بعض المواطنين وصفوا الأوضاع في المؤسسات العامة بغير المرضية ويشوبها التهميش، وطغت ظاهرة الانصراف عن العمل التي باتت تسيطر على المؤسسات الحكومية وفي حالة تزايد مستمر، فالكثير من الموظفين تنصب اهتماماتهم في اشياء هامشية بجانب العمل الذي يأتي في المرتبة الثانية، وقلما تدخل مؤسسة دون أن يقع أمام عينيك منظر موظفة وهي تستعرض بضائعها التي أتت بها من احدى الدول الخارجية، ولا تقل قريناتها عنها في الاهتمام بمثل هذه الاشياء التي تحسب على وقت العمل، بالاضافة الى الوقت الذي يستهلك لتناول وجبة الافطار واحتساء الشاي، بحيث اصبحوا مثار نقاش من قبل الاشخاص الذين يقصدون تلك المؤسسات بغرض انجاز بعض شؤونهم التي تتعلق بواحدة من منها، بحيث يقضون يومهم بأكمله في انتظار الموظفين ليكملوا إفطارهم الذي ينتهي عند منتصف النهار، ومن بعدها ينصرفون الى الصلاة التي يعودون منها عند الثانية والنصف، وحينها يكون وقت الدوام قد انتهى، وما عليك إلا أن تعود في اليوم الثاني لتكمل يومك في إحدى مؤسسات الدولة. وأخيراً بات الجميع يتحدثون عن معاناة المواطنين داخل مؤسسات الدولة، وتحدث الينا المهندس مرتضى جبر الله الذي قال إنه قصد احدى الوزارات لاكمال اجراءات معاملة تخص الشركة التي يعمل بها، واستغرقت اكثر من ثلاثة ايام داخل الوزارة المعنية بحجج واهية. الجدير بالذكر أنه أضاع يوماً كاملاً في انتظار موظفات أغلقن عليهن باب مكتبهن لمواصلة شجار عنيف دار بينهن بسبب «صرفة صندوق»، وظل جالسا الى أن انتهى وقت الدوام، وتفاجأ بالموظفات يحملن حقائبهن اليدوية للخروج من المؤسسة، وعندما قال لهن أحد زملائهن إلى أين؟ الساعة لم تتجاوز الثانية والنصف، ردت عليه إحداهن «قدر القروش البدونا ليها». وأضاف مرتضى قائلاً إن مديري الادارات في المؤسسات يتحملون مسؤولية هذه الفوضى كاملة، لأنهم يتساهلون مع الموظفين في مثل هذ التصرفات غير المتزنة التي لا تليق بالمؤسسات العامة حكومية كانت او خاصة. وذكرت لنا طالبة جامعية أن منظر العاملات في مدخل الجامعة التي تدرس بها وهن يستعرضن بعض الملابس والأواني المنزلية غير لائق بمؤسسة تعليمية. وقالت إن هذا المنظر يتكرر كثيرا، وإن دلَّ على شيء انما يدل على أن كل شخص في المؤسسة يفعل ما يريد وكيفما شاء بدون حسيب ولا رقيب. وأضافت قائلة إن هذا بعيد عن السلوك الحضاري وسمات الحياء التي يتميز بها المجتمع السوداني. وتسألت لماذا لا تنعكس ثقافتنا الرفيعة في أماكن عملنا؟ والموظفون يتعاملون بهمجية في أماكن عملهم، وبخلق ضيق للغاية ونفس قصير في التفاهم مع المواطنين المغلوبين على أمرهم، وليس امامهم سوى الصبر امامهم، فدائما ما يكونون محتاجين الى الاوراق، لذلك يصبحون تحت رحمتهم، وبحسب مزاج الموظفين يعملون دون اكتراث إلى أن هذا مصدر رزق ومن المفترض ان يحلل. ويبدو أن المؤسسات العامة لا تفرض ضوابطها على الموظفين التي ينضوون تحت لوائها، والا لما احتج المواطنون الذين يتوجهون اليها لقضاء بعض أعمالهم التي تتعلق بهذه المؤسسات، التي أصبحت تكلف المواطنين فوق طاقتهم في ضياع الوقت والإرهاق الجسدي.