في صفحة كاملة نشرت في أكثر من جريدة تناول صديقي الودود محمد الشيخ مدني قضية الهلال بصفته رياضياً فأوفى الحديث عنها بمهارة فائقة وبترتيب قانوني قدم ما يكفي، وجاء حديثه مؤيداً وداعماً، بل وبصورة أكثر تركيزاً لما تناولته أكثر من مرة وبصورة مقتضبة بعد أن أفرد لها مساحة كاملة من الاهتمام والتنقيب في الجوانب القانونية. نعم قد يكون لي رأي في ما قدمه من مخرج من الأزمة ليس لقصورٍ فيه ولكن لأن وضعه الرسمي ربما فرض عليه أن يتعامل بدبلوماسية مع المخرج بالرغم من أن المخرج في ت قديري حدده القانون ويتمثل في نقطتين لا ثالث لهما: أولاً: الدولة هي صاحبة القرار التي تحدد إن كانت راغبة في عضوية المنظمات الرياضية العالمية أم لا حيث أن هذه المنظمات ليس لها سلطة على الدولة، فالعضوية في المنظمات الدولية ليست جبرية لهذا فإن الدولة ممثلة في مسؤوليها عليها حسم خيارها في العضوية أو رفضها. ثانياً: متى قررت الدولة خيار العضوية في المنظمات الرياضية الدولية وأن يصبح لها وجود في المؤسسات الرياضية العالمية فإن الطريق للمخرج يصبح واحداً هو حاكمية شروط العضوية الدولية التي ارتضتها الدولة بإرادتها وعليه تصبح قضية الهلال محسومة باللوائح الدولية وليس بالقوانين المحلية. لهذا فإن المخرج واحد لا غيره وهو الاعتراف بشرعية مجلس الإدارة المنتخب حتى يكمل دورته. وإن جاء في قانون الدولة ما يخالف ذلك فالحاكمية للوائح الدولية التي ترفض تدخل الدولة في تعيين أي عضو في الكيان الرياضى متى قبلت عضويته دولياً. لهذا عجزت عن فهم ما يدور حول القضية من لغط بالرغم من أن اتجاهها واحد لا غير، ولكن ما يزيد من غرابة القضية أن الجهات التي تورطت في هذه القضية من مفوضية ولجنة تحكيم وبكل أسف أن تنساق وزارة الشباب والرياضة الولائية معها في ذات الاتجاه بدلاً عن محاسبتها وتقويمها وهو الأمر الذي يثير حيرتي خاصة وأنا أعلم، بل وأثق في حنكة السيد الطيب حسن بدوي الذي لم أتوقع له أن يشارك في المزيد من التعقيدات في القضية وأرجو ألا تكون هناك جهات متدخلة في الأمر. ومع ذلك فإن القانون نفسه لا يشكل سنداً مشروعاً لما اتخذته المفوضية ولجنة التحكيم والذي كان سبباً في تورط السيد الوزير في قضية محل خلاف كبير في فحواها القانونية. بل أهم من هذا كله فإن المفوضية والتحكيمية اللتان فجرتا هذه الأزمة هما أنفسهما تقعان في كثير من التناقضات وهما تتعاملان مع القضية بمواقف متضاربة حتى لم نعد نعرف ما يقوله القانون حسب رأيهما أنفسهما. ولعلني هنا أشير لسابقة نادي الزوارق بولاية الخرطوم والذي كان أسبق من الهلال في قضية مشابهة ومع ذلك تمسكت المفوضية بشرعية مجلسه بالرغم من تناقص عدد أعضائه وفي مواجهة شكاوى من أصحاب الحق الشرعي. أما قضية الهلال نفسها فقد اتسمت بالكثير من التناقضات من نفس الجهات: 1- إن مجلس الهلال انخفضت عضويته لستة من تسعة وليس هناك احتياطي فحكمت التحكيمية بشرعيته والتزمت بتكملته بالانتخاب من الجمعية العمومية وهي نفسها التحكيمية اليوم تقرر عدم شرعية المجلس لأنه انخفض لثمانية من تسعة وليس ستة فكيف يستقيم الموقفان ما لم يكن هناك غرض 2- في الحالة الثانية عند نقصانه لثمانية كان هناك احتياطي وهو ما لم تكن التحكيمية بحاجة لوجوده حسب سابقتها الأولى ومع ذلك حكمت بعدم شرعية الاحتياطي واعتمدت على قرارها بعدم وجود احتياطي لتبطل شرعية المجلس لعدم وجود احتياطي فكيف يستقيم ذلك ويحدث هذا في الوقت الذي لم يكن هناك من طعن في شرعية الاحتياطي عند ترشحه واعتماد ترشحه بصفة نهائية من نفس الجهات التي تغالط نفسها اليوم وقد أعجبني الأخ محمد الشيح عندما أوضح كيف أن المفوضية نصبت نفسها طاعناً ثم حكمت لصالح طعنها! رغم كل هذه المغالطات فحتى لو صح فهم المفوضية للقانون وهو ليس كذلك فإن هذا يعني أن هناك تعارضاً بين القانون واللوائح الدولية واستناداً على أن الحاكمية للائحة الدولية فإن قرار عدم شرعية الهلال يبطل. والمخرج إذن واستناداً على سابقة القضية التي تفجرت في الجمعية العمومية للاتحاد العام لكرة القدم عند تطبيق المادة 16 من القانون حول ترشح الدكتور شداد لدورة ثالثة فلما ثبت للمسؤولين أن هذه المادة تتعارض مع لوائح الفيفا فقد حسم الأمر السيد حاج ماجد الوزير السابق وبحنكة صاغ المخرج من الأزمة عندما جمد المادة 16 لتسود اللائحة الدولية وهكذا حلت القضية لهذا فإن المخرج اليوم أن يقرر السيد الطيب تجميد المادة لتعارضها مع اللائحة الدولية ويبطل تلقائياً قرار التحكيمية بعدم التنفيذ كما فعل الوزير الاتحادي الذي جنب بقراره البلد أزمة مع الفيفا قد تكون سبباً في تجميد السودان. إذن هو حل واحد يؤكد احترام اللوائح الدولية ولا طريق غيره إلا من باب المكابرة.