كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: فرص نجاح حكومة السودان الجديدة    تفاصيل موافقة تشاد على إجراء امتحانات شهادة الثانوية للاجئين السودانيين بأراضيها    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    رئيس الوزراء يؤكد في اتصال هاتفي دعم ومساندة السودان لقطر واستقرارها    التربية بالخرطوم تعلن نتيجة إمتحانات الشهادة الابتدائية بنسبة نجاح 71.3%    بموجب اتفاق التجديد.. صديق رونالدو يتولى صفقات النصر!    مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية رئيس الغرفة المركزية يوكد إكتمال كافة الترتيبات لانطلاق إمتحانات الشهادة الثانوية المؤجلة للعام 2024    مانشستر سيتي يحذر عمالقة المونديال بخماسية في شباك يوفنتوس    القبض على حكم أثناء مباراة كرة قدم    الشرطة..810 مركبة جمعتها اللجان المختصة بالخرطوم والجزيرة ويناشد المواطنين بالتوجه لاماكن تجميعها    تفاصيل بشأن لقاء وزير الداخلية الجديد ومدير عام الشرطة    مبابي يطعن باريس بشكوى جديدة    وصول المجموعة الثانية من السودانيين العائدين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية    التدميريون والكومبارس.. (هانت الزلابية)..!!    في ليلة عنوانها الوفاء .. القطاع الرياضي بهلال كوستي يودع مدربه عمار مرق    شاهد بالفيديو.. الفنانة فهيمة عبد الله تغازل عازفها الجديد في إحدى حفلاتها الأخيرة وجمهورها يرد: (مؤدبة ومهذبة ومحتشمة)    شاهد بالصورة.. الإعلامية السودانية الحسناء شيماء سعد تثير الجدل على مواقع التواصل بالبنطلون "النمري"    شاهد بالفيديو.. الفنانة اليمنية الحسناء سهى المصري تخطف الأضواء على مواقع التواصل السودانية بعد تألقها في أداء أشهر أغنيات ثنائي العاصمة    ميسي يتصدر قائمة أعلى الرواتب في الدوري الأمريكي لعام 2025    فوبيا الطيران تجتاح العالم.. الصواريخ والطائرات المسيّرة تثير فزع المسافرين    قوات إسرائيلية في إيران.. زامير يكشف "مفاجأة ما بعد الحرب"    قرارات إتحاد حلفا الجديدة البدء في تأهيل أرضية الملعب وطرح عطاءات للإستثمار    تراثنا في البازارات… رقص وهلس باسم السودان    يعني خلاص نرجع لسوار الدهب وحنين محمود عبدالعزيز..!!    "مقامرة كبرى" خاضها ترامب بضرب إيران.. هل سيقطف ثمارها؟    حادثة مروّعة في مصر.. سيّدة تطيح بأسرة كاملة    الخرطوم.. "طوق أمنيّ" في"الجقب" والحصيلة مرعبة    مكافحة المخدرات بولاية بالنيل الابيض تحبط محاولة تهريب حبوب مخدرة وتوقف متهمين    السودان يشارك في إفتتاح مهرجان الاذاعة والتلفزيون العربي ال 25 بتونس    استدعاء مالك عقار .. لهذا السبب ..!    إدَارَة المَوهِبَة بَينَ نميرِي والترَابي ومِيسي ورونالدو    إيران فقدت الكثير من أوراق اللعبة التي كانت بيدها .. ووقعت ضحية لموجة تضليل أمريكي إسرائيلي    هل كان أمير قطر علي علم مسبق بنية إيران إرسال صواريخها الباليستية إلي قاعدة العديد ؟!    "سيستمر إلى الأبد".. ترمب يعلن بدء وقف إطلاق نار شامل بين إسرائيل وإيران    مزارعو القضارف يحذرون من فشل الموسم الزراعي بسبب تأخير تصاديق استيراد الوقود    إيران ترد على القصف الأمريكي بعملية عسكرية    قوات الجمارك مكافحة التهريب بكريمة تضبط كميات كبيرة من المخدرات    أسهم الخليج تتجاهل الضربة الأمريكية    التلاعب الجيني.. متى يحق للعلماء إبادة كائن ضار؟    السودان.. كامل إدريس يعلن عن 22 وزارة    هل ستتأثر مصر في حال ضرب المفاعلات النووية؟    نص خطاب رئيس مجلس الوزراء "كامل ادريس" للأمة السودانية    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    المتّهم الخطير اعترف..السلطات في السودان تكشف خيوط الجريمة الغامضة    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكت حين ذكرّها المهجر!
نشر في الصحافة يوم 13 - 06 - 2011

قضينا اسبوعاً كاملاً نقطع بالطائرة افريقيا شرقاً لغرب بدأنا بأديس أبابا ثم انتقلنا لنيروبي ومنها للاغوس ومن لاغوس إلى أكرا ثم ابيدجان وانتهينا بمنروفيا في ليبيريا... عالم كعالم الأحلام ومكثنا في منروفيا في مهمة تعليمية ما يزيد على الأربعين يوماً، وفي نهاية الفترة زارنا مديرنا السعودي في صحبة بعض كبراء الإدارة... وفي اليوم قبل الأخير لمغادرتنا منروفيا في طريق العودة العكسي إلى أديس ابابا ثم الخرطوم، دخلنا مطعماً وجدنا أن صاحبه لبناني يعمل فيه هو وزوجته والظاهر أنهما مسيحيان إذ يجول صليب لامع على صدر الزوجة الجميلة. وما أن دخلنا المطعم حتى جاءنا الرجل فلما رآنا (نحكي عربي) فرح بنا فرحاً زائداً وأغلق المطعم أمام أي زبون غيرنا وقال إنه قرر أن يحتفل بنا على طريقته الخاصة فوجد منا تشجيعاً ودفعوا له فوق ما يشتهي ويتمنى.
بدأت تخرج أطباق الشواء على ما وصفها الأعشى لما قال:
وقد أروح إلى الحانوت يتبعني *** شاوٍ مشل شلول شلشل شول
قال علماء اللغة إنه نوّع في الالفاظ ولكنه دار حول معنى واحد هو معنى اللحم المشوي... وكذلك هناك كان.....
ولا تسل عن المقبلات والحساء والسلطات والأطباق الصغيرة الجانبية ثم لا تسل عن الحلويات... فتلك صنعة يجيدها اللبنانيون والشوام بلا منافس.
ولما راق الجو واحلولى واصبح الكلام طاعماً بسبب هذه الضيافة الحاتمية الأخوية الفريدة... انبرى أحد أعضاء الوفد هو الأستاذ الصافي يحكي للرجل والمرأة مضيفينا كيف انه درس في لبنان وبدأ يحكي لهما عن بيروت والساحل والجو والناس والمعاملة الطيبة وجمال الطبيعة الأخاذ... وهو معلم قدير وقصاص ماهر أوصل الفكرة على طريقة بخت الرضا الى (اللحم الحي) وهنا وبدون مقدمات انفجرت زوجة الرجل الشابة الحسناء تبكي بكاء ارتفع نشيجه حتى احتاج مديرنا السعودي ... الذي كان منظره بالعقال... يعطي وفدنا فكرتي الضمان والثراء...أضطر الرجل إلى أن يخرج منديله ويقدمه للسيدة لتجفف به دموعها... وهنا طلب من الشعراء الحاضرين أن يصفوا الموقف فما كان من (صاحبنا) إلاّ أن قال:
بكت حين ذكرّها المهجرا *** فسالت دموع الجوى أنهرا
إذ أذكرها مغنى عهد الصبا *** وشيطان صبوتها الأحمرا
بحيث الكروم وأرض الفهوم*** ومن باع صفو الهوى واشترى
بلاد بها الفن كل الحياة *** وليس سوى الفن شئ يُرى
تقارن في ذهنها الحالتين *** حال الأمام وحال الورى
فليس عليها إذن من جناح *** إذا انهل دمع لها أو جرى
خرجنا من منروفيا ولم تغادر مخيلتي صورة المرأة النيجيرية - السودانية الفقيرة التي كانت في السودان فلما رأتنا في الشارع دهشت وكاد يغمى عليها وتشبثت بالوفد أن يعيدها معه للخرطوم في استعطاف يفتت الأحجار.
ولم ينسَ الوفد وبعض أعضائه قصة مرورهم بأحد شوارع منروفيا وهم يلبسون العمامة والجلباب السوداني أن سمعوا بنتاً تنادي أختها صائحة من الدور الثاني قائلة ما ترجمته: «انظري إن بشارعنا اليوم ملائكة في ثياب بيضاء... أعتقد أنها نزلت لتوها من السماء».
ولن ينسى أحد في الوفد أن منروفيا تبنى فيها البيوت على طبيعتها التي يتداخل فيها العلو والهبوط بدون تسوية حتى يخيل إليك أنك تعيش في أكثر من مدينة بعضها فوق وبعضها تحت.
وعاشت في ذاكرتنا دعوة أحد الشوام لنا لنأكل معه وجبة فول في نفس المنضدة التي قدم فيها الفول لرئيس السودان جعفر نميري في السنة الماضية، لما زارهم هنا لحضور مؤتمر الوحدة الأفريقية واشتهى الفول... كل ذلك كان عام 1986م... ومرت الأيام!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.