٭ كلمتنا اليوم نوجهها بأسلوب (مُبسَّط) للنائمين في عسل السلطة لعلهم (يفهمون!!).. ٭ فقد كتبنا كلمة سابقة - في ضوء ما حدث في تونس - تحت عنوان (أَلآن؟!)، ولكنهم لم يفهموا.. ٭ وقلنا إن بن علي حين قال (الآن فهمت) - في الزمن الضائع - لم يشذ عن السابقين من أمثاله، ولكنهم لم يفهموا.. ٭ وقلنا إن السلطة ذات (الكنكشة) تجعل على عيون الحاكمين غشاوة (بمبيِّة) تحول دون رؤية الواقع (السوداوي) كما هو، ولكنهم لم يفهموا.. ٭ ثم جاءت أحداث مصر، فقلنا لعلهم الآن يفهمون.. ٭ فكل الذي درجوا على أن يطمئنوا به أنفسهم هنا يوجد هناك مثله و(زيادة!!).. ٭ فإذا كانت تغرُّهم سنوات حكمهم العشرين ونيف هنا - دليلاً على رضا الشعب -، فهناك مثل سنواتهم هذه وزيادة بمقدار فارق عشر من السنوات.. ٭ وإذا كانوا يعتدون بانجازات لهم هنا ، فهناك مثلها وزيادة بمقدار الفارق في الجسور والكباري الطائرة وعائدات الصادر والبنى التحتية.. ٭ وإذا كان يعجبهم ما (يخيفون!!) به الناس هنا، فهناك مثله وزيادة بمقدار الفارق في العدد والعدة والعتاد.. ٭ وإذا كانوا يحاجُّون بانتخابات هنا، فقد جرت هناك مثلها وزيادة بمقدار الفارق في (الحبكة!!).. ٭ وإذا كانوا يسخرون من ضعفٍ لدى المعارضة هنا، فهناك سخرية مثلها وزيادة بمقدار الفارق في الضعف بين المعارضتين.. ٭ وإذا كان ذلك كله يكسبهم ثقة في النفس هنا تتبَّدى (تحدياً) في القول حين مخاطبة الأغيار، فهناك ثقة مثلها وزيادة بمقدار الفوارق تلك جميعاً التي أشرنا إليها.. ٭ ونُبسِّط الآن أكثر لعلهم يفهمون.. ٭ لعلهم يفهمون قبل أن يأتي الأوان الذي قال فيه بن علي: (الآن فهمت!!).. ٭ والذي أوشك أن يُقال فيه الشئ نفسه هناك حتى لحظة كتابة هذه الكلمة نهار البارحة.. ٭ فالذي قيل هناك هذا يمكن وصفه بأنه (شبه فهم) بالنظر إلى استمرار الاحتجاجات بالرغم من إقالة الحكومة برموزها كافة.. ٭ نُبسِّط ونقول إن ذوي ألسنة أكثر طولاً هناك من ألسنة هنا قالوا في أعقاب (فهم!!) بن علي المتأخر ،إن مصر (حاجة تانية خالص).. ٭ وقالوا إن مصر لديها إلتزامات إقليمية ذات (حساسية!!) لا يمكن أن يقبل الغرب بتعريضها للخطر (عشان خاطر عيون أي حد).. ٭ وقالوا إن مصر دولة مؤسسات (مش أي كلام).. ٭ وقالوا إن قِوى الأمن المصرية ذات (الجاهزية!!) العالية قادرة على (ردع!!) كل من يريد أن (يلعب بالنار!!).. ٭ وقالوا إن الذين عجزوا عن منازلة الحزب الوطني في الانتخابات عليهم أن (يختشوا على دمّهم) بدلاً من التهديد بنزال في الشارع.. ٭ قالوا - بإختصار - كل الذي يقول مثله أشباهٌ لهم هنا و(زيادة).. ٭ ثم قال الشعب قوله، فإذا بكل أصحاب الأقول المتحدِّية هذه (فصِّ ملح وداب).. ٭ ومن (ظهر) منهم ليقول شيئاً كان قوله مفاجئاً للذين اعتادوا على سماع عبارات السخرية و(التريقة) والتحدِّي من تلقائهم.. ٭ فمجدي الدقَّاق - مثلاً - لم يكن هو ذاك الذي عرفه الناس.. ٭ لقد كان (منكسراً!!)، ومهذباً، وعقلانياً.. ٭ وكذلك رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب مصطفى الفقي.. ٭ وأيضاً الناطق الرسمي باسم الحكومة صفوت الشريف.. ٭ والأخير هذا كان صاحب التصريح الاستفزازي المشابه لذاك الذي أدلى به قبل أيام قيادي إنقاذي كبير.. ٭ فقد قال - أي الشريف - إن غالبية الشعب المصري هي مع الحكومة القائمة من واقع الانتخابات الأخيرة.. ٭ ثم أضاف: (نشوف بأه مين اللي ح ينزل الشارع؟!).. ٭ وفي اليوم التالي كانت الشوارع المصرية (تمتلئ!!!) بالمتظاهرين.. ٭ وشبيهه السوداني - من حيث السخرية والتحدي - كان قد قال الشئ نفسه تقريباً قبل تصريح صفوت الشريف ذاك بنحو يومين.. ٭ قال إن الشعب السوداني هو الذي (أمَّن) على حكم الإنقاذ عبر الانتخابات الأخيرة.. ٭ ومن قبل قال بن علي إن الشعب التونسي هو الذي جدَّد له فترة حكمه الرئاسية الحالية عبر صناديق الاقتراع.. ٭ ف(المكنكشون!!) دائماً لا يبصرون الحقائق إلا بعد فوات الأوان.. ٭ ولا يتخلون عن سخريتهم وتحديهم واستفزازهم إلا بعد فوات الأوان.. ٭ ولا يستبينون نصائح الناصحين لهم إلا بعد فوات الأوان.. ٭ ولا ينتبهون إلى عجز أدوات (القوة!!) عن قهر وإرادة الشعوب إلا بعد فوات الأوان.. ٭ ولا يشعرون بفداحة ما اقترفته إيديهم من ظلم وبطش وكبت إلا بعد فوات الأوان.. ٭ ولا يرون (شعبيتهم!!) على (حقيقتها!!) إلا بعد فوات الأوان.. ٭ ولا يقولون إنهم (فهموا!!!) - مثل بن علي - إلا بعد فوات الأوان.. ٭ فاللحظة التي يقول فيها أحد (المكنكشين) هؤلاء: (الآن فهمت) تماثل تماماً لحظة قُبيل إطلاق صافرة النهاية في الزمن الضائع المحسوب من عمر مباريات كرة القدم.. ٭ أو تماثل الثواني الأخيرة من زمن الامتحان التي تسبق الأوامر بوضع القلم.. ٭ أو تماثل التوبة التي تكون عند الغرغرة.. ٭ فهي اللحظة التي يذوب فيها كما (الآيسكريم!!) نظام كان يبدو في صلابة الصخرة.. ٭ ويذوب فيها كما (البسكويت في الشاي) قياديون كانوا يبدون في قوة هرقل.. ٭ فهل تُرانا بسَّطنا حتى يفهم (غير الفاهمين) قبل فوات الأوان؟!.. ٭ أم أن المكتوب على جبين (الكنكشة) لا بد (تشوفو العين)؟!!!!