عندما يحدث شيء مثير، سواء كان جيداً أو سيئاً، من الطبيعي أن يتحدث الجميع عنه. يكثر الحديث هذه الأيام في الخرطوم وجوبا ومناطق أخرى بينهما والحديث مفيد إذا كان قلبك يقفز أو ينزف. إنه كذلك الوقت الذي يستمع فيه الناس لبعضهم البعض، للشائعات، الإعلام، للدبلوماسيين في بعض الأحيان وفوق ذلك كله لقادتهم. لحسن الحظ فإن القيادة ، سواء الأفريقية على شاكلة الرئيس السابق ثابو مبيكي أو السودانية، تعطي رسائل قوية واضحة ومطمئنة. يوم الأربعاء سمعت الرئيس مبيكي يتحدث عن «بداية جديدة» للسودان بإعتبارها فخرا و أملا لإفريقيا. في الأيام الماضية، أعلن القادة في الشمال والجنوب أن يد الصداقة ستمتد حتى في حالة إنفصال البلاد، إذا كانت هذه هي النتيجة، كما سيتم إحترام التنوع. كلتا القيادتين نالت التقدير الذي تستحقه على الإنجاز الذي تحقق خلال الست سنوات الماضية : تنفيذ إتفاق السلام الشامل والآن قيام الإستفتاء. شكك الكثيرون في إمكانية قيام الإستفتاء في التاسع من يناير. بالرغم من كل ذلك، يبدو أن مراكز الإقتراع ستفتح في الوقت المحدد. هذا إنجاز كبير ينبغي أن تفخر به مفوضية إستفتاء جنوب السودان ورئيسها الإستثنائي بروفيسور خليل وكل الأطراف. لقد كان دعم المملكة المتحدة المالي، العملي و السياسي واسع النطاق. المزاج السائد في أوساط النخبة السياسية والمجتمع الدبلوماسي كان متأرجحاً خلال الأسبوعين الماضيين. الإرتياح، المفاجأة والثقة المتنامية تسود، ولكن تحت السطح الهادئ، الناس العاديون في الخرطوم متوترون والشائعات منتشرة بكثرة. الخوف غالباً من المجهول. لكن الناس أيضاً يتذكرون أحداث العنف المميتة التي أعقبت الوفاة المفاجئة لجون قرنق في 2005. لا أحد يتوقع أن تكرر هذه الأحداث والسلطات محتاطة بشكل جيد. القيادات المحلية والدينية سيلعبون دوراً مهماً في طمأنة الناس والمحافظة على السلام. من جهة أخرى، هناك دائماً إحتمال لنشوب نزاع على الحدود بين الشمال والجنوب، حيث لا يزال جزء من الحدود موضع تنازع. قوات الطرفين تبقى في حالة تأهب قصوى وفي مواضع قريبة. بعثة الأممالمتحدة في السودان مستعدة بشكل جيد ولكن مرة أخرى السلام يتوقف على القرارات التي يتخذها القادة العسكريون والسياسيون. إنه وقت للعقول الهادئة ولتوجيه الأمور فى مسار متزن. حقيقةً، السودان يمكن أن يصبح مثالاً باهراً لكيفية صنع السلام وبناء شيء مميز جداً ، نموذج جديد للإقتصاد و التعاون السياسي والإجتماعي عبر الحدود وأيضاً للتسامح والحكم الراشد داخل الحدود. الجائزة كبيرة وإستفتاء الأسبوع القادم لا يعدو كونه الخيار الأول ضمن خيارات أخرى قادمة. + سفير صاحبة الجلالة بالسودان