لم يستبعد اكاديميون وخبراء أمنيون وقوع اعمال عنف، من المحتمل ان تصاحب ما تبقي من العملية الانتخابية حال استمرار الاستقطاب السياسي الحاد والتسييس القبلي ،قبل ان يدعو القوي السياسية الي تصحيح البيئة السياسية والقانونية والاجتماعية باعادة بناء الفكر السياسي ورفع الوعي بمآلات التجربة الديمقراطية وعدم مصادرة الرأي الاخر. وانتقد متحدثون امس في ندوة عن احتمالات العنف في الانتخابات بالمركز العالمي للدراسات الافريقية، التصريحات المتشنجة والتحريضية لبعض القوي السياسية بالحكومة والمعارضة، ووصفوها بغير الديمقراطية، محذرين من تداعياتها. واكد الاستاذ الاكاديمي بجامعة الخرطوم الدكتور محمد محجوب هارون، الذي ابتدر الندوة، وجود تهديدات داخلية وخارجية محيطة بالاستحقاق الانتخابي المقبل في اشارة الي قوات البعثة الاممية المشتركة لحفظ السلام البالغ قدرها 30 ألف جندي بجانب التسييس القبلي وادخال الانتخابات في النسيج الاجتماعي، وتذكية نيران الجهوية، وتوقع هارون اعمال عنف حال قيام الانتخابات، قبل ان يعرب عن امله في اجراء انتخابات بمشاركة واسعة وشفافية ونزاهة. وحذر استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم صفوت صبحي فانوس من حدوث عنف مصاحب للانتخابات يفوق الذي حدث في انتخابات ايران وكينيا وزمبابوي، وعزا ذلك لوجود قواسم مشتركة وبيئة محفزة تمثلت في حالة الانتقال من نظام سلطوي الي نظام ديمقراطي، بجانب أزمة سياسية حادة وتقارب في توازن القوي السياسية والتدخل الخارجي لاعادة الاوضاع خدمة لأجندته الخاصة. و عزا فانوس عدم تفاقم الوضع في ايران بعد خروج المعارضة للشارع الي وجود المرجعية الاخيرة بالدولة «مرشد الثورة الايرانية »، فيما حسم التدخل الخارجي موجة العنف التي اجتاحت كينيا وزمبابوي عقب الانتخابات . وتساءل استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين دكتور مصعب عبد القادر عن كيفية الخروج بتجربة انتخابية بشكل آمن ؟ ، ووصف عبد القادر القارة الافريقية بانها تطرح نموذجاً لحالة متلازمة العنف لأمناء الانتخابات ، حيث شهدت عدد من الدول أزمات خانقة بسبب الصراع السياسي والتظلمات السياسية، وعزا ذلك لطبيعة النظم السياسية في افريقيا، وقلة الوعي وعدم الثقة ، والفساد السياسي والعنف المعنوي المتمثل في الابتزاز، و بث خطاب الكراهية والاشاعات الكاذبة والعنف الجسدي المتمثل في الخطف والقتل واحداث الضرر والعنف المدفوع القيمة . و اعتبر عبد القادر تباعد الممارسة الانتخابية والانشقاقات التي مرت بها الاحزاب السودانية والاختراق الاستخباراتي بجانب توازنات القوي الخارجية وقلة الوعي بمآلات التجربة الديمقراطية وعدم الثقة بين المتنافسين والادارات الانتخابية من شأنه تفريغ عنف سياسي غير مسبوق، لافتا الي مؤشرات المكون الاجتماعي المربوط بالقبيلة، ومؤشر التقارير الجنائية المرتبطة بتصاعد معدلات الجريمة، منبها الي ان الانتخابات غير النزيهة ستؤدي الى اندلاع العنف المنظم والعنف المتوالد من الاحداث، لاسيما في وجود الحركات والمليشيات المسلحة وانتشار السلاح ومعسكرات النازحين، بجانب اسباب خارجية مرتبطة بعدم الاستقرار الاقليمي والتوترات والمخططات الاقليمية والدولية. وطالب عبد القادر القوي السياسية بتصحيح البيئة السياسية والقانونية والاجتماعية باعادة بناء الفكر السياسي ورفع الوعي بمآلات التجربة الديمقراطية، وعدم مصادرة الرأي الاخر، وتعميق روح الممارسة الديمقراطية، واتاحة الفرصة للرأي والرأي الاخر وفتح قنوات الحوار ومعاقبة مرتكبي العنف. واعرب الخبير الأمني حسن بيومي، خلال تعقيبه علي المتحدثين، عن تخوفه من نشوب اضطرابات خاصة مع تحول الصراع الحزبي الي صراع قبلي. وقال بيومي ان اتفاقية نيفاشا اضحت مدخلا للتدخل الخارجي ،معتبرا أن سيناريو التهديد الحقيقي بدأ قبل خمس سنوات بناء علي اسس علمية وقراءة موضوعية وعناصر داخلية وخارجية من اجل اضعاف وابعاد المؤتمر الوطني، وعلى الرغم من توفر كل احتمالات وقوع العنف في الانتخابات القادمة إلا ان مداخلات الحضور لفتت الي التصريحات المتشنجة والتحريضية لبعض القوي السياسية بالحكومة والمعارضة ، ووصفوها بغير الديمقراطية، محذرين من تداعياتها، وطالبوا الاحزاب السياسية بتعميق روح الديمقراطية، والالتزام بالحوار الموضوعي، وتجاهل المرارات القديمة، والابتعاد عن التراشق السياسي، وتهيئة المواطنين الي تقبل نتائج الانتخابات للخروج بالانتخابات الي بر الامان.