قدمت الدراما المصرية عملاً مثيراً للجدل للكاتب وحيد حامد من خلال مسلسل (الجماعة)، تناول فيه تاريخ الشيخ/ حسن البنا مؤسس ومرشد جماعة الأخوان المسلمين من وجهة نظر القلم السياسي لمباحث أمن الدولة المصري، فأظهر البنا كزعيم عصابة إرهابية لا تتورع عن قتل الأبرياء وترويع الآمنين وفق تصورات مغلوطة للدين ومفاهيم متطرفة للإسلام، حيث تطرق المسلسل لأحداث ووقائع تاريخية أقحم فيها الكاتب رؤيته الدرامية وتوجهاته السياسية ومفاهيمه العلمانية في نقده لفكر الجماعة وخطها الدعوي، في تبن تام لوجهة نظر خصومها السياسيين وتجلى ذلك من خلال سرد لبعض أحداث طفولة حسن البنا، متبنياً لتشبعه بالأفكار المتطرفة في الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي وتحويله للعبة «عسكر وحرامية» إلى حرب بين المؤمنين والكفار، وموحياً لنزوع البنا إلى تكفير المجتمع قبل أن يشتد عوده رغم أن مسألة التكفير لم تطرح في حياة البنا، وإنما ظهرت بعد استشهاده حيث برزت في السجون الناصرية وتصدى لها خليفته المرشد/ حسن الهضيبي في كتابه (دعاة لا قضاة) . وحفل المسلسل بمغالطات تاريخية كثيرة انتقاها الكاتب لإثبات وجهة نظره المعادية لجماعة الأخوان منها تقبيل يد المرشد أثناء مبايعته على السمع والطاعة، وتلقي الجماعة لدعم الإنجليز الشهري من خلال هيئة قناة السويس، هذا مع مساندة الملك للجماعة ليستخدمها في مشاكسة حزب الوفد صاحب الأغلبية البرلمانية ليظهر مدى انتهازية البنا واستغلاله للظروف السياسية لمصلحة تمدد الجماعة وانتشارها في المجتمع المصري برعاية من الإنجليز والقصر الملكي !!. . هذا بخلاف أمعان الكاتب في إبراز الإخوان كعصابة إجرامية تخطط لسلسلة من الاغتيالات السياسية والسرقات والتفجيرات، معتمداً على مضابط تحقيقات القلم السياسي لمباحث أمن الدولة وأسلوبه المعتاد في الكشف عن الجريمة بالإجراء المعهود مع المعتقلين وطرائقه التي تجعل المتهم «ينهار ويقر ويعترف» بما يريده زبانية النظام !! . وقد أثار التناول المسيس لكاتب مسلسل الجماعة لغطاً كبيراً في المجتمع المصري عن أهداف المسلسل وتوقيته على أعتاب انتخابات مجلس الشعب (البرلمان المصري)، حيث شكل المسلسل رأس الرمح في الدعاية السياسية للحزب الوطني الحاكم في صراعه مع أحد أبرز الجماعات الإسلامية في العالم الإسلامي وأكثرها تمدداً شعبياً في القطر المصري، حيث عجزت آلة القمع في الحد من نشاط الجماعة الدعوي طوال العقود الماضية . وفي لقاء للواء م/ فؤاد علام أحد قادة مباحث أمن الدولة السابقين مع برنامج «القاهرة اليوم،» تحدث عن موضوعية وحيد حامد في المعالجة الدرامية مستشهداً بمضابط المباحث في العهد الملكي ضد جماعة الإخوان، مبدياً الدور الوطني لحاشية وحكومة الملك فاروق الذي اتهمته ثورة يوليو 1952م، بالفساد وصفقة الأسلحة الفاسدة في حرب فلسطين وضلوعه في حريق القاهرة، حيث قامت الثورة بمحاكمة من جندهم الملك المخلوع لقتل الشيخ حسن البنا وإنصاف جماعة الإخوان مما لحق بها من أذى في العهد الملكي، وكان ذلك في فترة حكم الرئيس الراحل محمد نجيب (يرحمه الله) . ومع أن فيلم «أيام السادات» للفنان الراحل أحمد زكي تطرق لاغتيال أمين عثمان باعتباره عملاً نضالياً للبكباشي «أنور السادات» أحد أبرز الضباط الأحرار ما قبل الثورة . . فما الذي يجعل الكاتب وحيد حامد يذهب إلى إظهار مهاجمة الإخوان لثكنات الإنجليز وضرب مصالح اليهود الصهاينة واستهداف عملائهم في مصر عملاً إرهابياً ؟!، وهو عين ما قامت به ثورة يوليو في ما عرف باتفاقية الجلاء، ثم التأميم والمصادرة للشركات الأجنبية لاسيما اليهودية منها وعلى رأسها محلات «عمر أفندي وصيدناوي» الشهيرة . . مما يؤكد أن كاتب المسلسل يرمي إلى تزوير التاريخ لمصلحة التطبيع مع العدو الصهيوني المفروض على مصر من قبل ورثة ثورة يوليو غير الشرعيين !! .