في تطور فأجا الأوساط السياسية مطلع هذا الأسبوع خرج أمين عام الحركة الشعبية ووزير السلام بحكومة الجنوب الي الناس بقائمة اتهامات للمؤتمر الوطني والحكومة والقوات المسلحة بدعم الفصائل الجنوبية المتمردة ،التي تقاتلحكومة الجنوب ،وأعقب هذه الاتهامات بقرارات خطيرة تمثلت في تجميد حركته للحوار مع المؤتمر الوطني والبحث عن بدائل لتصدير بترول الجنوب ،وكشفه عن طلب الحركة من مجلس الآمن الدولي إجراء تحقيق حول ما اسماه بالجرائم التي ارتكبها المؤتمر الوطني في الجنوب جراء دعمه للفصائل الجنوبية المتمردة بالسلاح والتدريب والتخطيط ،كاشفا النقاب عن امتلاك الحركة معلومات مفصله لخطة تشرف عليها قيادة المؤتمر الوطني ممثلة في رئيس الحزب الرئيس البشير للإحاطة بحكومة الجنوب . في تقديري ان هذا التطور وهذا التصعيد المفاجئ من قبل الحركة هو بمثابة الخطة (ب)البديلة لخطة (إسقاط النظام )عبر الانتفاضة الشعبية والخروج الي الشارع التي تم التخطيط لها لتكون ضربة البداية لها الأربعاء الماضي والتي كان مصيرها الفشل الذريع بسبب تخلف قادة الأحزاب وغيابهم عن الحضور رغم أنهم كانوا أصحاب الدعوة لأسباب لا احد يعلمها ،ولان فشل انتفاضة الأربعاء كان داويا وشديدا الوطأة علي المخططين لها وعلي رأسهم الحركة الشعبية ،فكان لابد من تطبيق الخطة البديلة لملء هذا الفراغ الذي أحدثه فشل الخطة الرئيسية وعلي نحو يهز الساحة ،ويحدث ضجيجا عاليا ويثير غبار كثيفا يوفر مظلة وغطاء تحتاجه الحركة لتمرير قرارات لا يمكن تمريرها في الظروف العادية . هناك دلائل ومؤشرات عديدة تدلل وتشير الي ان هذا التصعيد المتعمد يصب في اتجاه خطة (إسقاط النظام )التي مثلت حلما ظل يراود الحركة طيلة الست سنوات الماضية وعملت كل ما في وسعها ووسع أذنابها في الداخل وأسيادها في الخارج لكي يتحقق ،ومن أهم هذه الدلائل وأولها ان الحركة عقدت هذا المؤتمر الصحفي الذي فجرت فيه هذه القنابل في الخرطوم وليس في جوبا ،رغم ان القضية الأساسية لهذا المؤتمر هي قضية (أمنية )في المقام الأول ،تخص جنوب السودان وتتصل بأمنه واستقراره ولما كان حقيقيا من المهم والضروري ان يتم في جوبا عاصمة الجنوب وليس في الخرطوم ،وذلك لأسباب نفسية ولإغراض الشجن الجماهيري ولكسب الدعم الداخلي واستثارة المشاعر (الوطنية )لمواطني جنوب السودان ،وتعبئتهم نحو الدفاع عن آمنهم واستقرارهم ،ولكن ولان القضية مختلفة وغير حقيقية وسياسية بحتة وليس( أمنية )،فان ترويجها في الجنوب غير مجد ويصبح مجرد (مونولوج )سمج لن يصدقه احد هناك ،ولان مواطني جنوب السودان يعلمون جيدا أكثر من غيرهم حقيقة الصراعات السياسية والقبلية الجارية علي أرضهم ،وبالتالي من الغباء محاولة إقناعهم بحكاية ان هذه الصراعات من صنع المؤتمر الوطني . مؤشر أخر يدل علي ان هذا التصعيد يصب في اتجاه إسقاط النظام وهو ان الحركة علي لسان أمينها العام وجهت الاتهام بشكل مباشر الي رئيس المؤتمر الوطني وهو الرئيس البشير ،وفي هذا دلالة واضحة ،فعملية إسقاط النظام تبدأ من استهداف رأسه وعامل أخر مساعد توخته الحركة وهو كون الرئيس (مطلوب )من المحكمة الجنائية ،مما يضمن للخطة السند الدولي المطلوب ،المؤشر الثالث هو مسارعة باقان اموم الي الإعلان عن تعليق الحركة للحوار مع المؤتمر الوطني ،ورهن عودة الحوار معه بتخليه عن (سياساته لعرقلة الاستقرار في جنوب السودان )وهو شريط هلامي وفضفاض ،فالصراع الداخلي في الجنوب يأخذ شكلا تصاعديا وربطة بالمؤتمر الوطني ،قصدت به الحركة الشعبية ان تظل الإدانة للمؤتمر ولرئيسه مستمرة باستمرار الصراع الجنوبي –الجنوبي ..مؤشر رابع وهو تلك القفزة المتعمدة الي قضية تصدير نفط الجنوب ،وقول باقان انه تلقي توجيهات من سلفاكير ميارديت تنص علي تكليفه بالبحث عن منافذ لتصدير البترول المنتج في الجنوب ،بدلا عن الموانئ الشمالية ،وقد حرص باقان اموم في هذا الشأن علي ترديد مقولة ان البحث عن موانئ أخري لا يقصد بها (الشعب السوداني في الشمال )وان الحركة (حريصة علي العلاقات مع الشعب في الشمال وستعمل للحفاظ علي علاقات الشمال والجنوب ،الي ان يتم تغيير السياسات العدوانية في الشمال )ولا يخفي علي حصيف ما في هذه العبارة من إشارات ورسائل مباشرة لإثارة قلق ومخاوف مواطني شمال السودان من احتمال حدوث تدهور اقتصادي بسبب خروج النفط من المعادلة الاقتصادية في الشمال ...المؤشر الخامس والأخير هو تلك النزعة التصالحية التي أبداها أمين عام الحركة حيال (المسيرية )في محاولة واضحة لفك ارتباطهم بالحكومة واستمالتهم او تحييدهم حيث قال :(ان المؤتمر الوطني هو جزء من مؤامرة كبري علي أهلنا المسيرية ،وذلك بمحاولة دفعهم للمواجهة مع الجنوب وشعبه في خطوة للإضرار بمصالح المسيرية )،مضيفا (ان ترتيبات جادة للحركة الشعبية تجري لمعالجة مشكلة ابيي مع المسيرية ،وذلك عبر إجراء اتصالات مباشرة معهم لحل الازمة بما يحقق مصالح المسيرية )..والمتمعن في هذه المؤاشرات يجد أنها تهدف كلها الي ضرب سياج من العزلة الداخلية والخارجية علي الحكومة ،تمهيدا لإسقاطها في مدي زمني سقفه الثامن من يوليو القادم ،والسبب معروف وهو إدراك الحركة لحقيقة ان مستقبل دولة الجنوب يرسمه ويحدد ملامحه من يمسك بدفة السلطة والحكم في دولة الشمال ،والحركة لا تريد ان يكون النظام الحالي هو من يرسم ويحدد مصير مشروعها ،لذلك فهي تريد إسقاطه لتأتي بحلفائها من أحزاب تحالف جوبا لترسم الحركة مستقبل دولة الشمال وتفصله علي هواها . نقلا عن صحيفة أخر لحظة بتاريخ :15/3/2011م