تتعاقب فصول السنة الدراسية ما بين السودان والولاياتالمتحدة. فبينما نبدأ نحن العد التنازلي للإجازة الصيفية التي ستبدأ خلال الأسبوعين المقبلين، بدأ العد التنازلي بالسودان صوب العام الدراسي الجديد. وتختلف اللياقة الاكاديمية للطلاب ما بين بداية العام الدراسي ونهايته. فبينما يبدأ الطلاب عامهم الدراسي والنشاط والحماس يغلبهم، تأتي نهاية السنة والطلاب يدفعون أرجلهم دفعاً حتى يبلغوا شاطئ نهاية العام بسلام. وأعاني هذه الايام لتحفيز شبابي الصغار «هاشم وشهاب» للذهاب إلى المدرسة كل صباح، واحاول ان اجيب على سؤالهما المعاد: «لماذا أصلا نذهب إلى المدرسة؟» ووجدتني بداية اجيب بكل حماس، ان المدرسة هي طريق التقدم في الحياة، وأن شهادتها هي المفتاح السحري الذي يفتح للفرد أبواب الفرص على مصراعيها.. وفجأة، وجدتني اتوقف. لقد سألت نفسي في تلك اللحظات، هل حقيقة الذهاب إلى المدرسة هو طريق النجاح في الحياة؟ هل كلما زادت مؤهلاتنا الأكاديمية ضمنا حياة سعيدة، مرفهة ورغدة؟ أم أن المدرسة هي وسيلة نبيع بها أحلاماً قد تتحقق في المستقبل أو ربما تكون السراب الذي نحاول الجري خلفه طوال حياتنا. وتذكرت في تلك الآونة الإضراب الذي بدأته لجنة أطباء السودان في يوم الثلاثاء 17 مايو 2011م، فلقد قامت اللجنة بإعلان إضراب عام في جل مستشفيات الولايات يستمر لمدة يومين، وهذا للاحتجاج على ظروفهم المعيشية، مطالبين بتحسين شروط خدمتهم وإعادة زملائهم الذين تم فصلهم عن العمل سابقا. وسيتثني الإضراب الحالات الحرجة التي ترد إلى أقسام الطوارئ والحوادث، ومرضى الكلى والسرطان والعناية المكثفة. إن هنالك بعض الفئات التي تقاسي حينما تعلن إضراباً عاماً، وتقاسي أكثر حينما لا تقوم بإضراب. من هذه الفئات مثلا المعلمون الذين يعتبر اي يوم دراسي هو إضافة مهمة للمسيرة التعليمية للتلميذ، والتوقف عن العمل يعتبر إيقافاً لعجلة التنمية «فعلا في تقديري ولا مجازا». هنالك أيضا الممرضون والممرضات الذين يعتمد عليهم المرضى في تخفيف آلامهم ومتابعة حالاتهم متابعة دقيقة آناء الليل واطراف النهار. وايضا الأطباء ضمن هذه الفئة، فهم الذين في يدهم تشخيص الحالات وكتابة الروشتات وإعطاء التعليمات للممرضين والأسرة للعناية بالمريض. وحينما تضرب أيٍ من هذه الفئات يجد الكثيرون صعوبة في تفهم الأسباب «مهما كانت» والتي قد تؤدي إلى وفاة شخص. لكن للمجتمع مسؤولية حقيقية في تقديم العون للطلاب الذين جدوا في حياتهم الدراسية سابقا. الطلاب الذين وعدناهم، أسراً ومجتمعات، بأن الخير الكثير ينتظرهم حالما ينتهي طريق دراستهم بختم من الجامعة وإمضاء من مديرها يعلن بداية حياتهم العملية. ولكن للأسف، تنهار أحلام الحياة العملية سريعاً حينما يكتشف الطالب «سابقا» والمعلم او الطبيب او المهندس «حالياً» انه كان يجد من اجل طلب لقمة عيش «حاف». وحتى اضمن ان المجتمع والدولة سيقومان بدورهما في توفير وسائل الحياة الكريمة للمواطن، وعدت نفسي ألا أمني اطفالي بسياسة ادرس لتنعم، فلقد يجد نفسه يوماً قد درس وذاكر ل «يضرب» عن العمل..!!