محلية أم دم حاج أحمد احدى محليات شمال كردفان، وإذا كان من المعلوم أن لكل منطقة طابعا تاريخيا يميزها، فإن أم دم هي المحلية التي تتميز بكثرة خلاوى القرآن المنتشرة في أرجائها، حيث تستأثر المحلية بخلاوى الشيخ عبد الرحيم البرعي الشهيرة، إلى جانب خلاوى الشيخ الشايقي وشيخ الغالي والشيخ علي ابو قرون، وكثير من الخلاوى وتقابات القرآن التي يصعب حصرها. وتتكون محلية أم دم من تسع إداريات هي أم دم وسط، البحرية، الزريقة القيزان، الزريقة الفكي، أم جرف، مزدلفة، أم تقر، أم صميمة، شربيك ومجرور. وتبلغ مساحتها حوالي «4840» كيلومتراً، وعدد سكانها يربو على «175000» نسمة يتوزعون على قبائل الجوامعة، سريحات، أولاد بيكر، طريفية، حرانية، غنيمية، حيدابة وبعض المجموعات السكانية الأخرى كالشوايقة والجعليين، وغيرها من قبائل السودان الأخرى. ويمتهن غالبية السكان الزراعة والرعي، إلى جانب التجارة التي هم أصحاب باع وشطارة فيها واشتهروا بها. ولمحلية أم دم أثر ظاهر وواضح في دعم خزينة الولاية والدولة بما تنتجه من سمسم ودخن وفول، إلى جانب دعم الصادر عبر ثروتها الحيوانية الضخمة المتمثلة في الضأن والإبل والماعز. ورغم هذا الثراء الاقتصادي والديني والاجتماعي، لم تجد المنطقة ما تستحق من التنمية والخدمات. «الصحافة» انتقلت الى المنطقة بهدف الوقوف على واقع الخدمات وآراء الاهالي بالمحلية، فتحدث أحمد حسن الذي يعمل معلما قائلا «ان المحلية تعتبر من المحليات التي تتمتع بقدر معقول نسبيا من المدارس، ولكن هنالك نقص في الكتاب المدرسي والاجلاس، وبالنسبة للمعلم فهو يعاني في كل شيء، ولولا أنه نذر نفسه لخدمة أهله لترك هذه المهنة منذ زمن طويل، لأنها أصبحت طاردة لعدم اهتمام الدولة بالمعلم الذي هو اساس العملية التربوية». أما المواطن عبد الله محمد الحاج مزارع من قرية تبوسة، فقال إنهم يعانون العطش في المنطقة الشرقية في قرى زايد وتبوسة وكليوات وبادي، اضافة إلى الارتفاع المخيف في الاسعار وانعدام الخدمات الصحية. وقال عبد الله إنهم باعتبارهم مزارعين يعيشون على الكفاف رغم مساهمتهم في الدخل المحلي والولائي والقومي، عبر ما يبذلونه من جهد في الزراعة والرعي، دون أن تقابل ذلك خدمات وتنمية. فيما ذهب المواطن بابكر حامد من أم دم وسط، إلى أن مستشفى أم دم يحتاج للاهتمام من الجهات المسؤولة، حيث يحتاج إلى صيانة الإسعاف المتعطل، اضافة الى شح الأدوية والمعينات التي تساعد في تقديم خدمة صحية أفضل لسكان المحلية، مشيرا الى مستشفى زريبة البرعي الذي يعتبر اضافة، إلا أن وعورة الطرق تحول بينه ومواطني المحلية، اضافة إلى حالة العوز والفقر التي يعاني منها اغلب المواطنين، وتقف حائلاً بينهم والوصول إلى المستشفى. وقال احد مواطني أم دم شرق، ان المحلية تضم أغنى حوض للمياه الجوفية، ويرتبط هذا الحوض بحوض بارا وام روابة، ورغم ذلك تعاني أجزاء واسعة من المحلية العطش وتحتاج إلى آبار ودوانكي ومضخات. أما الكهرباء فهنالك مشروع كهرباء أم دم الذي شارف على الاكتمال بتركيب وابورين واكمال الشبكة الداخلية، أما كهرباء الزريبة فقد اكتملت، ومضى قائلاً أن ام دم وسط تتمتع بشبكة للمياه وأخرى بأم صميمة يكتمل العمل فيها خلال الشهر القادم، أما باقي انحاء الولاية فإنها تفتقر لهذه الخدمات وتنتظر مدها بالكهرباء من الشبكة القومية التي وصلت الولاية، إلا أنهم غير متفائلين بأن تصلهم الكهرباء في القريب لأسباب كثيرة. وقال رغم ذلك تعتبر محلية ام دم أحسن حالاً من كثير من محليات الولاية، حيث من المفترض قيام مشروع «أم بالجي» التجريبي لزراعة الحمضيات والفواكه والخضر، ورغم ذلك تعتبر المحلية مظلومة من ناحية التنمية والخدمات قياسا بما تقدمه للولاية والمركز. إن المحلية لها دور كبير في تاريخ السودان السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث يتميز إنسانها بالجلد والصبر والتهذيب العالي الذي يقف حائلا بينهم والمطالبة بحقوقهم المشروعة في التنمية والخدمات، كما أن للمنطقة دوراً تاريخياً في مناهضة الاستعمار الانجليزي، مثال أسرة ود رحمة، وهي واحدة من الأسر الكثيرة التي ساهمت وبشكل كبير في طرد المستعمر، كما أن لأبنائها المنتشرين في بقاع السودان وخارجه دوراً في نهضة السودان أمثال عمر محمد خير الأمين العام للطاقة والنفط، ودكتور فيصل وزير الثروة الحيوانية الاتحادي ووالي شمال كردفان الأسبق، والأستاذ النور أحمد النور رئيس تحرير «الصحافة» ودكتور صلاح الدين الهادي وزير الشؤون الاجتماعية بالولاية، والخبير الاقتصادي حسن سعد، والمرحوم ادريس يوسف صاحب شركة «فدوس» وغيرهم من العلماء والأطباء والمهندسين وخلافه. هذا هو لسان حال بعض مواطني أم دم حاج أحمد الذين اكدوا انهم يعطون ولا يجدون المقابل، رغم الثراء الواضح للمحلية في انسانها، وهو العنصر المهم في عملية التنمية. ورغم ثرائها الروحي وانسانها المتدين اضافة إلى ثروتها الطبيعية، إلا أن أم دم في حاجة الى التفات المسؤولين إليها على مستوى المركز قبل الولاية.