لم يعد لمجالس العامة شاغل هذه الأيام أكثر من الانتخابات التي يزمع عقدها في شهر أبريل القادم وكيف يمكن للمرشحين الخروج بالبلاد من ضيق أوضاعها الحالية إلى سعة الديمقراطية وتبني المشاريع الممنهجة والمدروسة وفق رؤى ومحددات معينة، غير أن المتابع لا يلحظ أي ملامح لبرنامج اقتصادي واضح لأي من المرشحين على كل المستويات لذا رأينا في الصحافة أن نستنطق أهل الشأن في دنيا الاقتصاد لرسم المحددات للبرامج والخطط الاقتصادية التي يجب أن يتبناها المرشحون والتي تتواءم وإمكانيات وموارد البلاد الاقتصادية حتى يتسنى للمرشحين الاقتداء بها والسير على هداها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا . فيرى البروفيسور عصام بوب أن أهم البرامج الاقتصادية التي يجب أن يتبناها المرشحون والعمل على إنزالها إلى أرض الواقع تثبيت الأسعار والحد من معدلات التضخم وإعادة النظر في قطاع الأجور والتوقف عن الخصخصة العشوائية وبناء جهاز جديد للأسعار بحيث يتمكن المواطن البسيط العيش على راتبه بجانب التدخل بصورة فاعلة في قطاعات الصحة والتعليم وإثبات جدية لتوفير فرص عمل للقوى السودانية القادرة على العمل ،على أن يقوم ذلك على آلية إعادة النظر في بناء هيكل قطاع الخدمة المدنية بالبلاد بأن تكون الخدمة المدنية منزهة عن العمل السياسي وأن يعاد لها مفهوم أنها خادم للمواطن وليس العكس مع إستحداث هيكل استراتيجي حقيقي للتخطيط والتنفيذ لا يخضع للقرار السياسي بل يهتم بمقدرات الأمة. أما الدكتور محمد الناير يرى أن ما يجب عمله في القطاع الزراعي من قبل المرشحين بعد فوزهم العمل على الارتقاء بالقطاع الزراعي لأنه عماد الاقتصاد بالبلاد حيث قل إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي بعد أن كان يشكل أكثر من 40% إلا أنه في العام 2008 وصل إلى حوالي 36% حسب تقرير البنك المركزي لذلك يقول الناير لابد من وضع خطة قابلة للتنفيذ يتم تمويلها من فائض عائدات النفط للنهوض بالقطاع الزراعي وأن يكون الهدف الأساسي فيها تخفيض تكلفة الإنتاج التي تقود إلى خفض سعر المنتجات في الأسواق المحلية والعالمية وبالتالي مقدرتها على المنافسة بجانب مساهمتها في زيادة أرباح المزارعين، وللوصول لهذا الهدف يرى الناير لابد من زيادة الإنتاج والإنتاجية بالتوسع رأسيا في المساحات ورأسيا في الإنتاج بجانب الاهتمام بنقل تجارب دول الجوار في مضمار الزراعة بالإضافة لتسريع برنامج حصاد المياه بإكمال تشغيل سد مروى بطاقته القصوى وشق الترعتين المقترحتين منه ليصبح الري انسيابيا بالشمالية لري 2 مليون فدان رغم علو تكلفتهما والتي تصل إلى أكثر من مليار جنيه بالإضافة للإسراع في مشروع تعلية خزان الروصيرص بجانب الاهتمام بقيام السدود والعمل على حفظ مياه الأودية والخيران في مواعين تخزينية مناسبة وزيادة الحفائر والاستفادة من مخزون المياه الجوفية ،وعلاوة على ذلك لابد من تشجيع الاستثمار في القطاع الزراعي وإعادة النظر في التركيبة المحصولية الحالية واختيار أخرى تكون قادرة على مواكبة التغيرات التي طرأت على أذواق المستهلكين محليا وعالميا والاهتمام بالقطاع الزراعي عامة بشقيه النباتي والحيواني بالعمل على اكتمال البنيات التحتية في القطاع حتى يكون جاذبا مع استحداث صيغة توفيقية ترضي المزارع والمستثمر والدولة. مع ضرورة إنشاء مزارع تربية وتسمين للحيوانات حتى تتوافق مع رؤى وأذواق المستوردين لها مع ضرورة تحسين مواعين الصادر.. وفي القطاع الصناعي يقول الناير لابد من التأمين على أن السودان يزخر بموارد زراعية وصناعية كبيرة تمكنه من تصنيفه ضمن منظومة العالم المتقدم وأهم المميزات التي يتسم بها السودان توفر الخام إذا ما تم النهوض بالقطاع الزراعي ( القطن - القمح - الصمغ العربي - الحبوب الزيتية - الكركدي ) إضافة للاهتما باللحوم والأسماك مما يمهد الطريق لقطاع صناعي قوي علاوة على إلغاء كل اشكال الرسوم والضرائب غير القانونية المفروضة من كافة مستويات الحكم التي تعيق تطور الصناعة مع ضروة تخفيض تكلفة الكهرباء مع ضمان استمرار إمدادها بصورة مستمرة من أجل تخفيض تكلفة الإنتاج كما لابد من العمل على رفع كفاءتنا التسويقية والترويجية والدعائية لمنتجات البلاد حتى تلائم أذواق المستهلكين محليا ودوليا وفوق كل ذلك لابد من تبني خطة لرفع الطاقة الإنتاجية للمصانع العاملة وضرب الناير مثلا بمصانع إنتاج الزيوت التي تعمل بطاقة 25% من قوتها التصميمية مما ينعكس سلبا على أسعار منتجاتها. وفي القطاع الخدمي يقول الناير لابد من تفعيل وتنشيط قطاع الاستثمار السياحي بالبلاد وزيادة السعة الفندقية وألا تنحصر على العاصمة بل يجب أن تمتد لتشمل كافة المدن الكبيرة في جميع أرجاء السودان مع تطوير قطاع الاتصالات وتقليل أسعار خدماته لا سيما في مجال الانترنت كما يلزم تطوير قطاع النقل بكل مستوياته البري والجوي والبحري والاهتمام بتعبيد الطرق وتوصيلها إلى مناطق الإنتاج والاستهلاك مع تخفيض تعرفة تكلفة استهلاك المياه والكهرباء ومجانية الصحة والتعليم مع توفير مسكن لكل مواطن في حدود مقدرته المالية. وختم حديثه إلينا بضروة إعادة النظر في سياسة التحرير الاقتصادي التي تتبناها الدولة من خلال السياسات ووفرة السلع الضرورية للمواطن وليس عن طريق فرض الأسعار مع إزالة الازدواج الضريبي المفروض على بعض السلع الضرورية مثل السكر والأسمنت والوقود مع إطلاق العنان لآلية السوق لتحديد أسعارها.