٭ جاءت التلفزيونات العربية وغنى كل على ليلاه.. على نحو عقدين من الزمان أو يزيد، ظلت فيهما الفضائيات العربية تهوج وتموج.. فافادت.. وافسدت.. فقيل فتح عظيم.. وقيل ظهر الفساد في البر والبحر. وتلفزيون الشارقة الاماراتي ينفض يده عن مواله القديم.. الحكيم..(حسب ما توارد الىّ من اخبار) فكأنه بلا استراتيجية سيكون، والشارقة تعد العدة لاستقبال جيوش الإعلاميين من كل حدب وصوب.. ينزعون (رداء الشارقة) ويلبسونها رداء (الخط العام) بدلاً من التوجه القديم.. وما ادراكم أنه كان ولودا.. خصيباً. وما أشبه الليلة بالبارحة وأنا أشاهد (القناة القومية السودانية) تنطلق فضائياً.. ثم اشاهد (قناة الشارقة الفضائية) فأردد ما قاله (شيخ زايد) رحمه الله واصفاً للقناة السودانية بأنها( نظيفة). فكان هذا أول تعليق لي اطلقته على (الشارقة الفضائية) وأنا اشاهدها واتابع برامجها.. في وقت من الاوقات.. لله درها. وقناة الشارقة الفضائية تأتيها جيوش الإعلاميين.. من كل حدب وصوب.. ينزعون (رداء الشارقة) ويلونونه برداء (الخط العام) لتغوص مع رفيقاتها من القنوات العربية العاديات في اخطبوط ما اطلق عليه اسم ذلك الخط. والامير الدكتور سلطان الشارقة (محمد القاسمي) ذلك المتعلم والأديب المبدع هو (مهندس قناة الشارقة الخط المتزن) الذي يصنع مشاهداً مستمعاً ولا يقوده (الجمهور اللي عايز كده) ولا يعنيه ان تتحول تلك المجتمعات الجماهيرية عن القناة أو تعرض. فلو ترك الامر للعامة حسب ما يقول خبراء الإعلام، لاختاروا ماهو تافه ممجوج فهو يضطلع برسالة، وهمه في المقام الاول تبليغ هذه الرسالة، والرجل يعرف انه مسؤول امام الله.. و(الإعلاميون) على دين حكوماتهم وشيوخهم. (والناس على دين إعلامهم) أم يا ترى ان الإعلام الرسمي سيتنصل عن مسؤولياته، ويترك الامر للافراد كما بدا واضحاً في معظم الاقطار العربية مؤخراً. (ومشاهد الشارقة الفضائية) مشاهد خاص متعقل تجذبه برامج بسيطة لكنها تُقدم على طبق من الفضيلة.. وهى تعرض لمسارات الحياة بأوجهها المختلفة. مشاهد شفاف تأثره وجوه ملائكية متشحة برداء الفضيلة.. تلقائية تقدم المادة الرشيقة.. وتعكس دواخل نقية تحمل البراءة. مشاهد عفيف يتحول عن كل ذلك الكم الهائل الدسم الاصفر، لمعظم الفضائيات، ليغرق في مواد بسيطة تنقر نقراً.. تعانق حسه.. ويأمن بها على نفسه. يكفي فقط ان تستمع (لسهام ومعاذ ورصيفيهما) ينقلان إيقاع الاماسي القومي لإمارة الشارقة الزاخرة بالفعاليات المختلفة لمجتمع حي.. وحياته تكمن في محورين الانتاج، والفضيلة. وكذا سائر برامج (الشارقة الفضائية)- ومنها ابداعات وسيأتي الحديث عنه- تمنحك صورة مصغرة لمجتمع الشارقة ليعكس مدى العمل الدؤوب من قبل الدولة لخلق مجتمع مميز.. محوره الانسان باعتباره الثروة الحقيقية لبلده وللإنسانية. فترى اهتمام الدولة بتنشئة اجياله على نسق خاص، وصقل خبرات كباره بحيث لا يتركون صغيرة ولا كبيرة كما يقال لدرجة انني كنت أهتف احياناً (الشارقة آتية). لكن (مشاهد الشارقة) طموح أيضاً.. فهو بحسه الادراكي بسلامة ما يعرض مع طابق الجدية يدرك لماذا تتخوف القناة من التجديد ولا تحمل عاتقها مسؤولية التطور.. فهى في واقع الامر تخشى على نفسها.. تخشى من إحداث تلك النقلة التي قد تكلفها غالياً بالمقارنة الى ما بذلته من جهد.. وصبر.. وتحكم.. أقول لماذا لا تنظر قناة الشارقة مثلا الى الغناء كنوع راق من أنواع الفنون. جنباً الى جنب مع رصيفاتها من أنواع الفنون الاخرى. كالفنون الجميلة.. وفن الإكسسوار.. وفن الأزياء.. الى ذلك مما تعرضه القناة، فالاغنية الملحنة المحملة بمضامين بناءة تشحذ همه المستمع.. وتضفي على (البرنامج العام) الحيوية والانتعاش، كما ظهر الآن المفعول السريع ومنذ التحضير لبرامج رمضان (للتقدمه) الادبية الحية التي تسبق البرامج وبأداء ممتاز. إن العمل على صقل الخبرات وتطعيم الكوادر التلفزيونية حتى لو بعناصر عربية، أمر يساعد في اندياح هذه الخبرات ذات الملكات الابداعية.. والقدرات الهائلة.. تعطر سماءاتنا الفضائية.. وتبقى حصناً في مواجهة الانتاج الوافد (الاجنبي). والابتعاد عن الوقوع في مطب (الفراغ الثقافي والإعلامي لاحساسنا بالثراء حينئذ والذي يرفض التقبل الآلي لكل ما يرد الينا. كما يبقى للإعلام بطبيعة مواقعه الحساسة.. ودوره ذو التأثير المهول في إحداث تغيرات وتحولات فاصلة في المجتمعات، أن يلعب في ميدانه مهره.. لعيبة لا تكتفي بالاستعدادات الفطرية القادرة على الخلق فحسب، بل بالاكتساب العلمي والاعلامي جنباً الى جنب.. مما يتأتى أيضاً بالاطلاع.. وصقل الخبرات.. وهذا الاتجاه يمثله في القناة الاعلامي المبدع (محمد خلف) والمذيع القدير والذي هو الكادر الوحيد في قناة الشارقة الفضائية بجانب (الاستاذ محمد المصري). لكن يقيني أن خريجي كليات الاعلام في الشارقة، قادمون- والامير الدكتور يشرف بنفسه على الجامعات- من الدارسين والمبدعين بجانب النشء من الطفل والذين هم قادمون.. ويجدون ذات العناية، بل مجتمع الشارقة كله قادم إن شاء الله. مما يعني التأني وعدم القفز بالمقلوب واللحاق بالتوجه الاخطبوطي الذي يطلق عليه (التوجه العام). فمعالجة النقص في الموارد البشرية في القناة مع توافر عناصر اخرى متعددة تسهم في إنجاح رسالة الإعلام مثل الوضوح والجدية ومصداقية المجتمع الشارقي السائر حثيثاً نحو التنمية مما يعكس بوضوح سمة التنظيم.. والتشبث بروح الطموح.. بمساعدة الدولة التي تقف وقفة رجل واحد. بجانب الامكانات المادية التي تساهم في إعتاقه من ربقة العمل التجاري المحاصر وتسهم إسهاماً فعالاً في إثراء برامج (القناة الفضائية). (مجتمع الشارقة الذي عبر) نموذج حريِّ أن يُناط به تبني السعي لإعادة التوازن (للشخصية العربية) التي واجهت تاريخاً من الهموم والنكبات والأزمات بباقة من (البرامج الفعالة الثرة).. تقدم بابتداع طرق جديدة تحمل عناصر النجاح، لا يتصدى لها ولا يتقدمها إلا أصحاب الهمم العالية ممن يعتقدون في قرارة أنفسهم أنهم اصحاب رسالة في الحياة وليسوا موظفين ينتظرون (الرواتب) أول الشهر. وبالتالي عدم إنجراف المجتمعات للغرق في خط اخطبوطي لا تسلم منه جُل قنواتنا الفضائية يتخذ من (ثقافة المتعة) عنواناً يجد فيه (الجماعة) ضالتهم. في ختام مقالتي هذه والتي اكتبها بدافع غيرتي على قناة متميزة يمكن أن تصبح طليعية وقائده بتلافي القصور فقط، وليس بتغيير الخط جملة الى اخطبوط (الخط العام). لفتة أخيرة أشير فيها الى التظاهرة الابداعية.. لفتيات الشارقة وفتيانها بمشاركة رصفائهم من الدول العربية الدارسين بجامعات الشارقة، يعكسها برنامج ابداعات ل(محمد الحوسي) وهو ينقل مشروعات الجامعيين والخريجين معاً حيث تلقى فتيات الشارقة يحملن لواء المعرفة والتجديد والهمم العالية، أن أسجل صوت تقدير وإجلال لهن، واللغة الانجليزية على لسانهن كقدرة والزي الإسلامي على اجسامهن كعقيدة من دون سائر نظيراتهن من الجنسيات العربية الاخرى (حسب ملاحظاتي) يشتركن في الثقافة والانفتاح معهن ويختلفن جوهرياً في المظهر الخارجي. (ليسوا من مرتدي العباءة الغربية.. كأنهم لم يتشبعوا بفكر غربي قط. مثل هؤلاء لن يتسرب اليهم الضعف النفسي. لأنهم لم ينصرفوا عن تراث هذه الامة) «نقلاً». مِن (رحم الفضيلة) جاءوا.. جاءوا وعبروا.. فهم في بر الأمان منى عائد