نهى عمر الشيخ رسمت قمة الاتحاد الافريقى صورة قاتمة لاوضاع القارة، وابدى المؤتمرون تشاؤما ملحوظا ،ينذر بمآلات وصفت بانها بالغة الصعوبة، ولم تخلُ نبرات المخاطبين للقمة من استياء واضح وتضجر من مستقبل مجهول تتسم ملامحة بالضعف والتفرقة والانتكاسات السياسية والاقتصادية ،وتحيط به الابتلاءات من كل جانب ، وتتعثر فى خطواتها بين الفينة والاخرى فى محاولة لتلمس طريقها عبر نفق يكاد يكون مسدودا،فى وقت يمضى فيه العالم الى بر الامان والرفاهية والحياة البيروقراطية والسلام المستدام . ولفت رئيس مفوضية الاتحاد الافريقى جان بينغ الى ان الوضع لا يبشر بمستقبل زاهر بالقارة الافريقية نتيجة عدم احترام الحكم الرشيد والتناقض الذى تتسم به الخارطة التى تسير عليها القارة والنزاعات التى اختارتها لتكون المجال المفضل لها ،وتزايد حالات النزوح التى لم تملها ،والانتكاسات التى لم تبارحها ،ومخاطر المخدرات والقرصنة والجريمة المنظمة التى تحيطها، مع عودة ظاهرة الانقلابات العسكرية التى تمثل تراجعا فى امن القارة، وتؤكد على هشاشة السلم فيها ، وتشير ان حصيلة جهود السلام غير متكاملة وتكاد تكون فى منتصف الطريق ، منبها الى المصاعب التى تقوض عمليات السلام على الرغم مما تبذله المنظمات الاقليمية فى هذا الشأن والحلول التى يطرحها المجتمع الدولى والدعم الذى يقدمه. ونادى بينغ باتخاذ سياسة اليد الممدودة بين شعوب الاقليم وتشجيع الحوارات البناءة وتمويل عمليات السلم والامن عن طريق الاتحاد الاوروبى والامم المتحدة ، مشيرا الى الوضع الامنى فى كل من دارفور والصومال ورواندا ومدغشقر والنيجر وغيرها من بلدان القارة التى تشكو الزعزعة وعدم الامان والاستقرار، وتعهد بتقديم الدعم واعتماد الصرامة لحل الأزمات ،مشيرا الى نشر اكثر من 5 آلاف جندى بالصومال لحسم التفلتات فى بلد يعيش دون دولة ويمثل تحديا للقارة باثرها ، وفى دارفور وصف الوضع بالخطير وفقا لما اثبته تقرير لجنة الحكماء على حد قوله ، وحث على المزيد من التفاوض الذى يراعى السلام والمصالحة ،اما فى النيجر ورواندا ومدغشقر فقد قال انها تشكل هاجسا وتمثل مخاوف حقيقية وذكر بالالتزام بالمنهج السلمى، مشددا بان كل من لن يلتزم به فانه سيتعرض للحسم من جانب المفوضية ،وفى الوقت الذى ابدى فيه تذمره من سوء الاحوال الامنية بالمنطقة ، اشار الى وجود تقدم فى المجالات الخدمية والبنى التحتية . الا ان الرئيس السابق للاتحاد الافريقى الزعيم الليبى معمر القذافى رأى غير ذلك، وانتقد الوضع المتردى للقارة الافريقية التى قال انها تعيش فى حالة من البؤس والمرض والجهل وعدم الوحدة والكرامة، وقال انها اضاعت سنينها دون فائدة بسبب قصر الوعى السياسى وضعف الارادة والاعتماد على المنح ،رغم ما تتمتع به من خيرات وثروات دون الاكتراث بالتحول السريع فى العالم ،واستبعد ان تنجح افريقيا فى تجاوز محنتها او ان تخطو خطوة تجاه بوابة التقدم فى الوقت القريب مالم تتوحد فى كلمتها ، وتحدى ان تستطيع اكبر دولها التفاوض مع اي من الدول الاوروبية، وقال القذافى ،ان هؤلاء العمالقة سيظلون يفرضون على الضعفاء الشروط ويمارسون علينا الضغوط بسبب التفرقة التى نعيشها مع سيطرة المشاكل الداخلية علينا من جهل ومرض ، داعيا لمعالجة مشكلات «البيت» اولا ، واقترح خلق آلية مسؤولة واداة وحدوية لمجابهة التحديات، منبها الى ان القارة لا ينقصها شئ، وحذر ان لم يحدث ذلك فان القوى العظمى ستعيد استعمارها وهيمنتها علينا بالقوة او الاستغلال الاقتصادى. وقال انه لايرفض مساعدتهم للقارة لكن دون شروط ، وهاجم الاتحاد الافريقى وقال انه اضاع سنوات القارة هباءً ،وانتقد عدم منح رئيسه الصلاحيات الكاملة، مؤكدا ان المنصب مجرد تسمية لا وجود لها ولافائدة منها ، وقال ان تجربته الشخصية من خلال تنصيبه له اثبتت له ذلك - بحيث وقعت الكثير من الاحداث داخل الاتحاد دون علمه بسبب الصوت المشتت الذى يتسم بالضعف. اما رئيس ملاوي رئيس الدورة الحالية للاتحاد الافريقي فقد تعهد بقبول المسؤولية بروح العمل لتعزيز التعاون والآمن والسلام في القارة، وقال ان المشاكل الجسيمة مثل العنف وضعف القدرات والمرض والفقر التي تعاني منها افريقيا من شأنها تقويض جهودنا ، مطالبا بمزيد من الجهد لتحقيق التقدم، وقال يجب ألا تعيش القارة كما كانت عليه في الماضي لانها ليست بالقارة الفقيرة بل الافارقة هم الفقراء . ونادي بأن يمثل 2010 نقطة تحول ، داعيا الا تسجل اي احصائيات لوفيات بسبب سوء التغذية، واقترح مباشرة برامج اقليمية افريقية للزراعة والرعي ومضاعفات ان النزاعات المسلحة هي احد ابرز العراقيل التي تحد من التنمية. الامر الذي يدعو للقلق، لكنه رأى أن باستطاعته الحد من كل ذلك ومكافحة تهميش افريقيا. وطالب رئيس الاتحاد الاوربي الذي استضافته القمة في خطاب له بممارسة الديمقراطية ومحاربة الفساد في القارة الافريقية دون هوادة والالتزام باحلال حقوق الانسان والقضاء علي حكم الاعدام والتعذيب ، معربا عن اّلمه مما عانت منه افريقيا من حالات الرق والعبودية، وقال انه تاريخ مأساوي يمثل نقطة سوداء في تاريخ العالم ، مشيرا الي معانات اهل دارفور والصومال التي قال انها تواجه مخاطر كبري، وداعيا المجتمع الدولي لتخفيف حالات البؤس والفقر ودعم التعليم والصحة ، معربا عن أمله ان تكون افريقيا موحدة وآمنة . من جهته، ابدى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون تخوفه من اقتراب حلول 2015 التي قال انها ستشهد أزمه في الغذاء والتغيرات المناخية، منبها" بأن الوقت اصبح حاسما" لحشد قمة خاص- لاهداف الالفية للتنمية لتقديم الدعم للمساهمة في اربع نقاط، قال انها تشكل هاجسا للقارة الافريقية وحصرها في الوفيات بسبب امراض السل والملاريا ، الفجوات التي تتطلب وضعا عاجلا كوفيات الامهات والاطفال ، تقديم موارد جديدة للدعم ، التركيز علي العمل في المجالات الاولوية، استهداف اضعف الفئات في قطاعات الزراعة، وتمكين النساء لتمكين افريقيا، معلنا ، انشاء مجموعه استشارية لتحقيق اهداف الالفية التنموية ، وطالب الافارقة بان يرفعوا اصواتهم في ربوع العالم، ولفت الي ان افريقيا هي اكثر المناطق عرضة للتأثر بالتغير المناخي ، وقال انه يتعين علينا وضع اتفاق قانوني عالمي لما تحتاجه افريقيا من ضمان لنظافة البيئة، مشيرا الي ان هذا الحشد يحتاج الي نحو 30 مليون دولار لدعم تنفيذ حماية افريقيا ، وقال الامين العام للامم المتحدة بانه اصيب بالذعر لرؤيته الاغتصاب كسلاح من اسلحة الحرب، واعلن تعيين ممثلة خاصة ضد العنف الجنسي، وانشاء الآليات لدحره، وذكر ان اكثر ما يثير قلقه عودة التغييرات غير الديمقراطية التي تتعارض مع القانون الدولي في افريقيا ،مناديا باتخاذ الحيطة والحذر من خلال العمليات الانتخابية في مختلف دول القارة، ونوه الي ان السلام لا يمكن ان يكون من غير عدالة. اما ممثل ملوك افريقيا التقليديين فقد اتهم السياسيين بانهم من تسببوا في تفرقة شعوب القارة ودعاهم للاضطلاع بمسؤولياتهم وتفادي الخوف والكراهية، وقال اننا نعتمد عليكم في تحقيق الوحدة وكلنا امل فى ان يتحقق ذلك فى القريب العاجل. هكذا كان حال لسان المتحدثين خلال افتتاحية جلسات القمة - ينبئ بواقع أليم ومستقبل مظلم فى قارة تمثل اكبر المساحات شسوعا وغنى من حيث الموارد -مما يثير المخاوف والقلق المصحوب بمئات الاستفهامات عن الاسباب الحقيقية وراء هذا الواقع المريع، أهو استهداف الغرب كما يتعللون ام انه الفشل من تحقيق الحكم الرشيد والاعتماد على المعونات التى سلبتهم الهمة والاحساس بالمسؤولية