السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن عطبرة إبراهيم القوصي في غياهب غوانتنامو
نشر في الصحافة يوم 16 - 08 - 2010

رن جرس الهاتف في منزل السيد احمد القوصي صباح الأسبوع الأول من مارس 2008، رفع سماعة التلفون عبد الله احمد القوصي الشقيق الأصغر لإبراهيم المعتقل السوداني في غوانتنامو وحتى تلك اللحظة لم يكن احد من الأسرة يعلم شيئا عن إبراهيم وقد مرت ست سنوات حينها عن غيابه دون خبر أو معلومة تفيد بمكانه أو أحواله .
وكانت تلك المحادثة هي الأولى التي يتداول فيها الناس خبرا مؤكدا عن ابنهم .المكالمة قادمة من حسين سليمان ابن خالة إبراهيم ، في البدء سأل عن الحاج احمد القوصي فأجابه عبد الله بأن والده غير موجود وأصر حسين علي محادثة والدهم حتى استطاع أن يجده في المرة الثانية ، فقال المفاجأة التي حولت كل شئ في البيت «هناك أخبار عن إبراهيم» افتحوا قناة الجزيرة ستشاهدون ذلك .
في ذلك الوقت كان عبد الله احمد القوصي يهم بالذهاب إلى السوق ولم يكن يدري شيئا عما دار في الهاتف بين والده وأبن خالته ولكن والده قال له أرجو ألا تتأخر لان هنالك أخبارا ستأتي على قناة الجزيرة بعد قليل .
يقول عبد الله وبالفعل ذهبت إلى السوق وعدت وجلسنا جميعا ننتظر أول خبر عن شقيقنا (إبراهيم) .
وجاء التقرير والكاميرا تستعرض المعتقلين رأينا رجلا من الخلف ولم يكن وجهه ظاهرا لنا ولكن مقدم التقرير ذكر اسم إبراهيم القوصي وكانت هذه هي المرة الأولى التي علمت فيها الأسرة بمكان ابنهم إبراهيم .
كنا نستمع إلى حكاية رجل استثنائية . الأخبار انقطعت عنه منذ 1996م وأكثر ما جعلنا نستمع إلى شقيقه وهو يحكي بلا تسلسل درامي يتوقف حينا ويواصل من حيث لم يتوقف هو حالة الشرود الذهني التي يحكي بها الجميع كلما سألنا أحدا راح في رحلة طويلة ربما هي تتذكر أي شئ يخص هذا الرجل .
يحدثنا عبد الله والده عندما سمع الخبر امسك بالتلفزيون وبكي طويلا .. صمت برهة وقال كلنا بكينا لكن عاد السؤال مرة أخرى ملحا علي الجميع من الممكن أن يكون هذا ليس إبراهيم فالصورة غير واضحة غير أنها غير مكتملة وعندما طرح هذا الاحتمال على الوالد ربما يهدئ من روعه قال الأب انه يعرف ابنه وان كان مغمض العينين . وبهذا بات من المؤكد أن إبراهيم احمد القوصي هو سوداني آخر ضمن معتقلي غوانتنامو .
القصة تبدأ هنا.
أسرة الحاج أحمد محمود القوصي المكونة من (10) أبناء خمسة ذكور وخمس إناث.. ووالد من مواليد عطبرة في 17/نوفمبر1931 يعمل بالتجارة وتشتهر الأسرة بتجارة الفاكهة منذ قدومها من دنقلا في بواكير القرن الماضي.. وتمتد أصول الأسرة إلى صعيد مصر.. ووالدة الأسرة امرأة فوق منتصف الستينات.
أما إبراهيم احمد القوصي فهو من مواليد عطبرة 1960م لا احد يعرف عنه الكثير فهدوءه وربما انعزاله بعض الشئ منذ فترة مبكرة من حياته عن الاختلاط بالناس جعل كثير من المقربين منه سواء بصلة القرابة أو الصداقة لا يعرفون سوي بضع كلمات قالوها دون تردد ، فقد كان هادئا وصادقا وشفافا، أضاف احد أصدقائه رفض أن نذكر اسمه أن المكان الذي جمعه بإبراهيم القوصي هو المسجد ، فقد لازمه منذ المرحلة الثانوية ويضيف محدثنا كان يميل الى التدين الروحي الشئ الذي جعل منه شابا عاطفيا وشفافا لا يخالط الناس كثيرا .
لكن شقيقه عبد الله يقول لقد عاش فترة طفولة عادية لعب كرة القدم .. واختلط بالصبية من أترابه وعموما لم يجد رجل آخر وجدته في السوق وقيل لي أثناء رحلة التقصي عن الرجل لم يشعرنا أبدا بأنه عدائي .. انه شاب متمسك بدينه إلى حد الالتزام .
ورحلتنا في عطبرة دائما سيحكمها الوقت والدقة ومراعاة أشياء تتعلق بالمهمة لذلك أكثر من مصدر فضل ان يفيدنا بما يعرف دون ذكر اسمه ربما لاعتبارات ذاتية أو اعتبارات تتعلق بقول أشياء قد تبدلت عند إبراهيم نفسه لذلك يقول «د . م» وهو رجل مشهود له في عطبرة بالتزام ديني منذ وقت طويل زاملت إبراهيم في عطبرة الثانوية القديمة وكان منظما في حركة إسلامية لكنه لم يكن يميل إلى فضاء العمل السياسي كان ملتزما بتدينه الخاص ومرة أخري ذكرنا بأنه «حمامة مسجد» لكنه أضاف كان عاطفيا في مسألة الدين إلى حد كبير .
وأنا أحاول أن استجمع معلوماتي من جديد ذهبنا فورا إلى منزل السيد احمد القوصي .
هناك علمنا أن رب الأسرة احمد القوصي جاء إلى الخرطوم لمتابعة القضية وبحي الدرجة وقفنا أمام منزل علقت على بابه «لافتة صغيرة» كتب عليها بخط عربي جميل منزل احمد القوصي وأولاده قال زميلي الأستاذ عبود الذي كان يرافقني يبدو انه لا يوجد احد في المنزل لكن ومن خلف الباب سمعنا صوت المذياع مما يدل علي أن هناك أحدا بالداخل وعموما فالذي جعلنا نعتقد من الوهلة الأولى عدم وجود احد بالداخل أن أمام الباب شئ من تراب وغبار يجعلك تظن أن لا أحدا بالداخل فتح لنا شاب ملتح ويبدو انه غير مستعد لزيارتنا لكنه وعلى الفور رحب بنا بعد أن عرفناه بأنفسنا وانتظرنا برهة ريثما يفتح الباب الذي يقود إلى الصالون مباشرة كان المنزل غاية في الأناقة ، ويبدو الذوق في ترتيبه عاليا كنت أتجول بنظري على معالم المنزل الصور الأثاث لكن الكهرباء لم ترد أن نكتشف ملامح من هذا وبانقطاع التيار الكهربائي خرجنا جميعا بعد أن انضم إلينا عبد الناصر محمد محمود ابن عمة إبراهيم وعبد الله احمد القوصي شقيقه الأصغر .
وعلى ضوء فانوس وبعد واجب الضيافة كانت جلستنا عن إبراهيم احمد القوصي لاشئ محدد يقال الآن إلا أن نسأل فتأتينا إجابات مقتضبة ومختصرة في حدود السؤال ومع أن عبد الناصر قال لنا سنقول كل شئ نعرفه فقط انتم اسألوا .. إلا أننا بعد ساعة عرفنا جانبا آخر في حياة الرجل
عندما سألت عبد الناصر لو أردت منك أن تتحدث عن إبراهيم قليلا ماذا تقول .
فرد قائلا والله الشغلانة طولت شوية لكن آخر مرة شاهدته فيها كان سنة 1996م في زواج لأحد أفراد العائلة سألته وهل كنت تقابله باستمرار قبل هذه المرة ؟؟ أجاب يعني نحن موجودون في منزل واحد .
وبعد ذلك علمنا أن عبد الناصر يقيم في بورتسودان ومتزوج من شقيقة إبراهيم القوصي سألته هل كان يزوركم في بورتسودان أجابني نعم من فترة إلى فترة ورغم أنني أحسست بثقالة الأسئلة على رجل يختصر الإجابات كان يلزمني أن اعرف برنامج إبراهيم القوصي عندما يزور بورتسودان أو عندما يكون في عطبرة .
يتدخل عبد الله احمد ويقول دائما عندما يكون في عطبرة قال أنا كلما دخلت عليه أجده يقرأ .
وهنا صمت وصمتُ أنا أيضا قبل أن اسأله ما طبيعة الكتب التي يقرأها ؟ هل لديه مكتبة خاصة أجابني ليس لديه مكتبة خاصة ولكن يقرأ في مكتبة الوالد ،عفوا لدينا سؤال آخر ما طبيعة الكتب التي يقرأها ؟ يجيب عبد الله والله كتب عامة ثقافية ودينية .
وهناك القصة تكتمل
قصدت بكلمة «هناك» المدينة عطبرة في رحابها ومجتمعاتها وجلساتها .. لم تكن القصة لتكتمل في منزل الحاج احمد القوصي خصوصا وان إبراهيم بعد أن أكمل المرحلة الثانوية لم يدخل الجامعة مباشرة حيث جلس لامتحان الشهادة الثانوية في العام 1980 1981م فقضي وقتا طويلا في الخرطوم وكان يأتي إلى عطبرة في الإجازات والمناسبات الأخرى.
كنت اسأل عن أصدقائه والذين يعرفون منذ وقت طويل هناك في قلب مدينة عطبرة وجدنا شابا في عقده الرابع أيضا ذهبنا إليه بناء على معلومة تفيد بأنه كان صديقا لإبراهيم .
هذا الرجل فارق إبراهيم منذ وقت طويل بعد امتحانات الشهادة السودانية في 1980م لكنه يذكره جيدا فقد أضاف إلى بقية الإفادات التي عندنا انه كان إسلاميا ولكن قدراته السياسية والتنظيمية كانت ضعيفة وفوق كل ذلك يشهد له هذا الرجل بأنه كان متسامحا وليست له عداءات مطلقا ويذكر انه لجأ إلى التصوف مرة .. والى حفظ القرآن وقد قضي وقتا في ذلك .
ويتذكر محدثنا بعناء انه سمع منه ذات مرة رغبته في دخول الكلية الحربية ويقول اعتقد انه رفض أو لم يتم قبوله .. كان ذلك في الثمانينات تقريبا .
ويفيدنا رجل آخر كان يجلس طوال الوقت السابق .. أن إبراهيم عمل لفترة من الزمن في الشركة التي كانت تنفذ شارع التحدي .
سألت هذا الرجل الذي كان طوال الوقت يحذرنا من ذكر اسمه أين التقيت به قال كان زميلا في المراحل الدراسية وأخيرا يقول هذا الرجل أتمني أن يطلق سراحه قريبا فهو لا يمكن أن يكون ضارا .
وأضاف قبل أن تنتهي القصة لم يكن يميل إلى التحدث مع الآخرين ولم يكن يعرف إخفاء شعوره تجاه أي شئ .
بعد غيابه بفترة ليست بالطويلة اتصل إبراهيم بأسرته هاتفياً.. ولم يوضح مكان وجوده.. أبلغهم أنه تزوج وأنجب بنتاً أطلق عليها اسم والدته.. ومنذ تلك المكالمة المجهولة المكان لم تسمع الأسرة صوت إبراهيم.. وظلت أخباره مقطوعة.. وتتجنب الأسرة ذكر اسمه أمام والدته.. التي في كل مناسبة تبكي عليه وتعاتب أشقاءه بأنهم لم يبحثوا عنه.. عبد الله «33 عاماً» الشقيق الأصغر لإبراهيم تميزه لحية مهملة على غير لحية أخيه عبد المنعم التي تبدو صغيرة بقصد.. وعبد الله الذي يبدو بنطاله قصيراً بعض الشئ كذلك ينفي أن تكون له صلة بالتنظيمات السلفية.. وهو يبدو من خلال الصورة القديمة لإبراهيم أقرب أشقائه شبهاً به..!! الأسرة قالت إنها اتصلت بوزارة الخارجية لاستجلاء وضع إبراهيم.. ويشيدون بالتعامل الذي قوبلوا به من قبل الوزارة والتطمينات التي قدمتها لهم الخارجية السودانية.
وفي يناير الماضي انهى وفد المحامين الأمريكيين المفوض بالدفاع عن إبراهيم القوصي برئاسة المحامية سوزان لاكير زيارة الى أسرته بعطبرة.
وأعلن محمود القوصي شقيق المتهم المتحدث باسم الأسرة أن زيارة وفد المحامين الأمريكيين جاءت بغرض التعرف على بيئة ونشأة المعتقل ومراحل دراسته وعلاقاته الاجتماعية لتقديمها كوثيقة دفاع عنه .
ونقلت أسرة المتهم نداءآتها العاجلة لرئاسة الجمهورية مطالبة بالتدخل الشخصي لإطلاق سراح ابنهم وإنهاء ما وصفته بمأساة اعتقاله التي امتدت تسعة سنوات، وناشدت وزارة الداخلية بتسهيل إجراءات دخول زوجته المغربية مريم تبارك وابنتيه للبلاد واستخراج الأوراق الثبوتية لهم التي فقدتها إبان اعتقال ابنهم بباكستان عام 2001 م.
وقدمت لهم المحامية سوزانا رئيسة الوفد شرحا وافيا لأوضاع ابنهم إبراهيم القوصي من الناحية القانونية حيث أكدت انه حتى الآن لم يتم إثبات أي تهمة محددة تجاهه لعدم كفاية الأدلة فضلا عن ذلك فقد طمأنت الأسرة على وضعه الصحي وأكدت انه يتمتع بصحة جيدة وهو محبوب وسط زملائه المعتقلين فعلى الرغم من صغر سنه إلا انه يمثل دور العالم والأب الروحي داخل المعتقل وذلك لأدبه الجم وعلمه الغزير.
وفي فبراير الماضي عرضت هيئة الدفاع عن إبراهيم القوصي التسوية القضائية على هيئة الاتهام بدلاً من تقديمه للمحكمة العسكرية استناداً على ما قرره القانون الأمريكي.
وأوضح د. أحمد المفتي مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان وعضو هيئة الدفاع عن القوصي الذي زار موكله بغوانتنامو أنهم قرروا الجلوس مع هيئة الاتهام للوصول إلى تسوية بالاعتقال لفترة محددة أو إطلاق سراحه لتعرض على المحكمة بعد ذلك لتقرر بشأنها.
وأكد المفتي عدم اطمئنانهم إلى نزاهة المحكمة التي ستحاكم القوصي خاصة وأن وزير الدفاع الأمريكي قام بتشكيلها نافياً عدم تحديد أي موعد للمحاكمة إلا أنه توقع أن تبدأ خلال العام الجاري وقال إنهم قاموا بتقديم أكثر من (10) دفوعات تصب في عدم قانونية نظام المحاكم العسكرية الأمريكية لأنها تخالف مبادئ حقوق الإنسان والدستور الأمريكي نفسه.
وأوضح المفتي المكلف بالدفاع عن القوصي إلى جانب (6) محامين عسكريين ومدنيين أمريكيين في وقت لاحق أن الحديث عن اعتراف موكله بتقديم الدعم للقاعدة حديث غير مقبول، مبيناً أن الإدارة الأمريكية ظلت تسعى لمساومة بعدم إصدار حكم في مواجهة القوصي مقابل عدم رفعه دعوى قضائية في مواجهتها لاحتجازه لمدة (8) سنوات دون محاكمة وأضاف: (القوصي لم يعترف وإلا لحاكمته اللجنة العسكرية في معتقل غوانتنامو بالمؤبد).
واضاف المفتي إن لجنة الدفاع عن المعتقل السوداني قامت بالدفاع بضراوة عن القوصي وقدمت عشرة دفوعات قانونية تثبت سلامة موقفه.
وقال إن القوصي خلال سنوات اعتقاله أبدى صموداً منقطع النظير وأن هذا ما لمسه خلال زيارة له في معتقل غوانتنامو في يناير الماضي.
ويم الأربعاء الماضي 11 أغسطس الجاري قررت هيئة محلفي المحكمة العسكرية الاستثنائية في غوانتانامو انزال عقوبة السجن 14 عاما بالطباخ والمرافق السابق لأسامة بن لادن إبراهيم أحمد محمود القوصي في اليوم الثاني من محاكمته ،الأمر الذي اعتبره المحامي الدكتور أحمد المفتي، « تسريبات من قبل الأمريكان ولا أساس لها من الصحة» ، وقال أن المحاكمة لا تزال مستمرة،ورفض المفتي الإفصاح عن المزيد من المعلومات حول القضية خشية أن يتضرر القوصي.
وإدانة القوصي هي الأولى التي تصدر عن محكمة عسكرية استثنائية في غوانتانامو منذ وصول باراك اوباما إلى السلطة في مطلع 2009م.
وأصدرت هيئة المحلفين التي تضم عشرة ضباط قرارها بعد مداولات استمرت زهاء ساعة، ويفترض ان يوافق رئيس المحاكم العسكرية في البنتاغون على العقوبة التي لا يمكن ان تتجاوز 14 عاما،وترافع القوصي «50 عاما» على أساس الإقرار بالذنب في تهم الضلوع في مؤامرة إرهابية وتقديم دعم مادي للإرهاب.
وكان ديفيد اغليسياس المتحدث باسم المحاكم العسكرية الاستثنائية ، أن الدفاع والادعاء اتفقا على طلب عقوبة بالسجن بين 12 و15 عاما،وستضاف سنوات الحكم ال14 الى 8 سنوات ونصف أمضاها القوصي في غوانتانامو.
واعتقل القوصي في باكستان في ديسمبر 2001، واعترف بأنه غادر السودان في 1996 للانضمام إلى أسامة بن لادن في أفغانستان حيث عمل طباخا له ثم مساعدا لوجستيا وأحيانا سائقا.
ولم يكشف مضمون الاتفاق بين الحكومة الأميركية والقوصي لكي يترافع باعتباره مذنبا، كما لم يتم التطرق إلى احتمال ترحيله خلال المحاكمة التي بدأت الثلاثاء الماضي 10 أغسطس الجاري.
وقال بول ريتشلر احد المحامين المدنيين للقوصي، «نحن لا نطالب بطرده إلى السودان الآن ولا بإعلان براءته. لقد اقر بذنبه».
وذكر المحامي بان ظروف الاعتقال في غوانتانامو أصعب من أي سجن أمريكي آخر لان المعتقلين محرومون من الزيارات.
وقال «لقد مرت ثماني سنوات ونصف ولم يسمع أو يرى زوجته أو أمه أو أباه».
من جهة ثانية، طرح وضع القوصي مسألة غير مسبوقة حيث ان الاتفاق مع الحكومة الامريكية ينص على أن يقضي عقوبته في المعسكر رقم 4 في غوانتانامو او في ظروف مماثلة في حال إغلاق المعتقل الموجود في قاعدة بحرية أمريكية في كوبا. ويقضي المعتقلون في المعسكر «4» عدة ساعات معا كل يوم.
ولكن الأميرال جيفري هبرسون قائد السجن، قال أن القاعدة في السجون العسكرية تقوم على فصل المعتقلين المحكومين عن الذين لم يحاكموا بعد، وبوضعهم في السجن الانفرادي. وقال هبرسون انه لم يتلق تعليمات تفيد باي تغيير.
وأعربت القاضية العسكرية المكلفة بالملف عن انزعاجها الأربعاء الماضي من عدم التنسيق بين وزارة الدفاع الأمريكية والقادة الميدانيين، ومنحت السلطات مهلة ستين يوما لحل المشكلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.