أتحدث عن الدوحة كشاهد عيان، شاهد وسمع ورأى وعايش الشعب القطري لمدة خمس سنوات متتالية (1989-1993م)، وقد تجولت في بلاد كثيرة شرقية وغربية عربية إسلامية وأوربية وآسيوية وافريقية، لم يستقر بي المقام إلا في قطر، وهي الدولة الوحيدة التي أجبرتني على المكوث فيها طيلة هذه الأعوام، حيث تلمست فيها حقيقة الانسان القطري، ذلك الانسان المتميز المثالي حيث يندر وجوده في هذا الزمان الأغبر. وكنت أقول لهم (أحسن منكم الصحابة فقط رضوان الله عليهم)، ليس مداهنة ولا مجاملة بل هي الحقيقة. والانسان المعاصر قلق ومتهور وحائر وجائر ينزلق فوق سطوح الاشياء فلا شئ يلهمه ولا شئ يحرك كوامنه الداخلية فلا يستشعر أية دهشة ولا اجلال، أناني متبلد يبحث عن سفاسف الأمور، أما الانسان القطري فهو فريد في معاملاته يتعامل بانسانية وحضارية يؤكد ما أقوله كل من ذهب إلى قطر وعاشر انسانها. الدوحة هي عاصمة قطر وهي عاصمة للثقافة العربية حيث نجد الطفرة الثقافية والتعليمية والاجتماعية. والدوحة هي دوحة الجميع يعيش في كنفها وتحت ظلالها كل الناس في أمان وسلام واطمئنان ومحبة من خلال التعامل الجمالي بالأخلاق المتجملة والابداعات الرائعة. وفي هذه الأيام العرس الثقافي بقطر حيث تعيش دولة قطر تحت وهج الحضور المبدع على معزوفات أوتار الحروف العربية من خلال أنغام الموسيقى الكلاسيكية والحديثة، المسموعة والمرئية والمحسة، في تناغم الأوتار الداخلية للانسان مع أنغام الأنشودة العلوية الخالدة «الموسيقى الفيماورائية - «Meta Music. ان كانت دولة قطر صغيرة في حجمها الجغرافي (المكاني) إلا أنها كبيرة في حجمها الحضاري والانساني والتاريخي (الزماني). نجد الانسان القطري عند كل (هيعة) من قبل في افغانستان وباكستان وسراييفو والآن في دارفور السودان وفي لبنان وفي اليمن. كل ذلك من خلال قيادة حكيمة اذ نجد ان أمير دولة قطر اول رئيس دولة عربية يزور جنوب لبنان بعد الخراب الصهيوني والاعمار القطري، مع اني لا أحب الوزراء ولا الحكام إلا اني مجبر على احترام الأخ حمد بن خليفة أمير دولة قطر، والأخ حمد بن جبر وزير خارجية قطر لصراحته المعهودة وصدقه في التوجه السياسي بشجاعة وواقعية، وكذلك السيدة موزة حرم أمير البلاد لما قامت وتقوم به من طفرة تعليمية وثقافية والامثلة كثيرة منهم وزير الثقافة الذي يقود الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010م باقتدار وسلاسة بالتحلي والتجلي. كل هذه الانجازات الثقافية والاجتماعية والانمائية والسياسية تتم من خلال صدق الانسان القطري في تعاملاته الانسانية واستقامته حيث استقام فاستقامت له الحياة يقول تعالى: «وألو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا) (الجن:16)، وقوله: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) (الأعراف: 96)، وقوله: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) (طه: 123) صدق الله العظيم. نجد أن الانسان القطري سواء كان حاكماً أو محكوماً فهو في اتساق مع نفسه ومع غيره، وفي اتساق مع الزمان المتغير والمكان المتجدد، من خلال الحق والخير والجمال والاستعلاء والاستقامة. زادهم الله من نعيمه في الدنيا والآخرة.. وتحياتنا من على البعد إلى أهل قطر الميامين وبارك الله فيكم وفي مساعيكم ومبادراتكم الجميلة، والأخلاق الجمالية الأصيلة. ويكفي قطر فخراً الحراك السياسي للساسة القطريين ومحاولة قطر في اعادة اللحمة العربية ووحدة عربية لها مكانتها العالمية. ويكفي قطر وجود نوادٍ ثقافية مثل نادي الجسرة الثقافي والسد وغيرها من الأندية الرياضية والثقافية والعلمية، وصدور مجلات ثقافية واسلامية مثل مجلة (الأمة) ومجلة (الدوحة) الثقافية. نتمنى لأهل قطر حكومة وشعباً التقدم والازدهار في تحقيق انسانية الانسان - ويمكن طرح مشروع محو الأمية (الحضارية) للنساء لتربية الانسان القادم لبناء حضارة جمالية. * أستاذ الجماليات بجامعة النيلين