أهداني د. أحمد البدوي كتابين من مؤلفاته، الأول «لوحة وإطار» للتيجاني يوسف بشير.. والثاني «الطيب صالح.. دراسات نقدية».. إلا أنه في كتابه «الطيب صالح دراسات نقدية» والذي قدم له د. صلاح البندر قائلاً: د. أحمد البدوي «الباحث والناقد في اهاب واحد».. سكب فيه عصارة علمه في فن النقد مع فقهه في اللغة العربية التي يجديها، وقبل أن نغوص في ما سطره يراعه، لا بد من تعريف القارئ العزيز بهذا الناقد الذي احتفل العالم بلندن بكتابه بمناسبة مرور عام على رحيل الروائي الضخم والأديب الفذ الطيب صالح.. ابن السودان الذي سارت الركبان بمؤلفاته لا سيما موسم الهجرة الى الشمال، د. أحمد البدوي من مواليد شمال كردفان مدينة الرهد 3591م.. أستاذ جامعي.. يحمل الدكتوراة في النقد الأدبي قسم اللغة العربية جامعة الخرطوم 3891م. سيرته العلمية: ٭ الطيب صالح: القاهرة سنة 0002م. ٭ سيد قطب ابن أحمد.. سيرة حياته.. جمع شعره.. وأقواله.. جامعة قاريونس ليبيا 1991م. ٭ نصوص عربية من صكتو.. قاريونس 3991م. ٭ علامات على خارطة النقد الأدبي.. 2991م. ٭ أوتار عربية في القيثار الغربي. ٭ دوس محمد على صفحات من حياته «سيرة الكاتب السوداني الذي عاش في لندن». ٭ سيرة محمد أحمد المهدي.. منتدى الدراسات السودانية القاهرة. ٭ التيجاني يوسف بشير.. لوحة وإطار 1891م.. ٭ سيد قطب الناقد.. محمود محمد شاكر... ٭ الشاعر السوداني محمد المهدي المجذوب.. القاهرة. ٭ نماذج من الشعر السوداني.. اختبار دراسة.. ٭ حركة اللغة العربية بالسودان. ٭ وكتب أخرى تحت الطباعة. سيرته العملية: - درس النقد الأدبي والبلاغة والادب العربي ومنهج البحث العلمي وتحقيق النصوص والترجمة في جامعة الخرطوم- جامعة القاهرة الفرع- جامعة جوبا- جامعة صكتو- جامعة مادقري في نيجيريا- وجامعة قاريونس في ليبيا- وكان محاضراً متعاوناً وباحثاً زائراً في جامعة مانشستر ببريطانيا وجامعة كمبريدج من 2891 الى 1002م. هذه هي سيرته المليئة بالعلم والانتاج الأدبي الوفير، ويحق لنا أن نفتخر ونعتز بمثل هؤلاء الشوامخ من أبناء السودان.. إن بحثه في نقد كتب الطيب صالح والتوثيق له كان في حياة الطيب صالح.. وتجاوز فيه د. أحمد البدوي المثل السوداني الساري «الله ما جاب يوم شكرك».. مما يعد عملاً رائعاً بحق الرجل القامة.. د. أحمد البدوي ذي الثقافة والعلم والدراية بفنون النقد.. والالمام بفنون فقه اللغة العربية التي نال فيها أرفع الدرجات العلمية.. ولذا تراه في كتاب الطيب صالح قد غاص وسبح في جداولها العذبة.. وكلماتها الدرر.. فكأني أراه بين صخور الروايات لم يترك شاردة ولا واردة الا وقف عندها وقتلها بحثاً وتمحيصاً.. بوصفه ناقداً محترفاً.. حتى وصل شاطئ روايات الطيب صالح بهذا السفر القيم الذي اعطى فيه الطيب صالح حقه وزيادة. أما ما أفاد به في البيلوغرافيا توثيق أعمال الطيب صالح في مجال الرواية والقصة القصيرة، وما ترجم منها الى لغات الدنيا الحية حتى الصينية والعبرية.. يقول د. أحمد البدوي: «هذه البيلوغرافيا هي أكمل بيلوغرافيا وثقت لظاهرة الطيب صالح حتى الآن.. نرجو ان تتاح لنا او لغيرنا من الباحثين ان يضف اليها ما جد من بعد او ما ند عنها والله الموفق».. ثم يسترسل قائلا: «وضعنا ما جمعنا من معلومات في فصول لها عناوين، ثم منحنا مادة كل فصل ارقاماً متسلسلة ورتبناها ترتيباً تاريخياً، وعند اشتراك اكثر من معلومة في تاريخ واحد نلجأ الى الترتيب الالفائي، ما لم يكن هناك مسوغ لغير ذلك». ويقول أيضاً: «هذه البيلوغرافيا وليدة جهد مثابر استغرق سبع سنوات متواصلة، ربما كان يمثل همنا الاكبر وبحثها اليومي وحملها كل ليلة.. لقد افدنا من كتب الفهارس ولا سيما فهرس الدراسات السودانية الذي أعده بروفيسور قاسم عثمان نور، وفهرس بيرسون، وفهرس مجلة الشرق للدراسات». هذا الجهد المضني المستمر كله كان خارج السودان، والإبداع وإطلاق العنان للافكار لا يتأتى الا في جو صحو معافى مع ضمان حرية التعبير وحرية الممارسة وتوفرها، وكذا ضمان لقمة العيش وسهولة الحصول عليها دون معاناة في كسبها.. ولا اعتقد بل أجزم ان الطيب صالح لولا لندن التي اتاحت له كل ظروف الحياة ما كان لينتج هذا الادب الجم الذي ترجم الى كل لغات الدنيا. ثم يتأسف على هذه الكوكبة أو قل الطيور المهاجرة او العقول.. التي تجد كل اهتمام ورعاية من دول المهجر، ولا تجد حتى التحية والمجاملة في وطنها.. نذكر كلمات في حق هؤلاء أثرت في نفسي وهي حقيقة مرة.. يقول د. أحمد البدوي عن الطيب صالح: «إنه أحد أعلامنا الذي لم نكشفه ووا أسفي عليهم.. إنهم شوامخ خارج بلادهم أصفار داخلها.. يحضرون في إجازاتهم.. لا يعبأ بهم.. ولا يسمع عنهم.. في حين تحتفي بهم بلاد الغرب وتستقبلهم بالاهازيج وتودعهم بالمناديل حتى تتلاشى وسيلة مواصلاتهم». هذه اللوحة التي رسمها د. أحمد البدوي جاءت شريطا سينمائيا متحركا يصف فيه الأحاسيس والمشاعر المكلومة والظلم الذي احس به هؤلاء العمالقة.. وأقول كما قال وا أسفي عليهم.. إنهم شوامخ خارج بلادهم.. أصفار داخلها.. «نواصل»