لم يجف المداد الذي استطلعنا فيه عدداً من مزارعي مشروع الجزيرة عن سير العروة الشتوية وأبانوا أن كل شئ على ما يرام إلا وتقاطرت علينا الاتصالات وصيحات الاستنجاد بأن العطش يهدد مساحات كبيرة من المساحات المزروعة قمحا مما أعاد إلى أذهان الجميع سيناريو مآسي العطش الذي عايشه المزارعون إبان العروة الصيفية مما أدى لذهاب سحابة التفاؤلات التي خيمت على الجميع بعد الاستقرار في الري ومعدلاته في بداية العروة الشتوية الحالية. وحذر عدد من المزارعين من مغبة امتداد موجة العطش الحالية والتي قد تؤدي لخروج الموسم من بين أيديهم إن لم تتحرك الجهات المسؤولة بالمشروع لا سيما في إدارة الري لتطهير القنوات وإزالة كمية الطمى الذي سد طريق المياه فيها فمنعها من الانسياب . ففي ترعة الحصاحيصا بحري يقول رئيس رابطة مستخدمي المياه الزين بخيت إن الأوضاع بالترعة وبالقسم تنبئ بمستقبل قاتم لمحصول القمح جراء العطش الذي تعرض له هذا الموسم بعد أن استبشر المزارعون بإنتاجية وفيرة منه جراء توفر المياه غير أن ما حدث على حد مفرداته أرجع( ريمة المشروع لقديمها) حيث إن وابورات سحب المياه أصبحت السمة المميزة للترعة الأمر الذي يقود إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج بصورة عامة وطالب الجهات المسؤولة باتخاذ إجراءات سريعة للحد من العطش الذي استشرى في جنبات المشروع حتى لا تلحق العروة الشتوية بسابقتها في الصيف. وقال الزين إن الضائقة التي يشتكى منها المواطنون تعتبر تكراراً لنفس سيناريو سابقتها في العروة الشتوية وختم حديثه إلينا بأن الأمر كأنما مدبر من بعض الجهات التي لاتريد للمشروع أن يتقدم فانقطاع المياه عن القمح في مرحلة ( اللبنة ) يعرضه لكثير من النقص في الإنتاجية مما يؤدي لتدنيها . وفي ترعتي الخلفي والمحريبا بمكتب المعيلق بالقسم الشمالي يقول المزارع ناصر الجبار إن محصول القمح لديهم معرض للعطش والهلاك جراء انعدام مياه الري في القنوات الرئيسة والفرعية مما حدا بالمزارعين الاتجاه لسحب المياه بالوابورات على ارتفاع تكلفتها وأبان أن تكلفة أجرة الوابور لمدة أربع وعشرين ساعة 100جنيه والتي تستطيع ري أربعة فدان فقط وقال إن الوابورات تزيد من تكلفة الإنتاج وأن جميع المزارعين لا تتوفر لهم المبالغ المطلوبة وطالب الجبار إدارة المشروع بالاستعجال في معالجة العطش قبل فوات الأوان. وغير بعيد عن حديثه يقول أزهري عمر العبيد إن العطش قد بلغ مبلغا كبيرا ترعتي الخلفي التي تضم 40 نمرة وترعة المحريبا التي تروي 55 نمرة وابان أن الجهات المسؤولة إن لم تتخذ إجراءات إسعافية لنجاة القمح والمحاصيل الشتوية من العطش فإن الإنتاجية سوف تتدنى وربما تكون صفرا إذا ما استمر الحال على ما هو عليه الآن . وقال أحد المتقاعدين بإدارة المشروع فضل حجب اسمه إن ما يحدث بالمشروع الآن كان متوقعاً نسبة لغياب الإدارة عن ما يجري بالمشروع بالإضافة لتطبيق قانون المشروع الذي منح الحق لكل مزارع لاختيار ما يراه مناسبا من المحاصيل دون أي قيود أو شروط تراعي سعة مواعين الري ومقدرتها على ري المساحات حيث كان في السابق يتم توزيع المحاصيل وزراعتها بنسب معينة تتوافق وسعة مواعين الري غير أنه الآن يتم زراعة كل المساحات في وقت واحد مما أدى لحدوث الضوائق المائية التي نشهدها الآن بجانب الغياب التام لإدارة الري بالمشروع والتي أصبحت شبه تجارية ودعا إلى إعادة النظر في قانون المشروع وتحديد المساحات المزروعة في كل عروة حتى يتم وضع حدٍ للفوضى الزراعية التي عمت المشروع .