التشرد قضية أقلقت مضاجع كل الحكومات والمهتمين بأمر هذه الفئة المستضعفة فى الأرض. وهى ظاهرة استفحلت وظلت تسجل ازدياداً مضطرداً، وذلك بفعل عوامل كثيرة، منها نسبة الفقر العالية بالسودان، وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التى القت بظلال سالبة على الجهات الداعمة لبرامج إعادة تأهيل المشردين واعادتهم الى اسرهم ومجتمعاتهم، اضافة الى عدم إيلاء الدولة الاهتمام الكافى لهذه الشريحة مما ساعد فى تفاقم المشكلة. اما فى شمال كردفان فهناك عوامل اخرى ساهمت فى استفحال القضية، مثل إزدياد عدد المتشردين الذين ينزحون من ولاياتهم التى عانت من ويلات الحروب كولايات دارفور وجنوب كردفان المجاورة طلباً للأمان. ولمعرفة الدور الذى تلعبه وزارة الشؤون الاجتماعية تجاه هذه القضية وكيف العلاج وما هى الجهود المبذولة للحد من هذه الظاهرة استمعت «الصحافة» الى حديث المسؤولين بالوزارة، فقال د. خطاب السمانى مدير عام وزارة الشؤون الاجتماعية، إنهم بوصفهم وزارة وضمن خطة الوزارة لعام 2011م، قاموا بوضع ميزانية لمحاربة الظواهر السالبة بجميع اشكالها التسول، التشرد.. الخ. وذلك وفق دراسة أعدت، ونعمل مع بعض المنظمات عبر مفوضية العون الإنسانى لتوجيه بعض المنظمات لتمويل مشاريع لاستيعاب المتشردين والمتسولين وتدريبهم واعادتهم للمجتمع منتجين عبر التدريب المهنى وخلافه. اما عفاف بانقا مدير الرعاية الاجتماعية، فاشارات الى أنهم وفى إطار مشروع لمّ الشمل الذى يجرى العمل فيه بالتنسيق مع مجلس الطفولة واليونيسيف، فقد قاموا بتوزيع «23» باحثا اجتماعياً «6» فى الرهد و«7» فى النهود و«10» فى الأبيض، لعمل دراسة لحالة للمتشردين حتى يتم تحقيق هدف المشروع فى دمج الأطفال مع أسرهم، وأوضحت عفاف أن لديهم مشروعا آخر بالمركز الاجتماعى «بود عكيفة» وهو فى مرحلته الاولى، يتمثل فى حصر وتسجيل المتشردين حتى يتسنى تأهيلهم اجتماعياً وصحياً ونفسياً عبر برامج صحية ودعوية وبرامج سلوكية وبرامج توعية متكاملة، اضافة إلى توفير وجبة لهم بمساهمة من الهلال الاحمر. وناشدت الخيرين والاتحادات والمؤسسات دعم هذا البرنامج، وطالبت عفاف بأن يقوم ديوان الزكاة بدوره لانهم يعولون كثيراً على هذا المشروع. أما ملاك عبد الحليم محمد من المجلس الولائى لرعاية الطفولة فقد قالت إن للمجلس دورا عبر مشروع لمّ الشمل للأطفال المتشردين الذى بدأ فى عام 2008م وبتمويل من منظمة اليونيسيف وتنفيذ واشراف مجلس رعاية الطفولة عبر الباحثين الاجتماعيين. ويستهدف المشروع ثلاث محليات هى «شيكان والنهود والرهد». وقالت ملاك إن المشروع بدأ بتدريب للباحثين على حماية الأطفال بصورة عامة. وأكدت أن المشروع قد حقق نتائج إيجابية، حيث انخفض عدد المتشردين بالسوق خاصة البنات، وهنالك من التحقوا بالمدارس والتدريب المهنى. ويرجع ذلك الى الشراكات مع بعض الجهات ذات الصلة، مثل برنامج الغذاء العالمى الذي ساهم بغذاء ل 100 أسرة من اسر المتشردين بمحلية شيكان ولمدة عام، وتوفقت المساهمة بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية، واضحت ان الصحة النفسية والصدرية ووزارة التربية والتعليم ووحدة حماية الطفل والأسرة كان لهم دور مقدر فى المشروع، وأنهم يقومون بإعداد تقرير أسبوعى الى المجلس واليونيسيف به تفاصيل الأسبوع عن المتشردين وحالتهم.. ويتضح أن وزارة الشؤون الاجتماعية وعبر حديث المسؤولين فيها قد قاموا بدورهم حسب الإمكانيات المتاحة لهم، ويبقى السؤال أين دور مؤسسات المجتمع المدنى؟ وأين دور الاسرة؟ واين دور المجتمع؟ واين دور ديوان الزكاة؟ التى هى ركن من أركان الإسلام تقوم على حق انفاق الأغنياء على الفقراء، كما أنه ومن المفترض وجود رؤية مستقبلية وهدف استراتيجى واهتمام أكبر من الدولة تجاه هذه الشريحة الضعيفة.