مفهوم الشراكة الاستراتيجية يعبر عن تعاون دولتين أواكثر في نشاط إنتاجي أو استخراجي أو خدمي، حيث يقوم كل طرف بالإسهام بنصيب من العناصر اللازمة لقيام هذه الشراكة (رأسمال، العمل، التنظيم)، وقد يتخذ هذا التعاون المشترك شكل إقامة مشروعات جديدة أو زيادة الكفاءة الإنتاجية لمشروعات قائمة فعلا عن طريق إدماجها في مشروع مشترك يخضع لإدارة جديدة، ولايقتصر الأمر في الشراكة التي دعا إليها الإتحاد الأوروبي مع الدول المتوسطية على الجانب الاقتصادي فقط، بل يتعداه ليشمل الجوانب الأخرى (السياسية، الإجتماعية والثقافية). لقد تم استعمال كلمة شراكة استراتيجية كثيرا من طرف الباحثين فهى تتمثل في كل أشكال التعاون ما بين مؤسسات أو منظمات لمدة معينة تهدف إلى تقوية فعالية المتعاملين من أجل تحقيق الأهداف التي تم تحديدها ، ومن اهم خصائص الشراكة التقارب والتعاون المشترك، أي لا بد من الاتفاق حول حد أدنى من المرجعيات المشتركة تسمح بالتفاهم والإعتراف بالمصلحة العليا للأطراف المتعاقدة ، علاقات التكافؤ بين المتعاملين، قد يكون الطرف الوطني شخصية معنوية عامة أو خاصة، لا تقتصر الشراكة على تقديم حصة في رأس المال، بل يمكن أن تتم من خلال تقديم خبرة أو نقل تكنولوجي أو دراية أو معرفة... إلخ ، لا بد أن يكون لكل طرف الحق في إدارة المشروع (إدارة مشتركة)، والتقارب والتعاون المشترك على أساس الثقة وتقاسم المخاطر بغية تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة، إلتقاء أهداف المتعاملين (على الأقل في مجال النشاط المعني بالتعاون) والتي ينبغي أن تؤدي إلى تحقيق نوع من التكامل والمعاملة المماثلة على مستوى مساهمات الشركاء والمتعاملين. من مصطلح مفهوم للشراكة الاستراتيجية فقد نادت معظم اوراق الباحثين المشاركين فى مؤتمر العلاقات المصرية السودانية على ضوء الظروف الراهنة فى السودان، بضرورة عقد شراكة استراتيجية سودانية مصرية، وذلك نتيجة للتقارب الجغرافى والقيم الثقافية والتاريخية والدينية المشتركة والتحديات الاقليمية والمحلية التى تتعرض لها البلدان، قدم الدكتور ابراهيم دياب ورقة بعنوان الشراكة الاستراتيجية المصرية السودانية ضرورة أمنية، وتقوم فكرة الورقة حول إمكانية وضع آلية للتعاون والترابط بين البلدين وذلك من خلال الترابط الثقافى والاجتماعى السودانى المصرى ، أما دكتور السمانى فقد تناول فى موضوع بعنوان حتمية وحدة وادى النيل، وتبلورت الفكرة بان العالم الآن اتجه الى التكتلات الاقليمية والدولية من ما يؤدى الى اذابة الدولة الوطنية، فعقب الاستفتاء فى الجنوب فى يناير من عام 2011م، وسواء كانت النتيجة انفصال الجنوب او ظل السودان موحدا فإن المستقبل يشير الى ان وحدة الوادى، فبالتالى فإن الوحدة امر حتمى لضمان وجود شعب وادى النيل واكد على القواسم المشتركة التى شملت العادات والتقاليد بما فيها من اديان ولغة فقد ساعدت على تشكيل وجدان وملامح وحدة وادى النيل، أما الأستاذ هاني رسلان فقد وجه فى ورقته بضرورة قيام شراكة إستراتيجية سودانية مصرية فى ضوء سيناريوهات حق تقرير المصير فى الجنوب، وتقوم فكرة الشراكة بين البلدين على محورين: أمني واقتصادي ، بحيث تستجيب للمصالح الاقتصادية المشتركة للبلدين وتؤمن تنسيقا دفاعيا في مواجهة الأخطار الخارجية، مع بقاء الدولتين القائمتين، وتسعى فى المستقبل لإقرار عملة وجواز سفر موحدين وتستند على الأسس القانونية القائمة الآن، مع السعى لتطويرها لمقابلة متطلبات الشراكة الاستراتيجية التى ينبغى أن تسير فى ظل تواصل مجتمعى على المستويات الثقاقية والاعلامية والاجتماعية . فالتداعيات المترتبة على نتائج الاستفتاء فى حالتى الوحدة او الانفصال فى الساحة السودانية او المصرية سوف تكون لها آثار كبيرة على الجانبين مما يدعى الى ترسيخ مبدأ الشراكة والتعاون الاستراتيجى بين البلدين فى المجالات الاقتصادية والامنية والسياسية والاجتماعية لتفادى الاضطرابات التى تحدث جراء نتيجة الاستفتاء، وذلك لتحقيق التنمية الشاملة وتبادل الخبرات ولتعزيز الاستقرار فى البلدين. وعلى ضوء فكرة الشراكة الاستراتيجية السودانية المصرية، بدعوة من مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام التقى عدد من الباحثين المشاركين فى مؤتمر العلاقات المصرية السودانية فى ظل الظروف الراهنة المنعقد بمعهد البحوث والدراسات الافريقية ، بالاضافة الى المثقفين والناشطين السياسيين المهتمين بالشأن السودانى المصرى من الجانبين لمناقشة فكرة الشراكة بين البلدين فى ظل الاوضاع الراهنة فى السودان وكيفية معالجتها واخراجها. وتبلورت فكرة النقاش حسب ما ورد فى موقع سودانيل حول الشراكة بين البلدين على ضرورة الاتفاق على أهمية دعم وتطوير العلاقات المصرية والسودانية خاصة في ظل الظروف السياسية الراهنة التي تهدد مستقبل السودان، واستصحاب البعد الشعبي عبر الدعوة لحوار شعبي واسع تشارك فيه الأحزاب والمنظمات الشعبية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني في البلدين لبحث مسار العلاقات بين البلدين، وتوسيع الشراكة - فى اللحظة التى يراها جنوب السودان مناسبة له- لتصبح ثلاثية تضم مصر وشمال وجنوب السودان ثم تنداح لتشمل دول حوض النيل، والتركيز على المصالح المباشرة للشعبين بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومراعاة البعد التنموي، وضرورة انفتاح مصر على الريف والهامش السوداني الواسع وعدم التركيز على العاصمة والمدن الكبيرة، والاعتماد على الإرث الإنساني الإيجابي الذي يشكل جسرا بين البلدين، لا بد من التدرج ومراعاة الحساسيات المتبادلة، والسعى الى تصفيتها وتجاوزها عبر حوارات موضوعية ومكثفة بين الجانبين، والانتباه للمدخل الثقافي وتيسير التفاعلات الثقافية بين البلدين، مراعاة التوازن بين اعتبارين: عدم استفزاز الجنوب واحتواء أضرار الانفصال. * المركز العالمى للدراسات الأفريقية