من الطابق السابع عشر، يبدو منحنى النيل لطيفاً. كورنيش من أربعة مسارات،خالي تقريباً من الحركة، يؤدي إلي أحد الجسور الجديدة في الخرطوم. والى الخرطوم المفعم بالحيوية والنشاط أوضح أن الأحوال هادئة في المدينة بالرغم من الإرتفاع الحاد في الأسعار وأحداث تونس التي يتردد صداها من بعيد. كما يفعل الوالي، ألاحظ في هذه الرقعة النامية من الخرطوم ومن هذا الإرتفاع، أنني أستطيع رؤية القليل من الناس وحتى عدد أقل من المباني. إنها بعيدة كل البعد عن الشوارع المزدحمة في أم درمان أو قاعات المحاضرات المزدحمة في الجامعات في كل أنحاء السودان. يوم الجمعة ذهبت إلى جوبا حيث كان الجو هادئاً ومريحاً. قبل يوم من نهاية الإستفتاء، كان معظم الناس قد أدلوا بأصواتهم. وصلت من الخرطوم برفقة بروفيسور محمد ابراهبم خليل الذي حكى لي عن سنينه الباكرة وعن خرطوم أخرى مختلفة. كان بروفيسور خليل من أواخر الذين تم قبولهم في كلية غردون التذكارية قبل الحرب العالمية الثانية. المروج كانت رائعة، يتذكر خليل، ولكن منذ فترة طويلة تم البناء عليها. بكثير من التهذيب المعتاد ، طلب مني أن أغادر الطائرة قبله ولكني رفضت حيث كانت هناك جمهرة من أعضاء مكتب إستفتاء جنوب السودان وكاميرات التلفزيون ليستقبلونه إستقبال الأبطال. لم يكن قد زار جوبا منذ يوليو والآن حانت اللحظة لرئيس مفوضية إستفتاء جنوب السودان ليأتي و يتم إستقباله بالأحضان. أنا واثق أنها مشاعر معقدة ومؤثرة بالنسبة له. مع الإحساس بالواجب المغروس فيه من زمان، قام بروفيسور خليل بإنجاز إستفتاء خالي من العيوب إلى حد كبير وهو الإستفتاء الذي من شأنه أن يقسم البلاد التي أعرف أن وحدتها عزيزة على قلبه. رجل غير عادي لمرحلة غير عادية. بالعودة مرة أخرى للخرطوم، لقد إنتهى الإستفتاء وتحول إهتمامنا الآن للمستقبل. المبعوث البريطاني الخاص للسودان، مايكل رايدر جاء إلي الخرطوم في زيارة حافلة لمدة يومين بعد أن كان قد توقف في لوساكا، بريتوريا، كمبالا وجوبا. في الخرطوم عملنا مع الشركاء السودانيين والدوليين للخروج بأفكار لتجاوز القضايا العالقة في أتفاق السلام الشامل. المساهمة المتميزة للمملكة المتحدة قد تكون غالباً الجهود المبذولة لحل مشكلة ديون السودان الخارجية، ترسيم الحدود المتنازع عليها بين الشمال والجنوب وكيفية إيجاد حدود مرنة. معظم النقاشات كانت حول كيفية خلق مناخ إقتصادي وسياسي في كل السودان لضمان الإستقرار، الإستثمار والنمو. مايكل عزز من رغبة وزير خارجيتنا أن يكون محايداً في التعامل مع الخرطوموجوبا و أهمية أن يتفادى الطرفان أي خطوات أحادية يمكن أن تقود إلي نزاع. القيادة السودانية المسؤولة أنتجت إستفتاء سلمي. في 2011، ستكون هناك حاجة للحنكة مراراً وتكراراً * سفير صاحبة الجلالة بالسودان