الفساد مرض يصيب البشر ولا يصيب الحيوان، لذلك ربنا سبحانه وتعالى ركز في كثير من آياته على الفساد في الارض الذي فعله بنو البشر وليس بنو الحيوان. إن الذين ادبهم القرآن بفعلهم للفساد كان من المفترض ان يكونوا عظة وعبرة لنا نحن اجيال القرون اللاحقة، ولكن للأسف ما أن تفتح صحيفة في صحف العالم الا وتقرأ عن الفساد، وما أن تقوم مظاهرة في أي من بلدن العالم الاسلامي خاصة العربي والافريقي، الا وناهضت الفساد الذي استشرى، وطالبت بمعاقبة مرتكبيه وإبعادهم عن السلطة. ونحن في السودان في الآونة الاخيرة، طفحت الصحف أخيراً بأحاديث مزعجة عن الفساد في السلطة والمتسلطين، حتى أن الامر فاجأ بعض المتنفذين، فالمستشار صلاح قوش قبل إقالته تحدث عن الفساد، مما جعلني أرد عليه بمقال مؤيداً حديثه عن محاربة الفساد، ولكن في نفس الوقت انتقدته بشدة على عدم محاربته له وقد كان رئيسا لجهاز الامن وتحت إمرته قسم كامل يسمى الأمن الاقتصادي المنوط به محاربة الفساد. وفي عز وشموخ صلاح قوش وهو في السلطة، كان الفساد المالي والأخلاقي والسياسي ينمو بشدة. ولكن على العموم رحبنا بخطوته، ولكننا فوجئنا بأن الفريق قوش قد أُقيل كليةً عن كل مناصبه ، ثم صرح من بعد ذلك د. نافع بأن المعلومات عن الفساد غير دقيقة، وطالب الجمهور إذا كانت لديه أدلة أن يتقدم بها الى الجهات المختصة!! وهنا كانت الردود من الجمهور ويمثلهم الكتاب المخلصون، بأن الأدلة قد لا تتوفر للجمهور، ولكن قرائن الأحوال تشير الى ان هناك مفسدين يعيثون في الأرض فسادا..!! وشخصي الضعيف كتب قائلا إن الجيران يعرفون بعضهم جيدا، ويجب أن يسأل الجيران عن بعضهم البعض أو تقبل السلطة البلاغات السرية عن المشبوهين الذين أثروا في فترة وجيزة من الوظيفة، ومن ثم على السلطة ملاحقة هؤلاء الموظفين بطريقتها القضائية اذا كانت جادة. وهنا نقول كيف يمكن لمواطن أن يتحصل على مستندات، والقانون يكفل للدستوري أن يوظف مدير مكتبه وسكرتيره أو سكرتيرته، وهنا مكمن الخطر.. فكل المستندات في هذين المكتبين، والدستوري في الغالب الأعم يختار أهل ثقته وخاصته من الزوجات والأشقاء والشقيقات، وربما ينداح الأمر إلى أبناء العمومة الخاصين، فكيف يتحصل المواطن على وثيقة من هؤلاء؟! هؤلاء المناط بهم فبركة «الشغل» ومن ثم إرساله إلى الجهات التنفيذية الأخرى جاهزا ليأخذ شكله القانوني، حتى لو جاءت مراجعة من «سقط لقط». وعلى العموم هذا الأمر أثير كثيراً في أوائل هذه السنة حتى جعل السيد رئيس الجمهورية يعلن عن قريب قيام مفوضية للفساد، الأمر الذي رحبنا به كثيراً.. وتبعه السيد وزير العدل بثورة عارمة لمحاكمة المفسدين، ولكن جاءت تساؤلات الناس عن إمكانية محاسبة الجاهزين الذين أعلن عنهم المراجع العام، ثم تساءل آخرون عن أهمية هيئة الثراء الحرام...؟!! وتساءل آخرون عن أوراق الذمة التي سطرها التنفيذيون والدستوريون في السابق هل طوبقت مع الحاضر..؟! للأسف كل شيء مازال يراوح مكانه، بل أن العواصف الإعلامية هدأت لحد بعيد، إلا من بعض الصحف المتابعة، وبعض هذه الصحف لم يكن هدفها الهم العام، بل أن التشفيات الشخصية كانت هي الهدف. وهذا ليس هو المقصود.. المقصود هو تحريك ملف الفساد بصفة دائمة ودورية ليلاً نهاراً حتى نقلل منه بقدر المستطاع، لأننا لن نستطيع اجتثاثه نهائيا في بلاد العرب والأفارقة، وكأنهم يفهمون الدين «بالقلبة». والعواصف الإعلامية التي هدأت الآن جعلت هؤلاء الذئاب البشرية يتحركون جهارا نهارا وبدون «اختشاء» احدهم يعلن ان له ثروة ويطلب من الله المزيد، وقيل انه اشترى فندقا ربما يكون عائما، وعندما سئل ذكر انه في الخدمة عشرين سنة، والعشرون سنة هي عمر الإنقاذ! طيب نحسبها كم ماهيتك؟ وكم نثرياتك؟ وكم وكم وكم، فهل هذه المبالغ تؤهل لشراء فندق؟! وآخر يقول بنيت عمارتي من النثريات.. أيضا نحسبها اذا كانت النثريات في السودان تبني عمارة؟ وآخر يقول لولا الحركة الإسلامية وقد هو كان والياً لكنت لا أزال أدور في مكاتب التوظيف، وهو يعني أنه اختير ليس لتأهيله وإنما لانتمائه الحزبي، وهذا هو أُس الفساد في السودان!! لا أدري هل يقرأ هؤلاء القرآن الذي يلعن آكل أموال الناس بالباطل ..؟! هل يقرأ هؤلاء أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم القائلة: رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه.. القرآن يلعن أكلة أموال الناس بالباطل، ويلعن الزناة ويلعن الذين يقتلون النفس بغير حق وهكذا.. وكأنما القرآن يلعنهم وهم يتلونه. إن الفساد المالي والأخلاقي استشرى في معظم بلداننا، وكأن هؤلاء المفسدين عندهم فتاوى لأكل اموال الناس..! اليهود جمعوا المال لأن عندهم فتاوى في اكل اموال غير اليهود، وقد ذكروا في كتبهم المزورة أن لهم الحق في قتل أي ذكر يدين بغير اليهودية وأكل أمواله، ويقولون عن أنفسهم «لأنك شعب مقدس للرب إلهك إياك اختار الرب إلهك لتكون له شعباً أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الارض مباركاً تكون فوق كل الشعوب وتأكل كل الشعوب الذين الرب إلهك يدفع إليك. لا تشفق عيناك عليهم».. الحوار في الإسلام نتائج وحقائق عبد المحمود أبوه ص107 - 108. وأكد القرآن الكريم هذا النهج اليهودي. قال تعالى: «ومن أهل الكتاب من أن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من أن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون» صدق الله العظيم. عرفنا أن اليهود متكئون على فتوى حتى ولو كانت كاذبة، لأن التوراة دين سماوي من ربنا سبحانه وتعالى، ولا يمكن أن يأمر بأكل أموال الناس بالباطل، ولكن جدهم الأول المزوراتي سهل لهم مهمة أكل أموال الناس بالباطل.. لا أدري هل هناك فتوى سرية تجيز أكل أموال الشعوب بالباطل؟!! لا بد من البحث ربما هناك فتوى ونحن لا ندري عنها شيئاً..!! فإن عرفناها عرف السبب وبطل العجب!! أخي الرئيس هؤلاء الناس كلهم في ذمتك يوم القيامة حل عن ذمتك قبل يوم الحساب.