من خلال حركة الأرجل أو عجلات (العربية) يدرك سريعا الإنسان أن الأرض في السودان غير مستوية. وربما تكون هنالك أسباب مبدئية عديدة واضحة، فالأرض ترابية خالصة، ليست هنالك (شوارع) مرصوفة لذلك تكون المنخفضات والمرتفعات و(الحفر) الغريقة، وهذه جميعها حقيقة. لكن يزداد الأمر في خلال هذه الأيام. وقبيل أن ابدأ في السؤال لمحت سيارة نقل كبيرة تقف في مدخل أحد الطرقات، وأفرغت السيارة جل حمولتها أمام باب منزل وخرج منها شخص يحاول أن يواسي ما لا يستطيع نفر كامل من العمال أن يواسي.. ثم تحركت السيارة و(كومها) الذي تركته أمام المنزل يقف عاليا. ولا يغيب عن فطنة القارئ ما الذي حاولت السيارة أن تفعله.فمع دخول موسم الخريف بات الجميع خائفا من نتائج الأمطار وعواقبها الوخيمة. فالمياه التي خلق منها ربي كل شئ حي، والمياه التي تروي الزرع وتضيع العطش تصبح هي المأساة التي يعيشها الشعب في خلال فترات الخريف. فينظر إليها على أنها مأساة منتظرة بدلا من إحساسه بالرحمة وفرحة بان أبواب السماء تفتحها قطرات المطر، فيرفع الدعاء و(يعلى) النداء. ويسود القلق، ما الذي يجب على الإنسان أن يفعله؟ هل ينتظر الدولة على هيئة المحلية حتى تأتي لتقوم بترتيبات تقتلع المشاكل من أصولها وتعالجها بطريقة جذرية، إذن (وطاتنا أصبحت)!! أم يتعين على كل مواطن ان يقوم بترتيب أوضاعه هو فقط في محاولة لتفادي مشاكل الخريف والعناية بمنزله وأسرته. ولا يغيب عن فطنة القارئ، مرة ثانية، الحل الذي يختاره المرء. فمن الأسهل ان يؤجر الشخص (قلاب) يحضر بحمولة يرفع بها بوابة منزله عاليا وينأى بها عن مياه الأمطار التي تتسرب سريعا داخله فتفسده. وتتواصل هذه الحلول التي رأيتها بنفسي، فهنالك منازل من (كثرة) علو (الأكوام) القابعة أمامها لا تكاد العربة حتى تستطيع السير في الطريق، فتجبر على ان تختار لنفسك طريقا آخر تسلكه حتى تصل إلى مكان وجهتك.ولا تقتصر المشكلة على ان الطريق يصبح كروكي الشكل والهيئة ( وكأنه كان معتدلا من قبل)،لكن المأساة الحقيقية تصبح في الجيران. فعندما لا تجد المياه طريقا إلى احد المنازل تقوم (بالمنطق) إلى التسرب صوب المنازل الأخرى، وتتكاثر المياه بذلك في منطقة دون عن الأخرى.يؤدي هذا إلى أن يدفع ثمن الخريف مجموعة محدودة من الناس دون أخرى (تكون غالبا غير مقتدرة على إستئجار ذات السيارات التي احضرها جيرانهم لردم بوابة منازلهم). ولا افهم، أو حتى أتفهم، كيف تقوم الدولة بالسماح بمثل هذه التصرفات (نوم العوافي). فالمحليات من المفترض أن تؤدي دورها في مراقبة كل منطقة وكل حي حتى تضمن ان الطرقات لديها أولا وسيلة للتصريف كافية، ولديها في خلال هذه المدة سيارات لشفط المياه عديدة، وتمسح الطرقات التي تعلو بها (الكيمان) حتى لا يؤدى هذا إلى أن يدفع شخص إنهيار منزله فاتورة من اجل أن يبقى منزل جاره عاليا ثابتا. إن إستعدادات الخريف الهزيلة التي أراها (بعيني) لا تؤتي أوكلها، بل تؤدي إلى مزيد من المشاكل.. ومزيد من الحلول الفردية.. وأين أنتِ يا محلية؟