صدر عن مجلة دبي الثقافية العدد 33 (فبراير 2010م) كتاب (العمارة الاسلامية من الصين إلى الاندلس) للدكتور خالد عزب - ويقع الكتاب في 175 صفحة من القطع المتوسط. وقد قسم المؤلف الكتاب إلى فصلين: الأول مدخل الى فقه العمارة الاسلامية. والثاني نماذج من التراث المعماري الاسلامي - المدينةالمنورة وعمارتها في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم. في المقدمة أشار د. خالد عزب إلى المدرسة الاستشراقية القديمة التي لم تر في المدينة التي اختلفوا في تسميتها بين اسلامية وعربية وشرقية إلا سككها الضيقة وتعدد أزقتها وحاراتها الملتوية كالتواء المقاهي ومساكنها المنغلقة على نفسها ولم يروا في المشهد الحضري لهذه المدن الا مشهداً مضطرباً فوضوياً غير منظم تتداخل فيه كتل سكنية قليلة التهوية بسبب نوافذ دورها المطلة على الداخل. فأصحاب هذه النزعة لم يروا في المدينة الاسلامية غير السلبيات، ولم يحاولوا فهم المجتمع وقوانينه وتفكيك العوامل المتداخلة التي اعطت المدينة مظهرها العام، سواء، كانت سياسية أو بيئية أو جغرافية أو اجتماعية أو دينية ...الخ ومن دونها مجتمعة لا يمكن فهم المدنية وعمارها. أما النزعة الثانية، فقد رأت ان المدينة الاسلامية ليست مجرد تجمع فوضوي للاحياء والمساكن، بل تنظيم للمجال الحضري بالأخذ بعين الاعتبار الرغبات والحاجيات الحقيقية للسكان في انسجام تام مع تركيبة اجتماعية متماسكة. ثم ان ما بدا للبعض انه غير مرتب فلعله على عكس ذلك هو نمط من التنظيم الذي يختلف عن التنظيم الهندسي والذي له جمالياته الخاصة به. والسؤال المطروح الآن هل المدن الاسلامية لم تكن تخطط من قبل السلطة؟ الاجابة عن هذا السؤال تحتاج إلى بيان طبيعة المدينة وأسلوب التعامل معها، فالمدن القديمة التي دخلها المسلمون فاتحين تركوها على حالها واحدثوا ما يحتاجه الاسلام من بنايات كالمساجد جاء وفقاً لأحكام الشرع التي قسمت البنايات إلى:- ٭ البناء الواجب مثل بناء العبادة كالمساجد لتقام فيها الصلوات وبناء الحصون والأسوار والأربطة للدفاع عن ديار المسلمين. ٭ البناء المندوب كبناء المنائر والتي تندب للآذان فيها لكي يسرع الناس للصلاة. وبناء الاسواق حيث يحتاج الناس للسلع، ولكي لا يتكلفوا عناء البحث عنها. ٭ البناء المباح مثل بناء المساكن التي تبنى بهدف الاستغلال فمن المعروف ان الشريعة جاءت لحفظ المقاصد الخمسة الدين والنفس والمال والعرض والنسل والله تعالى جعل أسباباً مادية يقوم بها البشر كي يحفظ المقاصد ومن هذه الأسباب بناء المساكن. الكتاب بفصوله حافل بالمعلومات الثرة ومزدان بالصور التي تعكس جماليات العمارة الاسلامية، وسنعود إليه مرة أخرى.