يقول ان الحركة السياسية المعارضة بقواها المختلفة ستغير الواقع الماثل ولكنه يعود ويقول ان على المرء ان يسعى وليس عليه ان يدرك النجاح، وذلك حين اسأله عن امكانية تحقق التغيير الذي يسعون اليه مع وجود نفس المعوقات التي اعترضت قوى المعارضة طيلة السنوات الماضية في كل ما تقدمت به من اطروحات وحلول .. يقول ان الوحدة ممكنة وراجحة نسبة للضرورات العملية ولوجود تراث وحدوي ثر يناصرها، وحين اواجهه بحقيقة وجود تيار غالب في الجنوب وداخل الحركة الشعبية يرجح الانفصال يجزم بانتصار التيار الوحدوي في الحركة الشعبية.. على هذا النحو جرى حواري مع يوسف حسين الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني، يقين وتفاؤل وعزم من جانبه وتشكيك من جانبي، هو مسنود بايمانه بما يعمل عليه وفيه، وانا مسنود بما اراه واتابعه يوميا في المشهد السياسي السوداني: # في البداية دعنا نتعرف على موقفكم من وحدة السودان بعد ما راكمته هذه السنوات الخمس الماضية من افعال وردود افعال؟ = نحن خطّنا مع الوحدة، وحدويين يعني، وهذا ليس موقفا طارئاً او وليد لحظة وانما موقف مثابر وثابت منذ فجر الحركة الوطنية ففي برلمان الحكم الذاتي الاول، النائب الشيوعي حسن الطاهر زروق عندما نوقش موضوع الجنوب قال بضرورة ان يكون للجنوب وضعه الخاص في اطار السودان الموحد لان قبائل وشعوب وقوميات الجنوب لديها خصائص معينة تميزها وواقع الجنوب يختلف وهذا طورناه فيما بعد واصبح الحكم الذاتي الاقليمي الذي طرحناه في مؤتمر المائدة المستديرة بعد ثورة اكتوبر وفي اسمرا طرحنا تقرير المصير مع عمل جاد من اجل ان يسفر تقرير المصير عن وحدة على اسس جديدة. نحن وحدويون، لاننا نعرف فوائد الوحدة المتمثلة في وطن شاسع مترامي الاطراف مليون ميل مربع تتكامل فيه مقومات التنمية في الشمال والجنوب والشرق والغرب، والتعدد الاثني والثقافي، وفي حال توفر التحول الديمقراطي والتنمية سيفرز لنا وطن عاتي وطن شامخ وطن مزدهر وبالتالي سيجد السودان لنفسه مكانا تحت الشمس في عالم اليوم. # هناك حديث عن اضطراب في موقف الحزب الشيوعي من حق الجنوبيين تمظهر في انتقال الحزب من موقفه بمنحهم الحكم الذاتي الى منحهم حق تقرير المصير الذي يحمل في جوفه بذرة الانفصال؟. = ابداً لم يكن هناك اضطراب في موقف الحزب، بل كان له موقفا ثابتا مع وحدة السودان، على النحو الذي فصلته سابقاً، باعطاء الجنوب وضع خاص في اطار السودان الموحد للاختلاف البيّن بين الشمال والجنوب تطور الى حكم ذاتي ثم جاء تقرير المصير مع اعطاء اولوية لخيار الوحدة، فلم يكن هناك اضطراب، وحتى على المستوى العملي الحزب الشيوعي هو الذي بادر بتكوين النقابات في الجنوب بمساعدة كادر شمالي من اتحاد النقابات، وكذلك الطلاب والشباب المنتمين اليه اقاموا مهرجانات سلام وقوافل في الجنوب، ولذا تجدنا ما عندنا قشة مرة في هذا الاطار اطلاقاً. # الاتهام الموجه للقوى السياسية الآن انها جلست متفرجة طوال فترة الخمس سنوات الماضية ولم تقدم ما يخدم قضية الوحدة؟ = انا لا اقول ان الحركة السياسية بقواها المختلفة تعمل في الدقائق الاخيرة، هذا غير موجود، عندما تنظر الى النتيجة الاجمالية يمكنك ان تقول انه كان بامكان الناس ان يعملوا اكثر ولم يعملوا، ولكني اقول انه وبمجرد توقيع اتفاق السلام الشامل تحركنا، وطبعاً الحزب الشيوعي كان سرياً مائة بالمائة، عملنا ليالي سياسية في الشمال والجنوب، جوبا وواو، فتحنا دور الحزب واصدرنا الميدان وبدأنا نقدم اطروحاتنا واشتركنا في الحكومة على المستوى التشريعي ومن خلال البرلمان طرحنا كل تصوراتنا للوحدة ولحل ازمة دارفور ولتخفيف الضائقة المعيشية ونحن كحزب معارض ليس لدينا اكثر من الحديث مع الناس وتقديم اطروحات ولا شيء آخر، نحن ليس لدينا السلطة، وكحزب شاركنا مع الاحزاب الأخرى في عمل واسع جدا وبذلنا جهدا كبيرا. # ماذا كانت نتائج هذا الجهد الكبير الذي بذلتموه ما هي الآثار الملموسة في ما يتعلق بالوحدة؟ = تراثنا الوحدوي اذا اضفنا له تراث الحركة الشعبية الوحدوي واضفنا له الحقيقة الماثلة في كون بسطاء الجنوب يقفون الى جانب الوحدة بأثر الانتماء القبلي الاستوائية، الشلك، النوير، او باثر مؤسسة السلاطين التي ترغب في المحافظة على وضعها وممتلكات قبائلها ومرحاتها من البهائم، الشيء الآخر، مرتبط بافريقيا وهو ان خط الوحدة دائماً ينتصر وليس الانفصال. في نيجيريا ابان الستيتنيات حدث انفصال بيافرا ولم ينجح لان الانفصال ملفوظ في افريقيا، وفي انغولا حاول سافمبي عمل شيء من هذا النوع وفشل.. # ولكنه نجح في اريتريا؟ = اريتريا لم تنفصل وانما هي اصلا دولة ضمها هيلا سلاسي في مرحلة من المراحل لاثيوبيا. # بالعودة الى حديثك هل تقصد ان جهدكم خلال السنوات الخمس الماضية سيرجح خيار الوحدة؟ = اقول ان تراثنا الوحدوي منذ مطلع الخمسينيات .. # سؤالي محدد حول الفترة الانتقالية الماضية؟ وتقييمكم لما قدمتموه من خلال الندوات وانشطتكم ومشاركتكم في البرلمان و... = ما بذلناه اكثر من هذا، كنا نقول رأينا باستمرار حول نيفاشا والتعثر والتلكوء في تنفيذها وخلافات الشريكين ونقدم حلولا واطروحات والجهد الذي يمكن ان نبذله بذلناه. # ما يمكن ان تبذلوه بذلتموه؟ = نعم # انتقل معك الى .. = مقاطعاً: دعني اضف لك اننا منذ البداية اقترحنا ان لا تكون نيفاشا جزئية أي بين طرفين وموقفنا كان ان تكون قومية بين كل الفصائل السياسية الموجودة وهذا كان سيساعد جداً في قضايا الوحدة وسيرها للامام. # ولكنكم لم تعملوا بموجب موقفكم هذا واندرجتم في أجهزة نيفاشا سواء أكانت تشريعية او تنفيذية؟ = ولكنهم رفضوه، نحن حزب معارض، ومعنا احزاب اخرى قلنا بضرورة تحويل نيفاشا من الثنائية الى القومية ورفضت الحكومة هذا الموقف وبعد ذلك اتضح صدق المعارضة في هذا التعثر الذي لازم وما زال يكتنف تطبيق نيفاشا. # بناء على هذا، برأيك، هل اصبح الانفصال حتمياً، واذا اخذنا ايضا في الاعتبار ان كثير من قادة الحركة الشعبية يتحدثون عن هذه الحتمية؟ = الحركة الشعبية بها تيار ديمقراطي وحدوي لديه اثر وهو لا يقف »كُدّة« وانما يستند على التراث الوحدوي لجون قرنق، وحدة السودان على اسس جديدة، انا اقر بوجود تيار داخل الحركة مع الانفصال ولكن لا يمكن القول ان هذا التيار كفته راجحة. # حسب تقديركم ايهما اقرب الى الانتصار في ؟ = التيار الوحدوي هو الأقرب الى تحقيق هدفه، الوحدة. # ايهما المتضرر اكثر من الانفصال، اذا وقع؟ الشمال ام الجنوب؟ = الانفصال كارثة على الشمال والجنوب، لأن التجزئة تنتج دولاً ضعيفة، شمالا وجنوبا، وبالتالي هذا يتواءم ويتماشى مع مخطط حركة العولمة في الغاء الحدود والاستقلال والوطنية واعتبارها اشياء قديمة »زمانها فات وغنايها مات« ووتتماشى مع مقولاتها بانه في عهد الشركات التي لا جنس لها ولا وطن بامكان الناس محو القديم حتى تكون هناك حرية تجارة وتدفق رساميل وحرية استنزاف موارد الطاقة والمعادن، الانفصال ملائم اكثر لقوى العولمة والنظام العالمي الجديد وسيكون في ضرر الطرفين، ومن الممكن عمل ترتيبات توزيع الثروة وغير ذلك برضا الطرفين حتى لا يقع الانفصال. # اذن انت تعول على الوحدة لمجابهة العولمة وانتصار الرأسمالية؟ = وجود الوطن الواحد يرفع من قدراته في مقاومة حركة العولمة فاذا تجزأ الوطن يضعف امام حرية العولمة وتصبح هناك تبعية للنظام الرأسمالي العالمي، لان العولمة تهدف للهيمنة ودفاعها عن استقلالها وثقافتها الوطنية وتراثها الحضاري، لن يكون لهذه القيم مكان من الاعراب في عصر العولمة وانما فقط بسط حرية التجارة وحرية تدفق الرساميل. # اذا انتقلنا الى تحالف جوبا، هناك حديث عن استخدام الحركة الشعبية لقوى التحالف لتحقيق اجندتها وانا استمعت لسكرتير عام الحزب الشيوعي بمنزل الامام الصادق المهدي يتحدث عن استخدام الحركة الشعبية لكم لخدمة تكتيكات سياسية، ما موقفكم من هذا الاستخدام؟ ... = انت تسأل اسئلة فيها افتراضات غير صحيحة # هناك شواهد عملية.. مثل نتائج عمل التحالف قبل الانتخابات التي انتهت الى بسط سيطرة الحركة الشعبية على الجنوب والمؤتمر الوطني على الشمال بأفضل مما كان عليه الوضع من قبل بالنسبة لهما؟ = فقط استخدموكم واستخدمتوهم هذه.. »صمت« .. ما هو الخطوط الاساسية والعمل السياسي الاساسي مرئي للناس ولم يكن شيئا سرياً، التحالف قاد مواكب سياسية في 7و14 ديسمبر الماضي من اجل التحول الديمقراطي، والسؤال هو من الذي سيستفيد من التحول الديمقراطي، الشعب السوداني كله سيستفيد من هذا التحول، كلامك قد يكون صحيحا في ان الحركة الشعبية لديها اجندة تريد تمريرها في اطار تحالف جوبا لكن ليس كل ما تعمله الحركة ينطبق عليه هذا الكلام، وانا حين ادخل في تحالف التزم بقرارات الآخرين واذا كانت لدي اجندة احاول تمريرها ايضا وهذا شيء طبيعي وليس خيانة... # ماذا تسميها اذا لم تكن خيانة بالقياس للنتائج العملية للانتخابات؟ = تحالف جوبا دخله شنو في فوز هؤلاء هنا واولئك هناك، في الاتفاق وعدم الاتفاق على الانسحاب مثلا هنا وخوضها هناك؟ دخول الحركة في الانتخابات بالجنوب بالنسبة للبرلمان الاتحادي وبرلمان الجنوب كان باقرار تحالف جوبا ولم يكن خيانة قامت بها الحركة لانها اذا انسحبت من الانتخابات سيفوز بها المؤتمر الوطني، ولم يكن هناك اعتراض على دخولها لها هناك اما فوز المؤتمر الوطني هنا ودعك من اي تزوير فمثل الذي حدث لم يحدث ففي الدنيا كلها لا يوجد اكتساح للانتخابات في ظل نظام شمولي بنسبة 90% ما لم تكن تمت هندستها. # تريد ان تبريء الحركة الشعبية من الاتفاق مع المؤتمر الوطني على خروج الانتخابات بنتيجتها الماثلة؟ = بالعكس، الليلة ناس الحركة الشعبية يتهمون المؤتمر الوطني بتزوير الانتخابات... # وكذلك يتهمهم الوطني بالتزوير؟ = كرد فعل # اين تحالف جوبا الآن؟ = موجود.. ويدعو لمؤتمر قومي يضم كافة الوان الطيف السياسي بما في ذلك المؤتمر الوطني لمناقشة قضايا محددة جدا متعلقة بالازمة الوطنية السودانية - العامة الوحدة والانفصال، ازمة دارفور، التحول الديمقراطي والضائقة المعيشية. # هل تتوقع نجاح تحالف جوبا في هذا المسعى؟ مع وجود نفس المعيقات التي اعاقتكم في كل مساعيكم السابقة؟ = هذا نشاط سياسي جماهيري، حتى اذا لم يقم المؤتمر تكون عملت عملا بين الناس وعلى المرء ان يسعى وليس عليه ان يدرك النجاح. # ماذا جرى في لقائكم الاخير مع المؤتمر الوطني؟ = اللقاء تم بدعوة من المؤتمر الوطني، لسنا اصحاب الدعوة، وانما هو دعانا للتفاكر حول قضايا قال بها، الاختلاف كان واضحا، هم يريدون لقاءً تفاكريا حول موضوع الاستفتاء ونحن نقول ان موضوع الاستفتاء واقف »كدة« براهو ما كفاية، وانما يجب ان يناقش مع التحول الديمقرطي وازمة دارفور والضائقة المعيشية وكانت هذه هي النقطة الخلافية هم في موقفهم ونحن في موقفنا، تداولنا الآراء ولم نصل الى شيء نتفق عليه، وكان ايضا من رأينا ان لا يتم التحضير للمؤتمر او اللقاء من قبل حزب المؤتمر الوطني وحده وانما ان يكون التحضير له مشتركا من كل القوى السياسية.. # تقول انه دعاكم وتم اللقاء في دار الحزب الشيوعي كيف يدعوكم في داركم؟ = (يضحك)... هم قالوا سوف نحضر اليكم عند الساعة الواحدة وقلنا لهم مرحبا، اعطيناهم ضوء أخضر...