أعود لما سبق وتناولته حول قضية الهلال التي ستضرب رقماً قياسياً في إشعال النيران في الوسط الرياضى داخلياً على مستوى القضاء السوداني والمنظمات الدولية فقد تعرضت في حلقة سابقة أن المفوضية تعمدت بالسيناريو الذي ابتدعته لنظر قضية الهلال عندما رتبت الأمر مع الوزارة الولائية لإعلان القرار في مؤتمر صحفي يتبعه إعلان الوزير حل مجلس الهلال الشرعى ليضع التحكيمية في موقف حرج كما قلت وهي تعلم أن قرارها إن رفضت قرار المفوضية إنما يعني في ذات الوقت تحرج السيد الوزير وتبينه متسرعاً ومخطئاً لأن قراره في هذه الحالة يبطل لإبطال التحكيم الحجة التي استند عليها بعدم شرعية المجلس لهذا لم أكن أتوقع من التحكيمية غير تجنب هذا الموقف بتأييد قرار المفوضية وهذا ما خطط له بذكاء. شخصياً كنت أرى أن الهلال كان يجب عليه التوجه مباشرة للمحكمة الإدارية لأنه أصبح قرار وزير وليس قرار مفوضية وليس التحكيمية لأنها لن تفعل غير ما فعلت تحت الظروف أو الكماشة التي وضعت فيها بسيناريو المؤتمر الصحفي وقرار الوزير وهذا ما حدث. التحكيمية لم تجد مخرجاً لها من هذا المازق إلا أن تؤيد قرار المفوضية بالرغم من أنها نفسها صاحبة قرار سابق في نفس النزاع بمكوناته وإن اختلف الإخراج. فالتحكيمية هي التي سبق ورفضت للمفوضية قرارها أنه إذا انخفض عدد أعضاء المجلس عن تسعة يفقد شرعيته وحكمت بأن يكمل عبر جمعية عمومية فما هو الجديد اليوم حتى لو رأت التحكيمية عدم أهلية على همشري لسد النقص فلماذا إذن لا تلتزم بقرارها السابق وتأمر بعقد جمعية عمومية عاجلة لملء المقعد الذي رفضت فيه علي همشري. ثم هل يبرر عدم وجود احتياطي أن يفقد المجلس شرعيته بالرغم من قرار التحكيمية السابق الذي ألزمت فيه المجلس بأن يعقد جمعية عمومية وأن يملأ المقاعد الشاغرة وقد فعل ويا لها من مفارقة ففي المقاعد التي تم انتخابها تكملة للمجلس مواقع ضباط والذين لم يكن لهم احتياطي, فكيف جاز للتحكيمية في الحالة الأولى أن ترفض قرار المفوضية وتأمر بعقد جمعية تسد النقص من دون وجود احتياطي واليوم تؤيد المفوضية لعدم وجود احتياطي هذا إذا اعتبرنا أن القرار نفسه حول همشري يتوافق والقانون. شخصياً كنت على ثقة أن هذا السيناريو سيتم بسمكرة التحكيمية لقرار المفوضية إلا أن البعد الأكبر في القضية أنها في حقيقتها نزاع بين الهلال والوزير أمام القضاء الإداري وطالما أن قرار حل مجلس الهلال تم إيقافه مؤقتاً من المحكمة الإدارية السلطة الأعلى والتي تلزم قراراتها الوزير فإن الوضع لابد أن يبقى على ما هو عليه حتى صدور حكم المحكمة النهائي في القرار ما لم يلجأ الوزير لخلق وضع جديد يزيد القضية تعقيداً استناداً على قرار التحكيمية ويعين لجنة تسيير بدلاً عن التصريف. وفي تقديري الخاص يبقى على التحكيمية أن تقدم أمام القضاء متى استدعاها الهلال كطرف لتدحض ما وقعت فيه من تناقض وهي تخالف قرارها السابق. الأمر الثاني تبقى قضية الهلال أمام المحكمة ساخنة لأن الوزير هو الذي أصدر قرار حل مجلس إدارة الهلال وقراره هنا مرهون بشروط معينة فهل تتوفر هذه الشروط حتى يحق له هو حل المجلس. حقيقة العدالة عندنا مشوبة بمفارقات غريبة: التحكيمية تبرر قرارها بأن علي همشري لم يطعن والسؤال في نفس الوقت من هو الذي طعن ضده حتى تسقط أهليته بحجة أنه غير مقيم. هل تعلم التحكيمية أنه عندما رفضت التحكيمية الاتحادية استئناف د. شداد والمحموعة ضد قرار التحكيمية بإلغاء فوزهم في الاتنخابات فإن الدستورية نقضت القرار بحجة أن التحكيمية كان عليها أن تستدعي من جانبها شداد ورفاقه كطرف معني بالقرار وتكفل حقهم في الدفاع عن حقهم واعتبرت عدم استدعائها لهم انتهاك لحق دستوري وعليه ألغت الدستورية قرار التحكيمية وعاد شداد ومجموعته لمجرد أن التحكيمية لم تستدعهم والآن التحكيمية تقصي مجلس الهلال لأن همشري لم يمثل أمامها فلماذا لم تستدعه هي طالما أنه حق دستوري (فهموناهل نحن تحت دستور وقوانين واحدة يتساوى أمامها الجميع أم المسألة حسب المزاج أو المخطط) لهذا أقول من يظن أن هذا الملف سيغلق بقرار التحكيمية فإنها زادته تعقيداً سواء على مستوى القضاء الإداري أو عندما يفتح ملفه أمان الفيفا. والجاي أسخن وأكثر تعقيداً ولو أن التحكيمية التزمت بسابقتها وألغت قرار المفوضية لقفلت الملف وأراحت البلد من أزمة ربما تكون أبعادها أخطر ولكن هل كانت تملك أن تخرج عن السيناريو من خططوا له بذكاء.