ما أعذب قول الشاعر في إسداء المعروف وثمراته: ازرع جميلاً ولو طال في غير موضعه فلن يضيع جميل أينما زرعا إنّ الجميل وإن طال الزمان به فليس يحصده إلا الذي زرعا كم كان المرء يتمني لو كتب الله له حجة هذا العام، لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن. وما اسعد من وفقهم الله لأداء هذه الفريضة «الركن الخامس من أركان الإسلام». في مثل هذه الأيام المباركات قبل عامين انتقلت روح والدتي رحمها الله وغفر لها إلى الرفيق الاعلى، ورأيت أنه من الأنسب أن ابتعد قليلا عن السياسة وأوجاعها لنخصص مقالة هذا الأسبوع، لهذه الأيام من شهر ذي الحجة، لما لها من أفضال كثيرة على سائر أيام السنة. فقد أنعم الله تعالى علينا بنعم كثيرة جدا، حيث مواسم الخير يتبع بعضها بعضاً، فبعد أن انقضى شهر رمضان ها هو موسم الحج قد أقبل، وها هي العشر من ذي الحجة بين ظهرانينا نتنسم عبيرها، والسعيد من وفقه الله في اغتنام نفحاتها، وهنيئا لمن أكرمهم الله بالرحيل إلى تلك الأماكن المقدسة لأداء فريضة الحج في هذه الأيام المباركات. فهذه المواسم التي هي للمؤمنين مغنَم لاكتساب الخَيرات ورفعِ الدّرجات، وهي لهم مناسَبة لتحصيل الحسناتِ، والحَطّ من السيِّئات، تتكرر علينا كل عام، ليتكرر بها علينا فضل الله، ونجدد النشاط لصالح الأعمال. يقول العلماء إن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوّره، ولذلك فإننا لا بد أن نستفيد من هذه الأيام أيما استفادة، كونها لا تتكرر في العام إلا مرة واحدة في موسم الحج، لنتصور فضل هذه الأيام المباركات حتى نعرف قيمتها وأهميتها، ونقدّرها حق قدرها، فقد أقسم الله تعالي بها في كتابه الكريم، فقال «وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ الفجر»، وقال العلماء إن الليالي العشر هي عشر ذي الحجة، قال الإمام الطبري رحمه الله «والصواب من القول في ذلك عندنا أنها عشر الأضحى، لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه» جامع البيان. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله «والليالي العشر المُراد بها عشر ذي الحجة، وقال الإمام الشوكاني رحمه الله «هي عشر ذي الحجة في قول جمهور المفسرين» فتح القدير. وقد أقسم الله بهذه العشر، وهذا دليل واضح على عِظمها وشرفها. وأقسم الله تعالى بيوم عرفة على وجه الخصوص، وذلك في قوله تعالى «والسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ» البروج، قَالَ «الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ» السلسلة الصحيحة. والعشر هي الأيام المعلومات التي ورد ذكرها في قوله تعالى «وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ» الحج. وهي العشر التي أشار إليها الله تعالى في قوله «وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» الأعراف. وهي أعظم أيام السنة، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النبي قَالَ «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ وَلاَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ» صحيح الترغيب. وهي أفضل أيام الدنيا كلها. عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله قَالَ «أفضل أيام الدنيا العشر» يعني عشر ذي الحجة» صحيح الترغيب. وفيها أعظم الأيام يوم النحر. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ رضي الله عنه عَنِ النبي قَالَ «إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» صحيح الجامع. ويوم القر هو اليوم الذي يلي يوم النحر، لأن الناس يقرون فيه بمنى، بعد أن فرغوا من الطواف والنحر واستراحوا. قال الإمام ابن القيم «فالزمان المتضمن لمثل هذه الأعمال أهلٌ أن يُقسم الله عزَّ وجلَّ به» التبيان في أقسام القرآن. ففي هذه الأيام يوم عرفة، وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين، قَالَ «الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ» السلسلة الصحيحة. وقَالَ «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ التي بَعْدَهُ» مسلم. وفي هذه الأيام يضاعف الله للمؤمنين الأجر، وثواب العمل، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ» قَالُوا: وَلا الْجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلا الْجِهَادُ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» البخاري. وفضل هذه الأيام وعظمتها يؤكده حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ؟ قَالَ: «لا أَجِدُهُ» قَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلا تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلا تُفْطِرَ؟» قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟ متفق عليه. قال الحافظ ابن رجب «وهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل، في غيره، ويزيد عليه، لمضاعفة ثوابه وأجره» «لطائف المعارف». ومع ما للجهاد من مكانة عظيمة يبين النبي صلى الله عليه وسلم، أن الطاعة في هذه الأيام المباركات، التي هي دون الجهاد في غير العشر أفضل منه، أما الجهاد فيها فلا شيء يعدله. ومن فضل هذه الأيام أيضا ما أشار إليه الحافظ بن حجر رحمه الله «وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي اِمْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اِجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ، وَهِيَ «الصَّلاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ» وَلا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ» فتح الباري. والمشهور أن فضل وميزة هذه العشر في أيامها، وفضيلة عشر رمضان في لياليها، قال شيخ الإسلام رحمه الله «أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَاللَّيَالِي الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ لَيَالِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ» ثم قَالَ الإمام ابْنُ الْقَيِّمُ رحمه الله تعقيباً «وَإِذَا تَأَمَّلنا هَذَا الْجَوَابَ وَجَدَناه شَافِياً كَافِياً؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ فِيهَا أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَفِيهَا يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَأَمَّا لَيَالِي عَشْرِ رَمَضَانَ فَهِيَ لَيَالِي الإِحْيَاءِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُحْيِيهَا كُلَّهَا، وَفِيهَا لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ فَمَنْ أَجَابَ بِغَيْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يُدْلِيَ بِحُجَّةٍ صَحِيحَةٍ» مجموع الفتاوى. ومن أجل الأعمال وأعظمها في هذه الأيام الحج لمن اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» متفق عليه. ومنها أيضا العمرة فقد شرع رسولنا الكريم عليه أفضل السلام وأتم التسليم العمرة في أشهر الحج، مخالفاً بذلك المشركين القائلين «إِذَا عَفَا الْوَبَرْ، وَبَرَأَ الدَّبَرْ، وَدَخَلَ صَفَرْ، فَقَدْ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ» صحيح سنن أبي داؤود. مَا أَعْمَرَ رَسُولُ اللَّهِ في ذي الْحِجَّةِ إِلاَّ لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ أَمْرَ أَهْلِ الشِّرْكِ، وندب أصحابه إلى التمتع الذي يأتي فيه الإنسان بعمرة في أشهر الحج، وقرن في حجه بينه والعمرة، واعتمر أربع مرات كلهنّ في أشهر الحج، صحيح مسلم. والاعتناء بالفرائض إذ لا أحب إلى الله منها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيَّا؛ فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ» البخاري. ومنها كثرة النوافل من تلاوة للقرآن والتنفُّل بالصلاة وإدامة الذكر والصلة والصدقة، وإعانة المحتاج، «كم من فقير ومسكين يسكن بالقرب منك ولا تحس بفقره وجوعه وألمه؟ فلو تصدقت عليه في هذه الأيام كان لك عند الله أجرا كبيرا» وعلينا ألا ننسى فيها ذكر الله، بل ينبغي أن نكثر، قال الحافظ بن رجب رحمه الله «وأما استحباب الإكثار من الذكر فيها في أيام العشر لقول الله عزَّ وجلَّ «وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ»، فإن الأيام المعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء» لطائف المعارف. وقال الإمام النووي «اعلم أنه يُستحبُّ الإِكثار من الأذكار في هذا العشر زيادةً على غيره، ويُستحب من ذلك في يوم عرفة أكثر من باقي العشر» وصيام يوم عرفة لغير الحاج من أجل الأعمال عند الله تعالى. الأذكار وصيام التسع، فمن غُلب أخذ منها ما يُطيقه، فعن هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ امْرَأَتِهِ قَالَتْ «حَدَّثَتْنِي بَعْضُ نِسَاءِ النَّبِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَتِسْعا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ» صحيح النسائي. وقال سعيد بن جبير «لا تطفئوا سُرُجكم ليالي العشر» انظر اللطائف، كناية عن القراءة والقيام ودعاء يوم عرفة، قال«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قبلي لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» صحيح مشكاة المصابيح . قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله «وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره، وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره، وفي الحديث أيضا دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب». التمهيد التكبير لقول النبي «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلاَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ» صححه الشيخ أحمد شاكر في تخريج المسند. قال الإمام البخاري : وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي اللًَّهُ عنهما يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ في أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاس بِتَكْبِيرِهِمَا» الإرواء. وعن يزيد بن أبي زياد قال: «رأيت سعيد بن جبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومجاهدا، أو اثنين من هؤلاء الثلاثة، ومن رأينا من فقهاء الناس يقولون في أيام العشر: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد» أحكام العيدين. وعن ميمون بن مهران قال: «أدركت الناس وإنهم ليكبرون في العشر حتى كنت أشبّهه بالأمواج من كثرتها، ويقول إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير» فتح الباري لابن رجب. وينبغي الجهرُ به؛ إحياءً للسنة، وتذكيرا للغافل، والتكبير فيها قسمان مطلق ويكون في العشر كلها وأيام التشريق مقيد بدبر الصلاة المكتوبة والنافلة، مِن صُبح يومِ عرفة إلى العصرِ من آخر أيّام التشريق، انظر مجموع الفتاوى، الفتح، وأمّا للحاجّ فيبدأ التكبير المقيّد عقِب صلاةِ الظهر من يوم النحر. صفة التكبير هي«اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ» الإرواء. أما صلاة العيد فهي واجبة في الراجح من قول العلماء، خاصة مذهب الإمام أبي حنيفة، وأحد أقوال الإمام الشافعي ورواية عن الإمام أحمد، وبه قال بعض المالكية واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، واختيار تلميذه ابن القيم رحمهم الله، انظر الشرح الممتع. صفة صلاة العيد: صلاة العيد ركعتان، لحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ «صَلاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلاةُ الأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ» صحيح ابْن مَاجَة، يُكبِّر في الركعة الأولى سبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد تكبيرة الانتقال. صحيح ابْن مَاجَة. ويستحب بين كل تكبيرتين أن يقول «سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ويصلي على النبي» لما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال «بين كل تكبيرتين حمد لله عز وجل، وثناء على الله»، وحسنه العلامة الألباني في القول البديع. الأضحية: والأضحية من خير القُرُبات في يوم العيد، واختلف العلماء في حكمها، والصحيح أنها سنة مؤكدة «يُكْرَه تَرْكهَا مَعَ الْقُدْرَة»، والله أعلم، فتح الباري، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَال «ضَحَّى النَّبِيُّ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» متفق عليه. والسنة أن يشهد المضحي أضحيته، وأن يباشرها بنفسه، وأن يأكل منها شيئا كما فعل النبي وإن وكَّل غيره جاز، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر أن النبي نحر بيده ثلاثا وستين من هديه في الحج، ووكَّل عليًّا رضي الله عنه في البقية؛ ولأن الأصل هو الجواز ولا دليل على منعه. وإذا دخلت العشر؛ ينبغي لمن أراد أن يضحي عدم أخذ شيء من شعره أو أظفاره أو بشرته حتى يذبح أضحيته لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي قال «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئا» مسلم، وفي رواية له «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ»، وهذا النهي مختص بصاحب الأضحية، أما المضحى عنهم من الزوجة والأولاد؛ فلا يعمهم النهي، لأن النبي ذكر المضحي، ولم يذكر المضحى عنهم. ومن أخذ شيئا من شعره أو أظفاره في العشر متعمدا من غير عذر وهو يريد أن يضحي، فإن ذلك لا يمنعه من الأضحية، ولا كفارة عليه، ولكن عليه التوبة إلى الله «أحكام الأضحية لابن عثيمين» رحمه الله، لكن لا ينبغي للفقراء أن يكلفوا أنفسهم فوق طاقتهم ليضحوا فقد ضحى عنا رسولنا الكريم. ولنحرص على الخير في هذه الأيام حتى ننال مرضاة الله تعالى . وحتى لا تكون هذه الأيام التي فضلها الله عن غيرها كسائر أيامنا في الدنيا، وكل عام وانتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال. وما تلك بيمنك يا موسى سرق إعرابي صرة فيها دراهم ثم دخل المسجد يصلى وكان اسمه موسى، فقرأ الإمام «وما تلك بيمينك يا موسى؟» فقال الأعرابي: والله إنك لساحر ثم رمى الصرة وخرج انه زوجي الأول. يُروى أن رجلاً كان يتناول الطعام مع زوجته، وعلى المائدة دجاجتان، فطرق الباب مسكين، فنهره الرجل، وردَّه ردّاً سيِّئاً، ولم يعطه ما يسد به جوعته، واستاءت الزوجة لتصرف زوجها.. ودارت الأيّام دورتها، وافتقر الرجل، وطلّق زوجته، فتزوجت زوجته برجل آخر.. وذات يوم كانت تتناول الطعام مع زوجها.. وكانت أمامها دجاجتان، وطرق الباب مسكين، فأمر الزوج زوجته بإعطاء المسكين إحدى الدجاجتين، ففعلت، وعادت وهي تبكي!! فسألها عن سبب بكائها؟ فقالت: أتدري مَنْ السائل؟ إنّه زوجي الأوّل!! فقال لها: أتدرين مَنْ أنا؟ أنا السائل الأوّل؟ كاتب وصحافي سوداني مقيم فى قطر