رغم المفاصلة التي حدثت عام 1999م بين الاسلاميين وتكوين حزبين «وطني» و«شعبي» ورغم الخصومة التي بدأت واضحة بينهما الا ان الناظر الى اقوال وافعال الدكتور حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي يجدها تصب كاملة في مصلحة المؤتمر الوطني، خاصة في تلك الايام وبدء عمليات الانتخابات. فكما هو معروف فان د. الترابي هو الذي اشعل العملية الانتخابية عندما اقدم المؤتمر الشعبي على ترشيح الاستاذ عبد الله دينق نيال لرئاسة الجمهورية، بعدها ايقنت كل القوى السياسية ان هذه المرحلة مرحلة مهمة وغيرت نظرتها فاتجهت كل القوى السياسية نحو مفوضية الانتخابات وتوالت عملية الترشيح والتي اعطت البلاد روحا جديدة في التناول السياسي والاعلامي لقضايا البلد المختلفة. وبهذا الفعل قدم الدكتور الترابي خدمة كبيرة للمؤتمر الوطني والذي يهمه بالدرجة الاولى نجاح العملية الانتخابية واجرائها بصورة ترضى عنها كل القوى السياسية وكل المراقبين في الداخل والخارج ومنظمات المجتمع المدني بغض النظر عن النتيجة، وان كان المؤتمر الوطني يريد شرعية تمكنه من حكم البلاد لمدة اربع سنوات اضافية تجعله ينفذ مشروعاته التنموية التي لم تكتمل. اما الموضوع الثاني فهو الاتفاق الذي تم بين حركة العدل والمساواة والحكومة في الدوحة وشهده عدد من رؤساء الدول وممثلو المنظمات والحكومات، فاذا السائد جدا هو ان حركة العدل والمساواة هي الجناح العسكري للمؤتمر الشعبي، وان خليل في ايام المفاصلة انحاز للترابي وهو الذي طرح فكرة حمل السلاح كما تقول بعض التقارير، وان الترابي رفض فكرة حمل السلاح في مواجهة الحكومة، بالاضافة الى احاديث الترابي عن حل مشكلة دارفور في ساعة او ساعات، بالاضافة الى حديث نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه في القاهرة بتوجيه الاتهام للمؤتمر الشعبي عن دماء ابناء دارفور. فالسؤال المطروح اذا كان للترابي تأثير قوي جدا على حركة العدل والمساواة فما الذي يجعله يقدم هذه الخدمة الكبيرة للمؤتمر الوطني، خاصة وان المعركة الانتخابية قد اشتعلت نارها ، وان المؤتمر الوطني بهذا التوقيع الاطاري قد يجعله يكسب الكثير من الاسهم في هذه المعركة الانتخابية وتجعل اقدامه ترسخ في الارض خاصة في بعض المناطق التي كان من المفترض ان يخسر فيها بعض الدوائر بسبب تلك السياسات او بسبب تلك الحرب؟ اذن اذا كان فعلا للدكتور الترابي تأثير قوي على حركة العدل والمساواة وهو الذي دفع بهذا الاتجاه خاصة اذا لاحظنا ان المؤتمر الشعبي رحب بهذا الاتفاق الاطاري بين الحكومة وحركة العدل والمساواة، اذن بهذه الصورة فالترابي يقدم خدمة كبيرة للمؤتمر الوطني في حملته الانتخابية او يكون يدفع بمناصريه في العدل والمساواة للدخول في المعركة الانتخابية وبالتالي يكسب مساحة جديدة تضاف اليه في السباق السياسي. اما الموضوع الثالث في كشف د. الترابي في لقاء سياسي مع احزاب المعارضة بمدينة رفاعة، ان رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي «الاصل» محمد عثمان الميرغني قد اعطى ضوءا اخضر لمرشحي حزبه للتنسيق مع تحالف جوبا لخوض الانتخابات في كافة مستوياتها لاسقاط مرشحي المؤتمر الوطني بالدوائر الجغرافية والولاة ورئيس الجمهورية. وكشف د. الترابي لهذا التوجيه من الميرغني لمرشحيه فان كان ظاهره معلوما فان باطنه لم يكن معلوما بالطريقة التي كشفها عن الترابي لهذا الامر في مدينة رفاعة، وبالتالي يعرف قادة المؤتمر الوطني المزيد من المعلومات في هذا الاتجاه وحجم التنسيق خاصة اذا كان التوجيه جاء من الميرغني مباشرة. ولم يأت من المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي، وبالتالي فان المؤتمر الوطني قد يعيد حساباته خاصة في مناطق نفوذ الاتحادي الديمقراطي في ولايات نهر النيل والشمالية وكسلا والبحر الاحمر وبعض الدوائر في الخرطوم والجزيرة والنيل الابيض والقضارف وشمال كردفان. ويعلم المؤتمر الوطني ان الزيارات التي قام بها بعض مرشحيه مثل مرشح دائرة «5» مروي صلاح قوش ومرشح المؤتمر الوطني لولاية الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر للميرغني واداء بعض الصلوات معه في تلك الزيارات فانها لم تجلب حالة استرخاء لدى مناصري الميرغني في تلك الدوائر تفيد المؤتمر الوطني كثيرا في تلك المنافسة. وبهذه الخدمة التي قدمها الدكتور الترابي للمؤتمر الوطني بدءا من اشعال حمى المنافسة في الانتخابات بتقديمه لمرشح الحزب نيال وتأييده وتأثيره لاتفاق الدوحة الاطاري وكشفه لتوجيهات الميرغني تكون هذه الاعمال قد قدمت خدمة كبيرة للمؤتمر الوطني في سباقه مع القوى السياسية. وبلغة الرياضة فان المشجعين يسمونهم اللاعب رقم «12» للدور الفاعل في تحويل النتائج وتحقيق الانتصارات وبهذا الفهم يكون الدكتور الترابي هو اللاعب رقم «12» في المؤتمر الوطني.