بعض الإقتصاديين يطلقون مصطلح الثروة على الاموال المكنوزة غير الدائرة فى الدورة الإقتصادية ومصطلح رأس المال على الاموال السائلة التى تدخل دورة الإقتصاد ، فى اللغة الثروة تطلق منسوبة الى مصدرها فنقول ثروة فلان وثروة علان وثروة باطن الارض اوالثروة الحيوانية والثروة المعدنية و 0000الخ فهى اما ثروة كامنة او مرتبطة باصحابها لايتعدى نفعها اصحابها ومالكيها اما رأس المال فهو ثروة مستخدمة فى الدورة الاقتصادية فتوجه لتمويل الزراعة والصناعة والتجارة وغيرها من المناشط الاقتصادية التى يعم نفعها المجتمع كله. الاسلام يحض على تحويل الثروة المكنوزة الى رأس مال دائر يستخدم فى تمويل دولاب الحياة ويذم الكنز والاحتكار ويحرمه (الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم 000) يبتكر الاسلام وسائل عديدة لتفتيت الثروة وتوزيعها بين الناس وتوسيع قاعدة المستفيدين منها مثل الزكاة والصدقة والميراث بل نجد ان اموال الميراث وهى اموال ذات انصبة محددة بالنصوص القرآنية يوجد مجال لينال منها الفقراء والمساكين نصيباً ( وإذا حضر القسمة اولى القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا ) السلطة مهمتها تنظيم إستخدام الثروة والاشراف على توزيعها بعدالة بين الناس وتحويلها الى رأس مال لا الاستئثار بها وكان الرسول (ص) والخلفاء الراشدين من بعده يشرفون على اموال الدولة من خلال بيت المال وينتقون له اتقى الناس واطهرهم يداً ويراقبونهم لردع نزعة (هذا لكم وهذا اهدى الىَّ) ويمثلون القدوة الحسنة فى طهارة اليد وعدم الإستئثار بشئ من اموال المسلمين لانفسهم وحاشيتهم وبطانتهم ، بعد معركة حنين التى غنم فيها المسلمين غنائم ضخمة وزع الرسول (ص) كل الغنائم على المسلمين ولم يبقِ منها شيئا لنفسه واهل بيته و نال المؤلفة قلوبهم النصيب الاوفر حتى شاع بين الناس ان محمداً يعطى عطاء من لا يخاف الفقر وتزاحم عليه الناس يسألونه العطاء حتى الجأوه الى جزع شجرة اخذت بردائه فقال : (أيها الناس ردوا الىَّ ردائى فو الذى نفسى بيده لوكان لكم عندى مثل شجر تهامة نعماً لقسمته عليكم ثم ما الفيتمونى بخيلا ولا جباناً ولا كذاباً ) ثم قام الى جنب بعير فاخذ من سنامه وبرة فجعلها بين اصبعيه ورفعها وقال : (أيها الناس والله ما لى من فيئكم ولا هذه الوبرة الا الخمس والخمس مردود عليكم ) النفس البشرية توَّاقة لجمع الثروات وتكديسها فلو كان لبنى آدم واديين من ذهب لطالب بالثالث والهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر قرآن نتلوه ليذكرنا بولع الناس وحبهم للاستزادة من كل شئ ، الحاكم العادل هو من يكون طاهر اليد وعفيفها يردع كل ميل نحو الترف والبذخ عندما بعث خالد بن الوليد بسلب اكيدر بن عبدالملك صاحب دومة الجندل الى رسول الله (ص) وكان قباء من ديباج مخصوص بالذهب جعل الناس يمسكونه يأيديهم ويتعجبون من جماله وحسنه فقال رسول الله (ص) (اتعجبون من هذا والله ان مناديل سعد بن معا ذ في الجنة لاحسن من هذا) حينما طالبت نساء النبي بزيادة النفقة والسعة فى الرزق بعد ان استقرت الدولة وزادت إيراداتها غم رسول الله (ص) غماً شديداً واعتزل نساءه جميعا حتى انزل الله سبحانه وتعالى ( يأيها النبي قل لازواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها، فتعالين امتعكن واسرحكن سراحاً جميلا وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فان الله اعد للمحسنات منكن اجراً عظيماً). تحالف السلطة مع المال امر مألوف واذا اجتمعت السلطة والمال في يد واحدة قادت في الغالب الى البطر والطغيان قال فرعون ( اليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي) وقال قارون ( انما أوتيته على علم عندي ). عام 2011م يعتبر بحق هو عام الثورات والانتفاضات في العالم العربي حيث تململت الشعوب وضاقت ذرعاً بالفساد المالي والطغيان الذي أصبح هو السمة الغالبة لمعظم الأنظمة العربية ، الشعوب العربية إكتوت بنيران الفقر والقهر وانعدام الحريات حكامها إمتصوا دماءها وسلبوا حرياتهم ويتقلبون في رغد العيش ونعيم الدنيا وبدأوا يفكرون في توريث الحكم الى ابنائهم ومحاسيبهم، اوردت بعض التقارير ان بن علي وزوجته ليلى الطرابلسى وصهره صخر الماطري يملكون مايعادل 60% من موازنة تونس وقناة الجزيرة اوردت انه تم العثور على مجوهرات واوراق نقدية اذهلت الحضور وتقدر بالمليارات مخبأة فى قصر بن على فى سيدى بو سعيد بتونس اما ثروة حسني مبارك وعائلته والكشف عنها من خلال التقارير الاعلامية فقد كانت العامل الذي ألهب حماس ثوار ميدان التحرير ودفعهم الى اللارجعة وجعلهم يجبرون القطط السمان على تقديم استقالاتهم من الحزب الحاكم تباعاً وأوضح الاعلام المصري الذي قلب ظهر المجن للحكومة وحزبها ان مصر كان يحكمها مجموعة من اللصوص ومصاصي الدماء.وقد نشرت صحيفة آخر لحظة فى عدد امس الاحد 20/2 نقلا عن الجزيرة تقريرا عن فضائح وفساد الكبار فى النظام المصرى يذهل العقول ويكشف ما لايمكن تصوره من فساد النظام المصرى. في السودان بدأت الانقاذ مستفيدة من الدفع الذاتي للحركة الاسلامية ومثُلها العليا وكانت الهتافات تعلو في كل مكان هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه ، في اواسط التسعينيات حينما اشتد الحصار على الانقاذ كان الشباب لا يبالي بشظف العيش وينشد قائلاً (الثورة انطلقت لا تبالي بالراس ولا بالذنب وانا لا اسميها ثورة حتى تاكل الحطب )، اما المنشدون فقد كانوا ينشدون ( قولوا لامريكا ذاتها .... بأساطيلها وسلاحها نحن مابنركع لظالم ونحن لن تهزمنا غلة) لكن الاحوال تغيرت سريعاً واتجه الناس وخاصة المتصلين بمراكز السلطة الى الدعة والرفاهية حتى بدأنا نسمع الهمس عن قيام طبقة جديدة من الاغنياء الشباب وإختفاء الطبقة الوسطى فى المجتمع . الفساد المالي دائماً متصل بالسلطة ولن تسلم منه الانقاذ الا باتباع منهج صارم في المتابعة والمحاسبة. البروفسير ابراهيم احمد عمر مستشار رئيس الجمهورية قال لقد حاسبنا كثيراً من المفسدين لكنا لا نميل الى التشهير، الفريق صلاح قوش مستشار رئيس الجمهورية قال ان الدولة ستبدأ حملة ضد المفسدين ومعروف عن علي عثمان حديثه المستمر عن ضرورة التزام العدل والقسط وطهارة اليد في التعامل مع المال اما رئيس الجمهورية فقد اعلن من خلال مسجد النوريوم الجمعة 15ربيع الاول الموافق 18 فبراير انه يتعهد بمحاربة الفساد وان الحكومة تسعى لتكوين مفوضية لمحاربة الفساد (الصحافة السبت 19/2 )ولا شك ان هذا الحديث الكثيف عن محاربة الفساد لاينطلق من فراغ فهو رد لشائعات الفساد التي انتشرت وأسس لها البعض صفحات خاصة في الشبكة العنكبوتية. رياح الثورة التي عمت الآن الوطن العربي يدفع اشرعة سفنها فساد الحكام وطغيانهم واذا كانت الانقاذ تريد للسودان ان يستقر وينجو من الاطرابات الهوجاء التي تغير الانظمة لكنها تترك بعض الدمار وتكبد الاقتصاد بعض الخسائر ان كان رأس الدولة يريد لنا الاستقرار فعليه ان يتسرع فوراً في محاربة المفسدين ويجب ان تكون هذه الحرب افعالا لا اقوالا وللدولة اجهزتها التي تكشف بها الفساد والمفسدين. السودان به قدر جيد من الحريات لكنه يحتاج الى نظام صارم لمحاربة الفساد والمفسدين والا فان رياح التغيير قادمة لا محالة، حاربوا المفسدين واطلقوا الحريات ولن نخاف على استقرا ر الدولة بعد ذلك مرحبا بمفوضية محاربة الفساد يا رئيس الجمهورية.