لم يكن صباح امس صباحا عاديا انه اليوم الاول في وطن بلا جنوبه واليوم الاول في تغيير مساحة ارض المليون ميل مربع والبحث عن رقم جديد تعرف به المساحة التي تبقت من ارض السودان ، بيد انه لم يكن يوما بلا جنوبيين غير انهم لم يعودوا كما في السابق . عم جمعة الذي يقاسمنا المنزل في الفتيحاب لم يأت ككل صباح كعادته يبدو ان دموع اخلاص قرنق ومناحاتها في قاعة الصداقة وهي تنادي «ليه فصلتونا ما كنا حلوين ياالبشير الحقني ويا سلفاكير » قد اثرت عليه عبرات بت قرنق خنقت الكثيرين ممن حبسوها في المآقي بعد ان وقعت الفاجعة علي رأس الوطن ، فاجعة بدت ظاهرة في عيون الناس صباحا وعكستها ما نشيتات صحف الخرطوم التي حملها الجميع معه في برلمان الشارع اليومي في حافلات المواصلات العامة التي احتشدت بالصور المعبرة امس الاول . «الصحافة » التقطت احدى هذه الصور في الحافلة القادمة من الفتيحاب في طريقها لقلب الخرطوم حيث جلس احد الشيوخ في المقعد الثاني للحافلة جلسة تسمح له بحق اختيار من يشاركه رحلته وربما ونسة الصباح تجاوز كثيرين ممن صعدوا الي الحافلة اخيرا اختار شريكه في المقعد احد السودانيين المنحدرين من الدولة الجديدة القديمة في العشرينات من عمره صعد الي الحافلة فنادي عليه صاحب المقعد «انت محلك هنا جنبي » ، جلس الشاب بعد ان حياه مع تحرك الحافلة انطلق تساؤل الشيخ خلاص خليتونا ماشين ؟؟ السؤال الذي بدأ مفاجئا تعامل معه الجار بشكل سريع ورد قائلا « لو ان النيل توقف عن الجريان المعتاد سنتوقف نحن » ، قبل ان يضيف ان الذي بيننا سيبقي ما بقينا اخوة متحابين السؤال والاجابة انطلقتا سريعا لتفتحا مساحات النقاش بين ركاب الحافلة كل يحكي قصصه مع الاخر ورواياته بكل الحب والتواصل السوداني قبل ان تحسم اصابع الكمساري مطالبا بحق التذكرة، اصابع الشاب كانت الاقرب الي جيبه من الشيخ فاخرج جنيه السودان الموحد ودفع حقه وحق جاره، واضاف ساخرا انا كدة طالبك حق مواصلات لو اتلاقينا تاني في الخرطوم او في جوبا وكأنه يصدر الجنسية الشعبية المزدوجة. ساخرا من كل خلافات الساسة في اول ايام السودان بلا جنوبه .