٭ أصبح المنظر مألوفاً... مميزاً لولاية الخرطوم.. مجموعة على رصيف شارع ما.. لا يهم شارع رئيسي أو فرعي... المهم شارع يستطيع أحدهم فيه أن (يتكل) رأسه وينام... تتفاوت أعمار (ساكني الشارع) بين (17-4) سنوات.. ربما قبيلة كاملة (تكونت) في هذا الشارع.. نمت وكبرت لا تعرف مكاناً غير ذات الشارع وأكوام (نفاياته) التي تعبث بها أيدي القبيلة يومياً من أجل (لقمة). تسد الرمق... كذلك لا يهم نوعها.. جودتها.. نظافتها.. قيمتها الغذائية ولا مكان وجودها.. فقط ما (يملأ البطن) والسلام... ٭ إنهم المتشردون الذين يمثلون انتقاصاً في مشروع الولاية المسمى (حضارياً) فبينما تتحدى الولاية أصحاب (الأمتار الخارجية) وتشرع لإزالتها وتمتد يدها حتى معارض السيارات تغض النظر عن هؤلاء الذين يجب أن يكون من أول أولويات الولاية توفير الحل الأنسب لانتشارهم المعهود في الشوارع المختلفة وأمام المساجد يفترشون (المساطب) وينشرون خرقهم البالية الرثة و(يغرقون) في نشوة (سلسيون)... يهيمون بعدها في عالم يستدعي تناول المزيد... ٭ أم لم تتعدَ الرابعة عشرة تحمل وليدها وتضع على فمها وأنفها بصفة دائمة قطعة قماش (مبللة) بالسلسيون يحمل الهواء جزءاً من رائحتها للمار بقربها وللطفل!! رأيتها بأم عيني في شارع مستشفى الحياة تنظر ب (بَلَه مريب) وتجرجر ثيابها الممزقة في كل جانب ل (تستر) ما يمكن.. (هذا من تحليلي أنا فقط) ولكنها في الحقيقة لا تعرف عيباً أو خدشاً للحياء ان سارت كما خلقها الله لحظة الصرخة الأولى!!... ٭ بجانب مساطب الشوارع والأسواق وبوابات المساجد هنالك أماكن أخرى يتخذها المتشردون (دفئاً وأمناً) يمارسون حياتهم الطبيعية (بأريحية) بعيداً عن الأعين وهي (الأنفاق) التي أمام بعض المدارس وغيرها يطرقون أبواب الجيران من أجل جرعة ماء وربما (طشت الغسيل) والدخول به في هذه (المتاهة)... انها قبائل يا سيدتي أميرة الفاضل تأكل وتشرب وتتناسل وتفرّخ وتزيد العدد الذي لم تستطع وزارة الشؤون الاجتماعية بقسميها أن تفعل ما يحد من زيادته وانتشاره شيئاً غير (ورش االعمل) والمنتديات الشهرية التي تظل أوراقها حبيسة الأدراج ويظل المتشردون في تزايد وازدياد وزيادة في أماكن أخرى متفرقة... ٭ يا خوفي من القادم ومع الانتخابات ان تظهر (القبيلة) ليدلي أفرادها بأصواتهم تحت (حماية) حزب ما في غياب الشفافية والنزاهة والصدق وبعد أن يستلم (شيخ القبيلة المعمّد) مبلغاً يصرفه في تناول المزيد من السلسيون... ٭ أخبرتني احداهن ان المتشردين (منظمون) بأمر الحكومة وانهم في هذه (الهيئة الرثة) (خصيصاً) لجمع المعلومات و(تمريرها) عن كل فرد وكل ما يكتب ويقال ويحدث من (ضجر) حول وجودهم هنا أو هناك ليس إلا (حديث كلو في الهوا) لا يحرك مشاعر أي مسؤول ولا يعني ان هناك اتجاهاً لتحسين الصورة المشوهة بأشياء كثيرة عن العاصمة الحضارية ومن ضمنها التشرد... تواصل ٭ همسة:- بين وجهك والسماء.. ينسال الصفاء وتختفي آلام الزمان... تزول مخاوف العمر القديم وتشتهي ذاك الوصال...