أيد الشيخ/ عبدالجليل النذير الكاروري خطيب مسجد الشهيد بالخرطوم في خطبة الجمعة الماضية الموافقة 29/4/2011م، أيد الاتفاق المبرم بالأحرف الأولى بين «عباس وحماس» في القاهرة مؤخراً متناولاً التصريحات السالبة التي أدلى بها قادة الكيان الصهيوني ضد الاتفاقية، حيث خيّر رئيس وزراء العدو «نتنياهو» الرئيس الفلسطيني مابين السلام مع «إسرائيل» والسلام مع حماس . . وفي ختام الخطبة قدم الشيخ الكاروري نصيحة للقادة العرب بضرورة التماهي مع مطالب وتطلعات شعوبهم وإلا لن يبقى أمامهم سوى الرحيل، ومنادياً رؤساء دول المواجهة «الجبهة السورية» دون أن يسميها بضرورة اتباع تكتيك سياسي يفضي إلى فتح جبهة الجولان لكسب التأييد والتلاحم الشعبي ضد المحتل الصهيوني وتجاوز ما تشهده الساحة السورية من احتجاجات شعبية !! . ويبدو أن القيادة السودانية قد أخذت بتكتيك الشيخ الكاروري فصعدت من موقفها بشأن قضية أبيي بخطب نارية تشد العصب القبلي والجهوي في مناطق التماس وتكسب بموجبه جولة الانتخابات المؤجلة في ولاية جنوب كردفان مع الضغط على الدولة الوليدة في جنوب السودان بتحديات أمنية على الحدود الشمالية فضلاً عما تعانيه من النزاعات الداخلية المسلحة التي يعج بها الجنوب في توقيت عصيب من تاريخ دولته الناشئة، وقد تكسب الإنقاذ بهذا التكتيك السياسي انتخابات جنوب كردفان ولكن آثار هذا التكتيك ستستمر طويلاً بخلق جنوب سوداني جديد وتقديم خدمة مجانية لدعاة تأجيج النزاعات الإثنية والتوترات الإقليمية على الحدود بين الشمال والجنوب فهناك قوى دولية وإقليمية صاحبة مصلحة في إشعال نار الحرب بين الشمال والجنوب ولن تعدم الطابور الخامس المساند في ظل النبرة العالية للخطاب السياسي المتشنج والبعيد عن لغة التفاهم والتحاور لحل المشكلات الحدودية بالتي هي أحسن . لقد تمت معالجة مشكلة مثلث حلايب بقدر من المرونة والحكمة من قبل الإنقاذ في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك إلا أن هناك أصواتاً لا ينقصها الحماس بقدر ما تنقصها الحكمة ظلت تنادي بعد اندلاع ثورة 25 يناير الشعبية بضرورة إرجاع حلايب قبل أن ترتب الثورة المصرية أوراقها وأولوياتها في إقامة نظام ديمقراطي رشيد يراعي مصالح الشعب المصري ويحترم خصوصيات جيرانه ويعتمد آليات سياسية في معالجة المشكلات الحدودية المزمنة بعيداً عن لغة الوعيد والتهديد بالحرب التي يخسر طرفاها المعركة ويفشلان في فتح جسور التواصل والترابط الشعبي. . فما الذي سيجنيه الشمال لو كسب أبيي وخسر الجنوب، وما الذي سيستفيده الجنوب لو ضم أبيي وفقد مساندة الخرطوم ؟ ! . ومثلما وضعت الضفة الغربية وقطاع غزة حداً لخلافاتهما بتفعيل اتفاق القاهرة ينبغي على قادة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وغيرها من القوى السياسية الأخرى وضع حد للمناكفات والمزايدات والتكتيكات السياسية الفاشلة التي لم تورث السودان سوى الخلاف والتشرذم والانقسام وذهاب الريح . . فهلا عمد مشايخنا الكرام على تقديم النصح لزعماء السودان في التماهي مع آمال وطموحات شعبهم بدلاً من تغليب المكاسب الآنية على المصالح الوطنية العليا وإعمال التكتيك على حساب الإستراتيجية .