كنا نعلم أن مولانا محمد بشارة دوسة سيكون إضافة حقيقية لمسيرة العدالة في السودان بعد ان تنكبت الطريق وأصبحت سيرتها تلاك في المحافل الدولية وعلى رؤوس الأشهاد ، كنا نعلم ذلك فالفراسة عند بعض الناس لا تخطئ ولذلك إنتفض دولاب العمل بوزارة العدل لمقدمة ونفض عن نفسه وملفاته الغبار فجاء مؤتمر النيابات وجاءت مبادرة تسريع إجراءات قضايا سوق المواسير وضمان سرعة البت في اكثر من اربعين الف بلاغ دون عن المسألة ، ثم تجئ اليوم خطوة إلغاء الرسوم التي كانت تجبى بواسطة النيابات من طالبي الخدمة وهذا لعمري عمل في البلاد كبير . لقد رأينا جميعاً كيف أصبحت عملية التقاضي في السودان مكلفة وحدثنا كثير من المحامين عن الرسوم الباهظة المفروضة من قبل الدولة بواسطة النيابات والمحاكم نظير تقديم الخدمة لطالبيها الأمر الذي جعل الكثيرين يشعرون بالحسرة لضياع الحقوق بسبب عدم القدرة على إنتزاعها لأن إنتزاعها يتطلب ان تدفع ، نعم ان كثيراً من الحقوق المدنية للشعب السوداني تم تضييعها بسبب العقلية الجبائية ورغم ان تاريخ التقاضي والمحاكم لا يخلو من دفع بعض الرسوم الا انها لم تكن أبداً بالحجم والصورة التعجيزية التي إبتكرتها الإنقاذ والحق أقول إن كثيراً من المجرمين اكتشفوا هذا السر فعمدوا الى إرتكاب الجرائم المختلفة لعلمهم بأن المتضررين المفترضين لن يستطيعوا مقابلة التكاليف المالية والرسوم المفروضة بواسطة النيابات والمحاكم . لقد جاء عهد جديد يستطيع فيه المظاليم التحرك لنيل الحقوق والثقة بأن وزارة العدل تعمل على تذليل الصعوبات فينالون حقوقهم دون خشية من الإنفاق على عملية التقاضي بإجراءاتها التصاعدية ومن المهم ان نشجع مثل هذه الخطوات فالعدل أساس الحكم وربما استطاعت وزارة العدل في مقبل الأيام بسلوكها هذا ان تخرج السودان من محنة التربص الدولي المستمر لنظامنا العدلي ، إن من ييسر على الفقراء والمظاليم مشقة البحث عن الحقوق بواسطة دفع المال يستطيع ان يوفر على الحكام مشقة الإفلات من العقاب الذي يتحدث عنه الغرب ، وستنجح وزارة العدل السودانية في إقناع الكثير من المسؤولين بالمثول أمام لجانها للتحقيق معهم بشأن تهم مسنودة إليهم سواء ان كانت حقيقية او زوراً وبهتانا ثم تمضي العملية الى نهاياتها التي ستكون حتماً سابقة إيجابية تضاف الى سجل النظام العدلي في السودان . ولن ننسى ونحن نرحب بخطوة العدل إلغاء الرسوم التي كانت تجبى ان نناشد الإخوة في رئاسة الجهاز القضائي ان يحذو حذو العدل بإلغاء الرسوم المفروضة من المحاكم كرسوم إستئنافات او فصل في منازعات بواسطة المحاكم العليا والمحكمة الدستورية ، ان تخفيف الرسوم الخاصة بالإستئنافات يصب لصالح مساواة الأغنياء وأصحاب المال والنفوذ مع الذين لا يتمتعون بهذه المزية في حق البحث عن الحقوق والعدالة المفترضة ، اننا نناشد ونهيب بالسلطة القضائية ان تيسر عمليات التقاضي فلا تجعلها مكلفة ومرهقة على من ليس له مال فرب مظلوم - يمكن ان ينال حقه اذا تقاضى - لا يستطيع رفع مظلمته بسبب قلة المال فيرفع يديه الى السماء شاكياً الظالم وأعوانه او مثل حجر عثرة بينه وبين ظالمه..رب انشر العدل وثبت دعائمه .