درجت الأحزاب السياسية في بعض البلدان على اشتقاق مصطلح معين يتنادى به أعضاء الحزب فيما بينهم، وعلى الصعيد العالمي فإن أبرز تلك المصطلحات مفردة «الرفيق» أو «كومرد» والتي باتت تراثاً محتكراً للأحزاب الشيوعية في العالم وعلى رأسها الحزب الشيوعي السوفيتي «سابقاً» أو الروسي «حالياً». ومن مآثر الحزب الشيوعي السوداني وانفكاكاً من شبهة التبعية للحزب الشيوعي السوفيتي والتي أنفق جهداً كبيراً في نفيها.. من مآثره أنه سودن مفردة رفيق هذه واستبدلها بمفردة «زميل»، فراحت عضويته تتنادى ب «الزميل» و«الزميلة» مما جعلها ماركة تجارية مسجلة باسمهم. أما أحزاب البعث سواء في العراق أو سوريا إلى جانب أفرعه القطرية الأخرى، فقد عضوا بأسنانهم على مفردة «الرفيق»، وذلك لتأكيد انتمائهم لقبيلة اليسار بمفهومها العام، ففي العراق مثلاً كان الراحل صدام حسين يُطلق عليه لقب السيد الرئيس المهيب صدام حسين «المهيب عندهم رتبة عسكرية لعلها تعادل المشير»، هذا إن كان الأمر يتعلق بمنصبه في الدولة، ولكن حين يتعلق الخبر بموقعه الحزبي فيصبح الرفيق صدام حسين أمين سر القيادة القطرية. أما الاتحاديون بمختلف أحزابهم وفصائلهم وتياراتهم فقد حرصوا منذ ميلاد حزب الأشقاء «أول حزب سوداني» في الأربعينيات على مفردة « شقيق».. وظلوا يتنادون بها إلى يومنا هذا، وقد أسهمت رابطة طلاب الاتحاديين في توطين هذه المفردة في أوساط الاتحاديين، ولعل الأمر يبدو طريفاً حين يخاطب واحد من شباب الحزب لم يتجاوز عمره العشرين عاماً.. يخاطب عضواً في قامة وعُمر عمنا الراحل الحاج مضوي محمد أحمد ب «الشقيق العم الحاج مضوي»..!! وهكذا أيضاً أصبحت مفردة «شقيق» ماركة اتحادية مسجلة. إما إخوتنا في حزب الأمة، فالسيد الصادق المهدي معروف ببراعته في استنباط المفردات السياسية الحرَّاقة التي يستعملها أحياناً كمدفعية ثقيلة يقصف بها خصومه السياسيين، لذلك غاص بسهولة ويسر في تراث الثورة المهدية وأتاهم بمفردة «الحبيب» التي كان يصدر بها الإمام المهدي منشوراته إلى الأحباب. وقد أضحكنا ذات يوم الأستاذ ساطع الحاج المحامي الذي ينتمي للحزب الناصري ونحن في ندوة بدار حزب الأمة، حين خاطب الأخت الكريمة الدكتورة مريم الصادق ب «الحبيبة الدكتورة مريم»، ولما استشعر بعض الحرج صاح في الميكرفون مخاطباً جماهير حزب الأمة «نعمل معاكم شنو.. مش إنتوا قاعدين تنادوا بعض كده..؟!» أما الإخوة في الاتجاه الإسلامي فقد كانت مفردتهم الأثيرة «أخوكم في الله»، وظلوا يتداولونها منذ عهد الإخوان المسلمين مروراً بجبهة الميثاق الإسلامي وانتهاءً بالجبهة الإسلامية القومية، إلى أن جاءت الإنقاذ فأصبحت مفردة «يا شيخنا» هي جواز المرور إلى جنان عهد التمكين، خصوصاً إن كان قائلها محفوف الشارب ومرسل اللحية. وتبقى المفردة السودانية الخالصة لدى أكثرية أبناء الشعب السوداني الذين ليسوا اشقاءً أو أحباباً أو زملاءً أو رفاقاً أو من جماعة «يا شيخنا».. تبقى مفردتهم الأثيرة «يا زول».. يا زول وبس..!!