ما يميز شهر رمضان بجانب الخيرات والرحمة والمغفرة والتواصل الاجتماعي وصلة الأرحام وغيرها من جماليات الشهر المبارك برامج التلفزيون كواحد من أنواع الترفيه والتسلية، فمعظم الفضائيات تحرص على تقديم أفضل ما عندها من مواد ومذيعين وتصرف دون حساب من أجل استقطاب عدد مقدر من المشاهدين والظهور بشكل مشرف يجعلها تنافس بين القنوات، فتكون البرامج الدينية التي يكثر فيها الحديث عن شهر المغفرة والتوبة والتفرغ للعبادة بجانب بعض البرامج الخفيفة والغنائية والاهتمام بالصحة وبعض الرياضة والمسلسلات ذات الإنتاج الجديد. ولعل المسلسلات المصرية ظلت متسيدة الساحة منذ زمن بعيد رغم المنافسة السورية التي دخلت سوق الدراما التلفزيونية من أوسع الأبواب، إلا أن المصري يظل رقم واحد في الإنتاج التلفزيوني، أما اجتهادات أهل الخليج رغم قلتها فهي خارج الحسابات مثلها مثل السودان الذي كان يقدم دراما ركيكة كل عام ويعقبها هجوم لاذع من أهل الشأن إلى أن أوقفت تماماً دون أسباب واضحة ومبررة وخيراً فعلوا. مسلسلات رمضان هذا العام كانت حافلة بالجديد ونجوم السينما المصرية شكلوا حضوراً زاهياً في كل القنوات وكانت المنافسة شرسة بين عدد من المسلسلات إلا أن الشارع المصري والعربي ظل مهتماً بمسلسل واحد أثار جدلاً واسعاً وسيطر على الجميع قبل بثه وبعد بثه، فقد استطاع الكاتب وحيد حامد الذي خط مسلسل الجماعة الذي يبث حالياً في معظم القنوات أن يشد الجميع ويلفت النظر إلى هذا المسلسل الضجة الذي جسد من خلاله توثيقاً لسيرة مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا منذ طفولته وحتى اغتياله في 1949. كما تحدث المسلسل عن تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في عشرينيات القرن الماضي بتفاصيل دقيقة وجسد من خلالها شخصية حسن البنا الممثل الأردني إياد نصر لوجود شبه كبير بينه والشيخ حسن ولقد نجح إلى حد بعيد. ووحيد حامد الذي كتب عدداً من الأعمال الدرامية عن الإخوان ك الإرهابي، وطيور الظلام، اتهم بأنه متفق مع الأمن المصري لتشويه صورة الإخوان المسلمين لا سيما أن انتخابات مجلس الشعب المصري على الأبواب، إلا أنه قال إن الفكرة بدأت في مخيلته منذ أحداث الأزهر الشريف في عام 2006 التي تم حسمها بإلقاء القبض على مائة طالب ورغم أن المسلسل تدور بعض أحداثه عن أسر تتعرض لبعض الرشاش من أفعال الإخوان إلا أن الكثيرين يرون أن الكاتب شوه مسيرة الجماعة و»شتل وفتل» كثيراً عن الراحل الشيخ حسن البنا وأن كثيراً من تفاصيل المسلسل لا تمت للواقع بصلة مما دفع أسرة الشيخ حسن إلى فتح بلاغ مطالبة بوقف عرض المسلسل في الفضائيات. قصة الشيخ حسن البنا إن كانت بنفس التفاصيل التي جسدها الدراميون في مسلسل الجماعة، فإن حكاية الإخوان المسلمين تظل مجرد أكذوبة كبيرة لا علاقة لها بالدين، تحلل ما يسهل لها أمورها وتحرم ما لا تريد أن تفعله، ولعل الصراعات الكثيره التي تدور في المسلسل بين الشيخ حسن وأتباعه حول المال وأموال الكنيسة والأموال التي بنى بها البنا دور الإخوان كلها حكايات وروايات تثير الدهشة والاستغراب، أما التقرب من الملك وتوجيهه بأمور تصب في مصلحة الجماعة فتدعو للاستغراب والتعجب. باختصار يظل مسلسل الجماعة حكايه دون آخر وإن صدقت تفاصيلها تضحى كارثة على الجيل الماضي والحالي والذي ما زال بعضه يعتقد أن الشيخ حسن شخصية لن تتكرر.