تباينت اراء خبراء حول الاثر الذي يخلفه انفصال جنوب السودان على الحركات المسلحة بدارفور، منهم من اعتبره بالمحفز الايجابي والداعم لمسيرة الحركات لتحقيق احلامها وتطلعاتها المرجوة مما بذلته طيلة فترة نضالها، فيما عده اخرون بمثابة دافع لتصلب ولتمسك الحركات بمطالبها التفاوضية مع الحكومة. وحذروا في ندوة «اثر انفصال جنوب السودان علي الحركات المسلحة بدارفور» بالمركز العالمي للدراسات الافريقية، أمس من خطورة انتقال عدوي الجنوب الي دارفور ودعوا للتحسب لمآلات انفصال الجنوب علي الاوضاع في دارفور. تحدث في بداية الندوة الدكتور فاروق أحمد ادم، حول اثر انفصال الجنوب على الحركات المتمردة بدارفور، وقال ان للجنوب دورا منذ الخمسينات في دعم الوضع في دارفور وعزا ذلك لقانون المناطق المقفولة بجنوب السودان، واشار الي ان عدم تنفيذ طريق الانقاذ الغربي يمثل الشرارة الاولى لاندلاع الحرب بدارفور، وقال ان الاموال التي سرقت واخفيت تحت شعار خلوها مستورة شكلت دافعا حقيقيا لنهب اموال المواطنين. وقال اذا حسمت الحركات المسلحة في دارفور الان بالسلاح فهذا لا يعني ان الوضع قد وصل الى نهايته بل سيتواصل الامر مع الاجيال القادمة، نسبة للوعي الذي يسود المنطقة بصفة عامة. واشار الى ان الحركات المسلحة تكونت نتيجة للحراك الاجتماعي للتعبير عن ارائهم، ودعا الي مراعاة الجانب الاجتماعي لاهل الاقليم ونقل اراءهم بطريقة شفافة وليس بالطريقة التي توصف بها الاوضاع الان، وقال فاروق ان انفصال الجنوب ليس قرارا سياسيا ولا عسكريا بل قرار اتباعي، واضاف «ان العقلية التي تدير الجنوب لم تفكر في كيفية ربط الجنوب ولذلك حدث ما حدث ، واشار الى ان الحركة الشعبية استغلت الحركات المسلحة للضغط على الحكومة لضرب النظام، وقال ان المنهج المستخدم من كل الاطراف ليس جديرا بحل الصراع الجاري بدارفور، لأنه يفتقر للتوصيف السليم للأزمة وطريقة التعامل معها، وقال ان النظرية التي يجب ان تتبع للحل هي الشراكة السياسية، اية وسيلة غير ذلك سيكون مصيرها الفشل، وقال اننا جربنا الثورات ولم تنجح، ولا شرعية الانتخابات لم تجد جدوى، ولا استخدام البندقية هو حل جذري للأزمة، واضاف «اذا لم نستخدم الشراكة السياسية يمكن ان نلحق بالجنوب، وكذلك الشرق والغرب، وقال حال الاصرار على الاستفتاء علي الاقليم هذا يعني تمرد للمجتمع الدارفوري واذا تمرد مجتمع دارفور ستكون الغابة الخرطوم وليس انفصال دارفور. وقال فاروق ادم، ان الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ارتكبا خطأ كبيرا بتوقيعهم لاتفاقية السلام بعد ان نصبوا انفسهم اوصياء على الشعب السوداني، ووصف فاروق احزاب المعارضة بانها في اضعف حالاتها ضاربا مثلا بحزبي الاتحادي والامة، وقال ان الشريعة التي يتم تطبيقها يجب الا تكون مصدرا لنشوف بها الآخر. وان السودان لم ينل استقلاله منذ 56 حتى الآن لان الاستقلال يعني استقلال الدستور ولم يحدث استقلال للدستور هذا انتقال دستوري. ومن ناحيته، قال عميد كلية العلوم والدراسات الاستراتيجية بجامعة الزعيم الازهري الدكتور آدم محمد ابراهيم، ان سبب الاثر واحد وهو التهميش الذي طرأ على كل من الجنوب والشرق والغرب، واعتبر ان الحركات في دارفور بدأت سياسية وسرعان ما حملت السلاح بعد التصريحات التي بدأت تظهر في الاونة الاخيرة وغير المقرة بها، واشار الي ان التمرد بدارفور بدأ منذ حملة بولاد واستمر في سنة 2003 بحركة تحرير السودان وهي الحركة الاساسية التي نشأت تحت احضان الحركة الشعبية، وحركة العدل والمساواة وليس لها صلة بالحركة الشعبية، وقال ادم، ان الحركة الشعبية تستخدم حركات دارفور للضغط على الخرطوم واستغلالها لتنفيذ اتفاقية السلام، مما جعلها ساعية وراء توحيد حركات دارفور. وقال ادم، ان الحكومة تضع نيفاشا سقفا للتفاوض في دارفور، مشيرا الى وقوف الحركة الشعبية مع الانقاذ في كثير من الاوقات لمنع عرقلة اتفاقية السلام والحفاظ على نيفاشا. واشار الى وجود كثير من المتغيرات في اداء الحركات المسلحة بدارفور في الاونة الاخيرة، ما اشبهه بالركوض بسبب ترك الفرصة لاتمام عملية الاستفتاء من دون عراقيل.. وقال ادم، ان الاثر الاكبر للانفصال على حركات دارفور يتضح في كمية السلاح التي تدخل على الحركات في الفترة الاخيرة من الجنوب، واضاف «يتأكد ذلك للعمليات المسلحة في الاقليم الان، واتساع دائرة المعارك العسكرية بين الحركات والحكومة. وقال ان الحركات المسلحة سوف تفقد سندا مهماً لها في الحكومة السودانية بعد الانفصال وهو الحركة الشعبية التي كان لها دور بارز في توضيح كثير من القرارات المتخذة من جانب الحكومة. واقر ادم، بوجود بعض الصعوبات التي سوف تواجه الحركات الدارفورية بعد اتمام عملية انفصال الجنوب، من انتقال بين الدولتين وهي كانت ميزة نسبية للحركات في سهولة الدخول الى الجنوب في السابق واعتراف الكثير من القيادات بالحركة بانها لم تستطع منع مواطن من التجوال داخل الجنوب. واشار الى وجود عدد كبير من ابناء دارفور بالجنوب يعملون بالتجارة بعد ان ضاق بهم الشمال لكثرة المضايقات كما يوجد عدد من قيادة الحركة الشعبية من ابناء دارفور يتقلدون مناصب كبيرة بالحركة. وقال ادم، ان الجنوب يوفر ملاذا امناً لابناء دارفور بدلا من الشمال، كما انه يوفر مسلكا للحركات من يوغندا وتوفير مزيد من الدعم، الامر الذي جعل الحكومة تسعى لتحسين العلاقات مع كثير من الدول مثل تشاد، وافريقيا الوسطى وغيرها لتضييق الخناق على الحركات، وقال ان الاوضاع سوف تتغير في حال نشوب حرب بين الجنوب والشمال بعد 9 يوليو في صالح الحركات، وان لم تنشب حرب ايضا الوضع الداخلي له اثره على الحركات في حال حدوث توترات مع الاحزاب المعارضة بما فيهم الحركة الشعبية. وقال ان الشريط الذي يمتد من ام دافوق غربا الى قيسان شرقا يحتوي علي حوالى 10 ملايين مواطن اذا لم يتم توفيق حياة هؤلاء ستكون في خطر. وطالب ادم، الحكومة التدخل باسرع ما يمكن لمعالجة الوضع الذي وصفه بالسييء للغاية بدارفور، وقال ان طريق الانقاذ الغربي ليس لاهل دارفور لوحدهم بل هو للسودان ككل لأنه ينقل مواد الاقليم الي بقية الولايات، واعتبره طريقا رابطا بكثير من الدول التي يمكن ان تتيح فرصة جيدة لتسويق منتجات السودان الكثيرة وصناعاته. ووصف استفتاء الاقليم الذي سيجري بانه عبس واذا استمر الحال الى اكثر فانه عبس كبير. من ناحيته قال الفريق فاروق علي محمد، اننا ضد الحرب، وان مشكلة دارفور تحل بالتفاوض، وقال ان مسبباتها تعود لصراعات قبلية كما لها مسببات اخرى، مثل التنمية التي يفتقر لها كل الشمال، وقال ان مشكلة دارفور بها ايادٍ خارجية، واعلن رفضه لمحاولات تكسير المعارضة، وطالب بضرورة اجراء دراسات ثقافية حول انسان دارفور، واضاف «يجب ان تبني المعلومات حول دارفور من الواقع. من جهته قال الفريق فتحي محمد عبد الغفور، اثر انفصال الجنوب علي الحركات المسلحة في دارفور، يبني علي اساس السوابق ومتغيرات في العلاقة بين الحركات المسلحة والحركة الشعبية، وتساءل عن استمرارية الحركة الشعبية لاحتضان الحركات الدارفورية بعد ان تصبح دولة مستقلة، واشار الى وجود استراتيجيات اقليمية ودولية حول علاقة هذه الحركات بالجنوب. وقال الامين العام لحركة تحرير السودان، محمد نور الدين آدم، بان معظم معينات دعم الحركات المسلحة يتم من القوات المسلحة السودانية بشكل او اخر، واعتبر انفصال الجنوب دعما للحركات المسلحة بدارفور. وقال المتحدث باسم جيش تحرير السودان القيادة العامة علي آدم علي شوقار، بوجود اجندة خارجية لتقسيم السودان، واشار الى وجود عدد من الحركات ترى انه لا جدوى من استمرار الحرب بدارفور، ودعا الحكومة للاسراع في اتمام اتفاقية السلام، وان تعطي الجميع حقه رغم التجارب السابقة من اتفاقيات.