الفقد الموجع. * يكفي سعادة اللواء خالد حسن عباس رحمة الله عليه تكريم قيادة الدولة له بحضور تشييعه، وحرص الرياضيين على أداء واجب العزاء في داره بحي الرياض. * الأهلة كانوا في مقدمة المشيعين، تكريماً لروح الفقيد، ومواساةً لابنه الذي عمل أميناً لخزينة نادي الهلال في عهد الرئيس السابق الأمين البرير. * اللهم تقبل خالد حسن عباس في عليين، وأحشره في زمرة النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، (إنا لله وإنا إليه راجعون). آخر الحقائق * انتقد الزميل مأمون أبو شيبة القرار الذي اتخذه الفرنسي غارزيتو وأبعد به اللاعب الغاني أوغستين أوكراه من بعثة الفريق المتجهة إلى الجزائر. * وصف مأمون القرار بالإقصائي، وذكر أنه تم بسبب رفض اللاعب مصافحة مدربه بعد نهاية المباراة، ووصف المخالفة بالبسيطة. * التمس العذر للاعب لأنه كان متأثراً بخسارة فريقه للمباراة، وقال إنها تمثل عقوبة للمريخ وليس اللاعب! * الحقيقة أن غارزيتو لم يخطئ في قراره، لأن أوكراه استحق عقوبة أغلظ وأشد. * لم يكتف الغاني برفض مصافحة مدربه الذي حرص على تحيته بعد استبداله، ومد يده له ومسح على رأسه، فرفض الأخير مبادلته التحية. * لم يكتف بذلك، بل تطاول عليه، ووجه إليه عبارات قاسية. * تطاول الغاني على مدربه تخطى الخطوط الحمراء. * أوكراه استحق أكثر من الإبعاد، لأن تطاوله على مدربه حدث أمام كل اللاعبين وأعضاء الجهاز الفني والإداري والطبي، وعلى مرأى من المشجعين في عطبرة، بدرجة جعلت بعض زملائه يعنفونه ويلومونه على سلوكه غير المهذب مع المدرب. * ذكرنا تلك التفاصيل لتوضيح الحقائق لجماهير المريخ، كي تدرك مسببات وحيثيات القرار الصارم الذي اتخذه غارزيتو. * صحيح أن أوكراه بادر بالاعتذار لمدربه لاحقاً، وأن الفرنسي قبل الاعتذار، وأعفى اللاعب من العقوبة المالية، وطلب منه أداء تدريباته بجدية، ووضع له برنامجاً خاصاً، كي يكون جاهزاً لمباراة الاتحاد، لكنه تمسك بقرار الإبعاد من رحلة الجزائر فرضاً للانضباط. * العقوبة مستحقة، ويجب على اللاعب أن يتقبلها ويصلح مساره ويتعلم كيفية احترام المدرب. * غارزيتو مدرب محترف، يدرك مخاطر التفريط في الهيبة، ومساوئ التساهل مع حالات الخروج عن الانضباط، لذلك أصر على سريان عقوبة الإبعاد، وألغى الغرامة المالية. * انضباط غارزيتو أحد أهم أسرار نجاحه. * أمس التقيت برئيس الهلال السابق الأمين البرير في عزاء فقيد الوطن والمريخ فأطنب في الإشادة بقدرات الفرنسي، وقال إنه يعرف كيف يجود عمله، وذكر أن غارزيتو عمل معه في ظرفٍ بالغ الصعوبة على أيام خلافه مع هيثم مصطفى، وأفلح في قيادة الهلال إلى نصف نهائي الكونفدرالية مرتين متتاليتين، وفاز ببطولة الدوري الممتاز بلا هزيمة، مع أنه عانى الأمرين من ترصد بعض الغاضبين عليه. * شهادة البرير في غارزيتو ليست مجروحة، لأنها صادرة من رئيس سابق للهلال، اختار غارزيتو لتدريب فريقه وأحسن الاختيار. * من قاد الهلال إلى نصف نهائي الكونفدرالية مرتين، وقاد مازيمبي للفوز بلقب دوري أبطال إفريقيا، وكأس السوبر الإفريقي، وأفلح في وضع المريخ على أعتاب نصف نهائي دوري الأبطال لأول مرة في تاريخه، وهزم فرقاً بقيمة عزام وكابوسكورب والترجي ووفاق سطيف لا تجوز محاسبته بالقطعة. * نحن مع غارزيتو ولو أبعد كل أساسيي المريخ. * ينبغي علينا أن نتعلم احترام رؤية المدرب، وألا نتدخل في طريقة إدارته لفريقه، خاصةً إذا كان ناجحاً وقادراً على تحقيق أفضل النتائج، وأرفع المستويات. * دعوا غارزيتو يعمل وينجز. * اليوم سيلتقي الوفاق مع اتحاد العاصمة بملعب الأول. * فوز الأول أو تعادله سيفتح الباب أمام المريخ لتصدر المجموعة. * وفوز اتحاد العاصمة سيعني تأهل المريخ قبل أن يخوض مباراتي العلمة والاتحاد. * لذلك سنتابع اللقاء بأعصاب هادئة. * شخصياً أتمنى فوز الوفاق، لينال المريخ فرصة تصدر المجموعة. * المريخاب (الرجافات) يتمنون فوز اتحاد العاصمة كي يتجنبوا شد الأعصاب. * كل النتائج معانا (باسطة)! * آخر خبر: الدور الباقي على المتوترين من احتمال تكرار رقصة كديابا في المعبرة!