من السهل جداً على الصحافيين أن يكتشفوا ملفات الفساد المخبأة بعناية إن هم اجتهدوا في البحث عنها او حالفهم الحظ وساق إليهم مصدراً ثميناً لا يقدر بثمن ويحتوي على أسرار وأخبار وملفات تخص الكبار والقطط السمان ، نعم يقول الماكرون من بعض أهل السلطة إن من وجد ملفات فساد بين فلينشرها وستقوم الجهات المختصة بعمل اللازم متى ما كانت المستندات مكتملة ، هذا ما يقولونه ونحن نتساءل حتى ولو مست البعض من أقرباء الكبار وأزلام المسؤولين ؟ إذا صدقت أقوال المسؤولين الكبار مع أفعالهم ربما نحلم بيوم يعتدل فيه الميزان في هذا البلد المنكوب ولكن الذي جربناه عليهم أنهم ينقضون كلامهم بعد ايام من إطلاقه وتعميمه ويتراجعون عن اتخاذ الخطوات الكفيلة بمحاربة الفساد ..ربما لأسباب حزبية وربما بسبب الحرج من محاربة أولي القربى وربما بسبب أن بعضهم شريك في الغنائم الناتجة عن تلك الممارسات ولذلك أنا أميل إلى تصديق بعض المصادر داخل السلطة والتي تفيد بأن بعض الجهات المختصة تقوم برفع ملفات فساد بين وواضح وبالأدلة والمستندات ولكن الذي يعنيه الأمر لا يتخذ أي إجراء ولا يوصي باتخاذ أي إجراء الأمر الذي ثبط الهمم . نعم قديماً هلك أقوام مجرمون بسبب أنهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد وأرى أن الحزب الحاكم في السودان وهو جزء من حركة الإسلام السياسي في العالم العربي والإسلامي يدرك تماماً عاقبة اختلال ميزان العدالة في مسائل الحكم وبسط العدل وإقامة الدين - إن كانوا ( عابدين ) - ومن العيب الفاحش ان يتستر على أهل البغي والفساد وسط منظومة مؤسسات الدولة من اجل ان ذلك يجلب عليه الخراب الكبير ، بل ليس من الحكمة إطلاق التصريحات الحاضة على محاربة الفساد دون تكوين آلية فعالة لمحاربة ومكافحة الفساد باعتبار أن الإصرار على مضي الأمور على هذا المنوال فيه تحدٍ سافر للمعقول والمنطق المقبول وفيه تعالٍ على الحق وغمط له . وهناك تساؤلات تطرح نفسها هل يعقل أن يقوم البنك المركزي او وزارة المالية الاتحادية بإصدار خطابات ضمان واعتماد لعمليات تخص شركات خاصة ؟ اعتقد ان القوانين واللوائح تمنع ذلك ولكن في عهد الممنوع مباح هذا ممكن؟ ولكن هذا الأمر حدث وبعض أهل الحكم يعلمون ذلك أو فلنقل انه لا يعلم وإنما ينتظر ان نعلمه نحن ونحن قطعاً سنعلمه ولكن هل سيقوم بمحاربة الفساد ؟ هذا السؤال نكرره مثنى وثلاث ورباع ،و في زيارة خاطفة الى مدينة دبي حيث التقينا برجال يعرفون أدق أسرار النظام المالي السوداني وطرائق خروجه إلى جيوب القطط السمان وصولاً إلى استقراره في حسابات خاصة وحسابات شركات وشراكات سودانية أجنبية ومنظمات انشئت خصيصاً لهذه الأغراض كما أن هناك خطابات ضمان بمئات الملايين من الدولارات لصالح شركات ووكالات خاصة تتم عبر شركات مسجلة لدى مسجل الشركات تحت أسماء تنتهي بكلمة ( السودانية )، حيث تساهم هذه الكلمة في استصدار خطابات الضمان وتضليل الممول الأجنبي فتتم العملية و( تلهط ) القطط السمان الأرباح ورؤوس الأموال المليودولارية . نعم تحصلنا على ما يكفي من الملفات وللصدف الغريبة في مدينة دبي ونريد ان نختبر بها مدى مصداقية الكبار في الحد من ظاهرة الفساد التي أصبحت معروفة لدى القاصي والداني وتسببت في «تطفيش» بعض المستثمرين العرب والأجانب بعد ان اكتشفوا ان الطريق الرسمي إلى الاستثمار ليس سالكا ولا بد من الطرق الملتوية «أقصر الطرق».