الرئيس الامريكي أوباما وقف تحية واحتراماً لشباب الثورة المصرية وقال كلمة ضافية على هامش الاحتفالات وفيها جاء قوله (مع هؤلاء الشباب نشتم رائحة غاندي ومارتن لوثر كنج، انهم سيظلون غدوة في تاريخ البشرية) ان انتفاضة الشباب في مصر قدمت لنا نموذجا مغايرا عن شباب (الفيس بوك) الذين كنا نظنهم حناكيش وما (ناس حارة) ليقطعوا الشك باليقين ويثبتوا أنهم (رجال ما ساهلين) وثورة مصر وقف معها الفنانون والأدباء والشعراء وهي قدمت صورة جديدة عن الشباب العربي، الشباب المدرك لمسؤولياته الوطنية والانسانية مثلما قدمت ثورة الفنان الواعي بمسؤوليته الاجتماعية والوطنية، إلا ان واقع الفن في السودان وتحديداً في وسط بعض شباب المغنين يكشف انهم ما يزالون في غيبوبة فنية في كلامهم وغناهم وتصرفاتهم. وسوف أذكر بعض الامثلة لأوضح مدى هذه الغيبوبة الفنية.. المثال الأول يختص بالفنان محمود عبد العزيز وهو للأمانة قد حاول أن يقاوم التردي الذي حصل له في برنامج (أغاني وأغاني) بقناة النيل الأزرق حيث ظهر محمود بصورة حيرت الناس صورة لا تليق بفنان له جمهوره، قاوم محمود هذه الحالة وبدأ يظهر على المنتديات الخرطومية ويقدم نفسه بشكل جديد، إلا انه سرعان ما عاد لتوهانه القديم. وبدأ يظهر في الحفلات بشكل غريب محاطاً بمجموعة من المعجبين المصطنعين... وبعضهم يرقص رقصاً هسترياً ويحتفي هؤلاء بمحمود بطريقة تضره ولا تتناسب مع واقعنا السوداني الذي يكره تمجيد الاشخاص، ظهر محمود في احدى الحفلات وهو يرتدي زيا أحمر اللون و(طربوش) كأنه بهلول ثم تبارى هؤلاء المعجبون في تمجيده ومن شدة دهشتهم به يسمونه (الحوت) ويطلقون عليه أوصافا وكأنه (امبراطور) جديد ويصدق محمود هذا الاحتفاء الغبي ويرسل ابتسامة فرحاً بما حققه من انتصارات (وهمية) نعم وهمية لأن واقع محمود عبد العزيز الفنان يقول انه لم يحقق التقدم والتطور المنشود به كفنان ولم يغادر محطة (العمر من وين يشتروا). يحتاج محمود إلى الجلوس مع نفسه والتفكير بوعي بعد أن ينفض هذا المولد الاحتفائي الذي يكسر مجاديف الفنان ولا يضيف له ولا سطر جديد. أرجو أن ينصرف محمود عبد العزيز إلى فنه ويترك هذا (الطربوش الأحمر) والاحتفالات الهوجاء والألقاب المضحكة. المثال الثاني يتعلق بفنان اسمه أحمد الصادق فنان ثقافته محدودة وقدراته أكثر محدودية، تقف معه مجموعة تحاول أن تقنعنا بأنه الفنان الذري وتنسى أن صناعة نجم تحتاج إلى موهبة وخيال ورؤية، وأحمد الصادق، فنان محدود القدرات ولكنه يصدق ما يصنعه هؤلاء المنبهرون به. هذه المجموعة التي تقف خلف أحمد الصادق لم تكتف بأن أطلقت عليه اسم الامبراطور ولم تكتف بالرقص الهستيري في حفلاته وها هي في حفل (الامبراطور) الأخير تقدمه في (كرسي بزي الامبراطور) وكأنها تريد أن تقنع الناس بأنه امبراطور حقيقي. أولاً، هذا التصرف فيه استفزاز للجمهور الذي يجلس للاستماع للغناء ولم يأت لتحية امبراطور أو تقديم فروض الولاء والطاعة، والفنانون الواعون المدركون لذلك ينزلون من على خشبة المسرح تحية واحتراماً للجمهور الذي يصنع الفنان وهو رأس مال الفنان الحقيقي. ثانياً ، التصرف لا ينسجم مع طريقتنا السودانية المبنية على التواضع والالفة والود بين الناس والمجتمع السوداني مجتمع مترابط ويتواضع على أسس أهمهما التواضع الذي اشتهرت به الشخصية السودانية وأدباء سودانيون مثل عبد الله الطيب وعون الشريف قاسم والطيب صالح عرف عنهم التواضع مع انهم كانوا ملء السمع والبصر فكيف بفنان مازال في (سنة أولى فن) ولا يملك مشروعه الفني الواضح ومازال يتخبط في شارع الفن ولم يهتدِ إلى سكة. أقول للامبراطور والحوت ان طريق الفن طويل وشائك وهناك تجارب لفنانين كبار يمكن أن تقتديا بها في مشوار الفن بعض ان تنفضا من هذه الاحتفالات الهوجاء من بعض المعجبين الذين يدسون السم في الدسم. وأضف ان واقع الأغنية السودانية يحتاج إلى خطوات تنظيم وسط سيطرة أغنيات (قنعنا من العرس) و(حرامي القلوب تلبَّ) و(عمليتك ما ظريفة وحركتك جبانة) (واتفضل من غير مطرود) وغيرها من أغنيات الهبوط والتردي، أقول ذلك رغم أن الفنان أحمد البنا ردَّ عليَّ بأغنية كاملة بعنوان (بتقولوا غنانا هابط) تنتشر على الوسائط الالكترونية يقول في احدى مقاطعها (بتقولوا غنانا هابط غيركم بقول ضابط الماعجبك شنو يا طارق شريف ولا قصدك نقيف) وسأعود للرد على أحمد البنا بهدوء واحتراماً لرأيه سوف أورد نص الأغنية كاملاً فلست من الذين يضيقون (بالرأي الآخر) ولا اعتبر انني أقدم رأيا نهائيا أنا أناقش وأحاور واستمع.