علاقة الحركة الشعبية بمسلحي دارفور قديمة جداً لكنها نشطت قبل أيام عندما بدأت محاولات الحركة الشعبية في إستقطاب مسلحي دارفور من كل حدب وصوب بدءاً من مناوي وأبو القاسم إمام اللذان أقاما أو اعتكافاً في جوبا منذ أكثر من عام بجانب وجود مجموعة من العدل والمساواة في عاصمة الجنوبجوبا يتقدمهم رئيس الحركات جبريل إبراهيم واحمد ادم بخيت وسليمان صندل حقار وعدد كبير من جنودها إضافة لقيادات من حركة عبد الواحد في سعي من حكومة الجنوب لاستخدام هذه الحركات مخلب قط ضد الخرطوم بحسب مراقبين ومن خلال هذا الوجود الكثيف لحركات دارفور تبرز نوايا دولة الجنوب الحقيقية تجاه السودان لكن ما أسباب هذا الإيواء وهذا الدعم؟ ولماذا تصر جوبا علي الدعم المتواصل لتلك الحركات؟ وما مغذي تواجد قادة تلك الحركات في الجنوب؟ هذه الأسئلة ومعها أسئلة أخري توجهت بها لمحللين وأكاديميين فأجاب بعضهم واعرض الأخر.. يقول البروفيسور الطيب زين العابدين المحلل السياسي والأستاذ الجامعي في حديثه ل(الرائد): أن الحركات الدارفورية المسلحة التي تشكل حضوراً بعاصمة الجنوبجوبا هي حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي الذي توصل لإتفاق مع الحكومة في ابوجا جاء به مساعداً لرئيس الجمهورية ورئيساً للسلطة الإقليمية لدارفور إلا أن الاتفاق بحسب زين العابدين شابته بعض النواقص وأعترضته جملة عقبات فلم يصمد ما دفع مناوي للخروج علي إثر ذلك غاضباً من الحكومة لانها لم تنفذ الاتفاق وفق ما جاءت بنوده حيث أنها لم تعيده الي منصبه في القصر الرئاسي كبيراً لمساعدي الرئيس ورئيساً للسلطة الانتقالية لدارفور فكان أن إتجه صوب جوبا في محاولة منه للضغط السياسي علي حكومة الخرطوم حتي تستجيب لمطالبة ورأي زين العابدين أن مناوي سيحاول القيام ببعض العمليات العسكرية علي الحكومة انطلاقا من الجنوب بدارفور في حال فشل ذلك الضغط السياسي . أما عن مغزي تواجد قيادات من حركة العدل والمساواة لجأت الي جنوب السودان بعدما فقدت الملجأ والدولة الداعمة(تشاد) فأصبحت مكشوفة الظهر للقوات المسلحة لكن لا يقصر البروفيسور الطيب في تلك المسببات فقط بل يري أمراً أخر هو أن حكومة جنوب السودان بدورها لها أهداف من وراء احتضانها تلك الحركات وقياداتها وفصل ذلك بقوله ل(الرائد): أن حكومة الجنوب هي نفسها تقف في مرحلة مساومة مع الحكومة السودانية حول بعض القضايا المتبقية كملف منطقة أبيي والنفط وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب بجانب كيفية اعادة تقسيم حصة السودان من مياه النيل بين الشمال والجنوب بعد الانفصال واعتبر زين العابدين استخدام جوبا لحركات دارفور ككروت ضغط سياسي علي الخرطوم لتسوية ملفاتها العالقة معه خطأ كبيراً سيلقي بظلاله السالبة علي مستقبل العلاقة بينهما مضيفاً بان ذلك سيجبر السودان علي التعامل بالمثل. أما أستاذ العلوم السياسية والدراسات الإستراتيجية بجامعة الزعيم الأزهري الدكتور ادم محمد احمد فقد أشار في حديثه "للرائد" الي ان حركات دارفور بدأت سياسية لكنها سرعان ما حملت السلاح معتبراً أن التمرد بدارفور بدا منذ الحملة التي قادها بولاد واستمرت بحركة تحرير السودان وهي الحركة الأساسية التي نشأت تحت أحضان الحركة الشعبية ولفت الدكتور محمد احمد الي أن الحركة الشعبية استخدمت حركات دارفور للضغط علي حكومة الخرطوم لتنفيذ اتفاقية السلام الشامل مؤكداً ان الأثر الأكثر لإنفصال جنوب السودان علي حركات دارفور للضغط علي حكومة الخرطوم لتنفيذ اتفاقية السلام الشامل مؤكداً ان الأثر الأكثر لانفصال جنوب السودان علي حركات دارفور يبين من العدد الكبير من الأسلحة التي تصل الي هذه الحركات من الجنوب في الفترة الأخيرة مما أسهم في إتساع دائرة المعارك العسكرية بين الحركات والحكومة ولم يستبعد ادم ان يوفر الجنوب مستقراً آمناً لهذه الحركات وتوفير مزيد من الدعم. من جهته قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. محمد نوري الأمين انه كان قد توقع سابقاً أن تعمل دولة الجنوبالجديدة علي استضافة ودعم متمردي دارفور مشيراً في حديثه "للرائد" الي وجود جهات تقود هذا الخط حسب قوله واتهم في هذا السياق مجموعات ضغط يهودية والأعضاء السود في الكونغرس الأمريكي باستهداف الشمال العربي المسلم مؤكداً ان اعتراف رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد نور للقادة الجنوبيين بعلاقاته بإسرائيل "ربما ساعد في فتح الجنوب لحركات التمرد بدارفور " وأكد الأمين أن التوافق في الرؤى بين المتمردين السابقين "والمتمردين الجدد" سيجعل بعضهم يساند بعضا "لاعتقادهم انهم حركات تحرر وطني". وكان الطيب خميس الأمين السياسي لحركة تحرير السودان بقيادة مصطفي تيراب قد كشف في تصريحات سابقة عن اتجاه قوي للحركة الشعبية للم شمل قوات مناوي والعدل والمساواة وعبد الواحد لقيادة عمل عسكري بدارفور خلال الفترة القادمة بدعم مباشر واستنكر خميس الدعم الذي تقدمه الحركة الشعبية لحركات دارفور وقال هذا الدعم لا يخدم السلام بدارفور ويأتي كمبرر لخلافات الحركة مع المؤتمر الوطني وطالب بإعطاء فرصة واسعة للقيادات الشابة من الحركات الموقعة علي السلام وبقية أهل دارفور للمشاركة في إقناع الحركات الرافضة للسلام وتعزيز الثقة في القضايا المختلف عليها بين الحكومة والحركات عبر تفعيل آليات الحوار من الداخل بمشاركة الجميع كاشفاً عن تبنيهم لجملة من الاتصالات مع الحركات الحاملة للسلاح للوصول الي رؤية موحدة من حيث الأهداف والاتجاهات وشدد علي ضرورة أبعاد يوغندا ونشاطها السالب عن ملف دارفور وذلك عبر حجب مظاهر الدعم اللوجستي الذي تقدمه كمبالا للحركات المسلحة عبر دولة الجنوب التي تسعي الآن للتنسيق بين الحركات وجمعها بمنطقة سيري ملاقاة براجا للقيام بعمل عسكري في دارفور. عموماً فان استقبال دولة الجنوب لقيادات تمرد دارفور في جوبا يعتبر بمثابة إعلان للحرب من جانب دولة الجنوب لذا فجوبا مطالبة اليوم قبل الغد بضرورة إتخاذ إجراءات عاجلة تستوجب إخراج الحركات المسلحة الدارفورية من الجنوب فوراً وإيقاف كافة مظاهر الدعم اللوجستي والسياسي الذي تقدمه لهم واذا لم تستجب الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب لهذه المطالب عليها تحمل مسئولية ما يترتب علي ذلك خاصة وان معسكرات الجنوب قد فتحت لعناصر هذه الحركات كما أن هناك ظهوراً كثيفاً للسيارات المسلحة التابعة للعدل والمساواة في منطقة بحر الغزال وأسواق مدينة أويل وما حولها وأخر ما قامت به الحركة هو إجبارها أبناء دارفور الموجودين بالجنوب للتجنيد والانخراط في صفوف العدل والمساواة وإقامة معسكرات تدريب لهم دخل الجنوب فالخطوة الجنوبية بحسب المراقبين مؤسفة ويجب ان لا تمر كما مرت قضايا كثيرة من قبل سيما أن الحركة الشعبية تسعي بتحالفها مع مني وغيره الي نسف الاستقرار في دارفور ومن المعلوم أن حكومة دولة الجنوب ظلت ضد عملية السلام وتستعمل قضية دارفور ككرت للضغط علي الخرطوم لتحقيق مكاسبها وهذه المكاسب ليست لها علاقة بدارفور وظل هذا موقفها منذ توقيع السلام الذي اخرج ابوجا مما يعني أن هذا مبدأ من مبادئ الحركة الشعبية الحاكمة فهي ظلت غير متحمسة لسلام دارفور وأرادت ان تظل هذه القضية الي ان يعرف مصير الجنوب بعد الاستفتاء وهذا مخطط مدروس بدقة هدفت الي ان تكون هناك جبهة ساخنة بعد الانفصال تعمل بها علي خنق الخرطوم وتقطع عنها رئة التنفس. وان الأوان أن تعي قيادة الحركة الشعبية حاكمة دولة الجنوب ان هذا ليس من مصلحتها سيما وأنها بعد الانفصال تحتاج الي دولة مستقرة لذلك إذا بدأت تدعم معارضة الشمال فان ذلك يجعلها دولة غير مستقرة وفاشلة. نقلا عن صحيفة الرائد 26/2/2012