العودة بعد رحلة طويلة استمرت لعام كامل تجسدت فيها كل معانى الضياع والاهمال والفشل، صورة يلاحظها القادم لمدخل الديار منذ الوهلة الاولى، تغيير شامل بل جذرى جاء كرهاً وليس طوعاً ،ندماء وسمار الامس اصبحوا أعداء اليوم. هذه هى السياسة بمفهومها الخاطىء الذى امتطى سرجه ساسة خبرتهم قليلة وفكرهم السياسى لا يتعدى حدود المصلحة الشخصية ، جئت بعد طول غياب ،كل شىء تغير، الناس أصابهم النفور ليس من بعضهم البعض بل من أنفسهم، وظلت حياتهم قصيرة محدودة النظر وعند الاستفسار تأتيك الاجابة السياسة التى عادت عليهم بالفتن والمشاكل والمصائب فى مجتمع سلب حقه ومات ضمير أهله لذلك اختلف أهل البيت الواحد وتوالت السهام وتضاربت المصالح واصبح الشارع يندب حظه السياسى العاثر يحكى ماضيه بل الكلمات أصبحت محدودة ،الهمسات باتت آهة قادمة من أعماق المخلصين حاملة وجعاً وألماً دفينين لازما هؤلاء الى أن تركوا العمل وخدمة المنطقة ،الصورة باهتة فى مجتمع كان دائم الحركة عميق الفكر نير سهل الانقياد اذا أحسن القائد قيادته ،كنا قادة فى الزمن الحلو ديننا الاسلام شعارنا الاتحاد والاخلاص نحترم بعضنا البعض نقدر حقوق الجار نستشار فى كل امور البلاد الصغيرة والكبيرة . ضاعت قيمنا وبات الاتحاد بيننا بعيد المنال وقويت شوكة الاطراف ونمت الاظافر البعيدة وبدأت تمزق شمل وحدتنا وتنخر فى اخلاقنا حتى تمزقت وضلت وفقدت كل شىء على مستوى المنطقة المحلى واصبحنا مجردين من أية سلطة والله هذه نعمة فى زمن رقصت فيه الذئاب على جثث الاسود ولك ان تتصور منطقة منبعها دينى جذورها متصوفة كان من الممكن وضعها فى اطار سليم وجعلها فى الطليعة ولكن هيهات لم يفهم الساسة دورهم ولم يعوا درسهم نظروا تحت اقدامهم ونموا قوتهم خارج نطاق المنطقة ففازوا ناسين ماضى تلك الديار وهل يعنى فشل القيادة السياسية قصوراً فى تركيبة المنطقة ؟ الجبروت والتسلط افقد المؤتمر الوطنى قاعدة مستنيرة لم يحسن توظيفها فكانت النتيجة عكس ما هو متوقع. ولعل الساسة يدركون لماذا جاءت انتخابات اللجان الشعبية بهذه الصورة ؟ الاجابة بسيطة عجزت القيادة السياسية فى استقطاب المنطقة ليس لان اهل المنطقة ينتمون لاحزاب أخرى بل لعجز القائمين بالامر فى معالجة مشاكل المنطقة علماً بأن المنطقة صوتت للحزب الحاكم فى كل الفترات بل كان رائداً بكل ما تحمل كلمة الريادة والقيادة من معنى . لماذا انعكست الصورة ؟ النظرة السياسية ضيقة والبعد الفكرى السياسى قاصر والاهداف محدودة والترضيات والموازنات كلها كانت فاشلة أضرت بالمنطقة والحزب معاً وغابت كلمة الحق وظل السياسى يخطب ويخطب ويخطط والجميع نائمون لا يصحون الا عندما ينادى الامام قوموا الى صلاتكم يرحمكم الله .تعددت المشاكل المياه والامراض بكل أنواعها دخلت جسم الانسان المعافى سابقاً العليل الآن ،الحلول اصبحت محل خلاف بين الساسة والحادبين على مصلحة المنطقة أهل السياسة لا يسمعون ولا يرغبون فى الحديث وأى عمل لمصلحة المنطقة خارج مظلتهم يعتبرونه خروجاً عن الملة حتى لو كان من أحدهم ويزينون للمسئولين كل الاعمال، خاب فكرهم وحسهم الوطنى وأحياناً الحزبى فضاعت السياسة وضاعت معها طموحات المنطقة واخيراً دب الخلاف بينهم فتفرقوا شيعاً وأحزاباً وجميعهم كانوا تحت مظلة الحزب الحاكم وكل منهم ينتقد قيادته السياسية والادارية وهم الذين دبروا كل ذلك بليل ، إنها السياسة التى ظلت كفاتنة حسناء يعمل عشاقها بلا وعى لكسب ودها وجنى ثمارها دون النظر لهموم المواطن الذى جعلت منه شيخاً هرماً سطرت ورسمت علامات الألم والحزن وجهه فأصبح لا يرغب فى سماع خطب واهازيج الساسة ، الغريب فى الأمر الحزب الحاكم كان عليه أن يلتفت للمنطقة ويدخل بأبواب أخرى يسأل ويتحرى لان المنطقة داخل نفوذه وهو المستفيد منها والمؤسف اعتمد على الذين خططوا سابقاً وفشلوا وتفرقوا الآن، على أى حال نريد أن نعيد للمنطقة مكانتها على المستوى الادارى والسياسى فهل من مجيب ؟ هنالك صوت شبابى قادم من بعيد على الساسة احتواءه والانصات له ومساعدته لانه رصيد لايمكن تجاوزه او الابتعاد عنه خاصة ونحن نثمن دور الشباب فى خدمة المنطقة من ناحية والحزب الحاكم من ناحية أخرى. كان صوتهم عالياً عندما عبروا عن آرائهم بطريقة سليمة وهذا بالطبع أمر مشروع يقره الساسة على المستوى الأعلى لذلك علينا جميعاً أن نسعى لاصلاح ذات البين وأن لا نضع العراقيل والحواجز بيننا وبينهم فهم منا ونحن أولى بهم .علينا كقيادة أن نتجاوز هفوتنا جميعاً وأن نفعل دورهم ونؤمن مستقبلهم فبهم تكون التنمية وبهم يكون المستقبل لذلك نقر جميعاً بأن هنالك أخطاء لازمت العمل السياسى والادارى بالمنطقة تركت آثاراً سالبة علينا معالجتها، فالحزب الحاكم الآن يحتاج لكل جهد والدولة تحتاج للاتحاد والاخاء وجمع الشمل أكثر من أى وقت مضى ، آمل من القيادة السياسية ممثلة فى قائدها تدارك الامر ومعالجة ما يمكن معالجته بهدوء حتى لا نخسر أكثر مما خسرناه ، وتحضرنى الذاكرة بقصة طريفة تحكى عن حياة أحد العلماء كانت منشورة فى مذكراته التقطت له وهو بين اهله فى قريته الصغيرة فهى قرية منسية فى احراش الريف وكانت المناسبة افتتاح تشغيل بئر لضخ المياه مجرد محرك بدائى لرفع المياه هذا الحدث زاد علامات الفرح لهذا العالم وبدأ وكأنه يعيش أجمل لحظات حياته ولعلها لحظة فرح تحكى لحظة انتصاره الشخصى فى قريته التى شهدت مولده طفلاً بين عدد من الاخوة لا يدرون أى مستقبل ينتظرهم، إنها الحياة بكل متاعبها تكسب الانسان الخلود والبقاء فالماء عصب الحياة وبه تدور عجلة الانسان تنمية وفكراً وحركة ،والله سبحانه جلت قدرته جعل من الماء كل شىء حى . أيها الساسة قادة واداريون علينا أن نقف لحظة نعيد فيها تاريخنا نعيد فيها فكرنا نراجع فيها أنفسنا نحاسبها فى كل صغيرة وكبيرة نصفح ونعيد ثقافة الاعتذار والحمد والشكر والعفو ، وبذلك نستطيع أن نقوم سلوكنا ونراجع حساباتنا ونعد العدة لمستقبل آتٍ نرفع شعاره «وداع الماضى بآلامه وأحزانه واستقبال الحاضر بالعفو والصفح « بهدف خدمة المنطقة والله على ما أقوله شهيد هو نعم المولى ونعم النصير .