ليس من المستغرب ان تختفي في المرحلة المقبلة عدد من الوجوه كانت تتقلب بين الوزارات وكأنها رمز للعبقرية في حين ان الفشل ظل ملازماً للأداء العام للدولة طيلة سنوات تقلب أولئك الوزراء في المناصب المختلفة ، ان الولاء الحزبي وحده لا يقدم الامم المتطلعة للتنمية والرقي وتطوير مواردها البشرية ، لا بد من تقييم الأداء ولذلك تتوقع الاوساط المتابعة ذهاب عدد من الوزراء والوزارات الى غير رجعة - ما اكثرها وما اكثرهم - بل وذهاب بعض الولاة لصالح مطلوبات المرحلة خصوصاً ولاة ولايات التماس وبعض الولاة المتورطين في قضايا فساد وتأجيج الصراعات . فعلى سبيل المثال يتساءل الناس عن دواعي انشاء وزارات جديدة غير مطلوبة بحسب الإحتياجات الاساسية التي أمنت عليها الاستراتيجية القومية الخاصة بتنمية الموارد البشرية رأسياً وليس افقياً ، فوزارة الثقافة والإعلام كانت فيما مضى وزارة واحدة وكانت تديرها اقسام متخصصة وتسير بصورة طبيعية فلماذا تم ( تقسيمها ) الى وزارتين ؟ أليس في ذلك ارهاق لموارد البلاد وتراجع عن تنمية المورد البشري البسيط الموجود الذي كان يدير العمل ؟ وما الداعي بعد ذلك لإنشاء وزارة للثقافة والاعلام بولاية الخرطوم ؟ هذه الوزارة لاداعي لها البتة فهي عوضاً عن تضارب اختصاصاتها مع الوزارة الاتحادية كانت اصلاً ادارة من ادارات وزارة الشئون الاجتماعية والثقافية ولاية الخرطوم فأين التقشف المبشر به من كل هذا التبديد العشوائي للموارد ؟ انه تناقض غريب وتخبط مكشوف ولذلك يتوقع الناس ان تتضمن التشكيلة الوزارية القادمة إنهاء مسألة تبعيض الوزارات وإنهاء حالة الوظائف العشوائية التي لاتخدم غرضاً ولاتنمي مورداً بشرياً..فهل ستختفي الوزارات المنشطرة ويتم التخلص من الفائض لصالح تطبيق سياسة التقشف الحكومي التي ابتكرها القطاع الاقتصادي وأقرها البرلمان ام ان المسألة سياسات على الورق وأقوال بلا أفعال . وكذا الحال بالنسبة لوزارة الموارد البشرية الجديدة المستنسخة من وزارة العمل واقسامها التسعة ، ووزارة الكهرباء التي هي في الأساس عبارة عن هيئة حكومية مثلها مثل بقية الهيئات الحكومية الاخرى التي لا ترقى لتضخيمها عمداً لتصبح وزارة مكلفة لا تتناسب والرغبة في استرداد القروض الربوية الموقعة في هذا المجال والمفترض اعتمادها بواسطة وزارة المالية الاتحادية ، ان وزارة الموارد البشرية تقوم اليوم على حوالي الخمسة عشر ادارة في الوقت الذي كانت فيه وزارة العمل تقوم بكافة الأعباء عبر عدد محدود من الاقسام فهل سيتم ادماج وزارة العمل في وزارة الموارد البشرية ام يحدث العكس وتنتهي مسألة تعدد الوزراء ووزراء الدولة بكل من الوزارتين ؟ اما بالنسبة للصحة فإن ذهاب الوزير الاتحادي الى الطرف الآخر من الوطن بعد الاستفتاء يفرز حالة اتزان كانت مطلوبة بحيث يتم اعتماد وزير الدولة الحالي وزيراً اتحادياً دون الحاجة الى ابتكار منصب وزير دولة جديد ، والوزير الحالي يعتبر انسب من يقود الوزارة في المرحلة المقبلة لعدة اسباب فهو اكتسب الخبرة الكافية خلال الفترة الماضية واستطاع ان يلم بكافة خفايا ومشكلات القطاع الصحي بل يستطيع بخلفيته الطبية والعسكرية ان يواكب مطلوبات المرحلة القادمة من توفير الدعم اللوجستي الطبي للبلاد بالتنسيق مع الاطراف ذات الصلة وقد رأينا سرعة استجابته لمطلوبات جرحى الاشتباكات الدامية في ابيي الاسبوع الماضي . ان التشكيلة الوزارية الجديدة لن تخرج في سماتها العامة عن ارهاصات السياسة التقشفية التي تبنتها الدولة في اواخر العام المنصرم حينما اقرت الزيادات في اسعار المحروقات والسكر واعترفت بترهل الجهاز التنفيذي على حساب تجويد الأداء والإنتاج وبشرت برغبتها في تكوين حكومة قومية تكون ( رشيقة القوام ) تقوم بأعباء الجهاز التنفيذي وتلبي أشواق القوى السياسية السودانية في المشاركة في الحكم من واقع تطوير وتنمية الموارد البشرية لمرحلة ما بعد إنشطار السودان القسري .