توقيت غريب أن يتزامن تتويج حارس المريخ بنجومية لقاء المريخ مازيمبي والذي أجمعت أجهزة الإعلام أنه كان فارس اللقاء الذي أنقذ المريخ من هزيمة كبيرة والذي يراهن عليه المريخ في لقاء الإياب المصيري يتزامن هذا ولحظة عودته البعثة الخرطوم لتخرج الصحف في نفس التوقيت بقرار لجنة الانضباط بمعاقبة أكرم بالغرامة المالية وإنذاره بالإيقاف نعم من حق اللجنة أن تصدر العقاب على أكرم طالما أنه ارتكب مخالفة حسب القانون ولكن كان يتعين على اللجنة أن تحسن اختيار التوقيت وأن ترجئ الإعلان عن العقوبة حتى بعد لقاء الإياب أمام مازيمبى ناهيك عن أن تعلن اللاعب بالعقوبة في ذات التوقيت الذي تستقبل فيه جماهير الرياضة ابناً من أبنائها حقق نجومية المباراة أمام خصم في قامة مازيمبي والذي يحتاج لقاء الإياب أن نرفع من معنوياته ليكمل مشوار التألق في اللقاء المصيري لا أن يساعد الاتحاد على إحباطه نفسياً بإثارة العقوبة في توقيت لم يتحسبوا آثاره السالبة بالرغم من أن مبلغ الغرامة لا يعني شيئاً، فالمريخ كفيل بأن يدفع المبلغ نيابة عنه ولكن العلة في الأثر النفسي لتوقيت القرار ليقتل فيه فرحة التألق والنجومية التي حققها في مباراة تهم الدولة على المستوى الخارجي. على العموم هذه العقوبة تطرح موضوعاً مهماً وهي أن المسألة ليست في معاقبة اللاعب الذي نرفض أن يكون ما يتعرض إليه مبرراً لسلوكه ولكن من الجانب الآخر أن الاتحاد لابد أن يكون له موقف من الجانب الآخر من القضية وهو السلوك المشين من قبل بعض الجماهير والتي أصبح هذا اللاعب هدفاً من أهدافها بما يخرج عن حدود التشجيع والانتماء للأندية لأن للتشجيع حدود يجب ألا يخرج عنها حيث أن توجيه الإساءات الشخصية ليس من قيم الرياضة لهذا يتعين على الاتحاد أن يبسط رقابة مشددة على الخارجين عن النظام وأن يكون العقاب أشد وأكثر عنفاً فأكرم بشر شأنه وشأن أي لاعب إذا خرج الجمهور عن احترام الإنسان في شخصه فإن الرياضة تفقد أهم مضامينها ومعانيها وإذا كانت الفيفا أولت الاهتمام للعب النظيف وشددت العقوبات على اللاعب والإداري فإن الاتحاد لابد أن يكون صارماً في ردع التشجيع الذي يخرج عن الحدود حتى لو اقتضى الأمر تشديد الرقابة على السلوك الجماهيري وتوقيع أقسى العقوبات على المنفلتين وإلا أصبح الجمهور أداة لتحطيم المواهب لتنهزم فكرة البطولة المحلية من جذورها. أكرم واحد من المواهب المؤهلة لأن تعيد تاريخ أفضل حراس المرمى الذين عرفتهم الكرة السودانية وهو في بداية مشواره كان أولى بالعناية بصرف النظر لمن يلعب اليوم، فالتعامل مع حالته وغيره من المواهب في سنه لا تخضع لهذه المعايير الضيقة وبحكم السن فإن قدرة احتمال اللاعب في هذه السن ضعيفة لحداثة التجربة ولم تثبت أقدامهم بعد في الملاعب وما قلته هنا عن أكرم يمتد لكل اللاعبين في سنه لهذا لابد للاتحاد ألا يلعب دور الجلاد فقط وإنما يتحمل مسئوليته تجاه هذا الشباب فلو أن سلوك اللاعب كان تجاه خصم داخل الملعب أو حكم المباراة فهنا يستحق أقسى العقوبات ولكن عندما يكون السلوك ردة فعل تجاه الجمهور لخروجه عن حدود اللياقة بغرض الكسب الرخيص فإن هذا الأمر يجب أن يحظى بالاعتبار لدى اللجنة المعنية. أكرم من المواهب ذات القدرة العالية وهو في طور البداية وربما وجد نفسه في مواجهة مسئولية أكبر من عمره وهو ينتقل للصف الأول لأكبر الأندية السودانية قبل أن يتوفر له الإعداد الفني والنفسي فيه ظلم كبير له وتهديد بقتل موهبته ويا ليت المريخ يبعث به في فترة تدريبية تحت إشراف الكابتن سبت دودو ليصنع منه حارساً يعيد فترة العصر الذهبي التي تميزت بخيرة حراس المرمى وصدقوني لو أن أكرم وجد طريقه للاحتراف بدول الخليج أو عربياً فإنه سينطلق للاحتراف بكبرى أندية أوربا لأنه يومها لن يكون تحت الضغط النفسي وسيجد أمامه جمهوراً يحترم إنسانية اللاعب ولما أصبحت موهبته مهددة بمغادرة الملاعب احتراماً لنفسه لتكون خسارة البلد والكرة فيه أكبر. كلمة أخيرة لأكرم أقول له: ادخل الملعب وأنت لا تلتفت للجمهور واعتبر نفسك تلاعب فريقاً بلا جمهور ولا ترخِ أذنك أو عقلك خارج الملعب يومها ستشق طريقك لمستقبل كبير في كرة القدم فأنت تملك القدرة على صناعة نجم كبير ليس على مستوى السودان وإنما خارجه حيث تقدير اللاعب واحترام نسانيته بما يقدمه داخل الملعب.