٭ يوم الحادي عشر من سبتمبر من كل عام يوافق ذكرى الهجوم على برجي التجارة في نيويورك ذلك الحادث الذي غيَّر وجه التاريخ.. لكن «أي التاريخ» يوافق أيضاً عيد ميلاد بشَّار حافظ الاسد المولود في ذات التاريخ من العام 1965م وتخرَّج في كلية الطب جامعة دمشق عام 1988م ثمَّ تخصص في طب العيون ببريطانيا عام 1994م وأختير في ذات العام رئيساً لمجلس ادارة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية فهو يُجيد إلى جانب اللغة العربية.. اللغات الانجليزية والفرنسية والأسبانية وانتسب بشار للقوات المسلحة فتدرج في سلك الخدمات الطبية العسكرية بسرعة مذهلة فقد حمل رتبة الملازم أول في يناير 1994م.. ورتبة النقيب يوليو 1994.. ورتبة الرائد يوليو 1995.. ورتبة المقدم يوليو 1997م... ورتبة العقيد يناير 1999م.. ورتبة الفريق يونيو 2000م وقد بلغ عمره 34 عاماً وعشرة أشهر عندما توفى والده حافظ الأسد.. وينص الدستور على ان يكون الحد الأدنى لعمر المرشح لرئاسة الجمهورية أربعين عاماً فما كان من مجلس الشعب السوري إلا أن أجرى تعديلاً على هذه الفقرة باجماع أعضائه في غضون خمسة عشر دقيقة.. وأتبع ذلك بتوليه أميناً قطرياً لحزب البعث العربي السوري فأصبح أول رئيس عربي يخلف والده على رئاسة جمهورية!! عندما انتخب رئيساً للجمهورية في استفتاء شعبي في 10 يوليو 2000م تزوج أسماء الأخرس وله منها حافظ «10 سنوات» وزين عمرها «8 سنوات» وكريم «7 سنوات». ٭ بدأ بشار أول عهده بانفراج في مجالات الحريات العامة وعلى الصعيد الاقتصادي كذلك حيث سُمح للمرة الأولى بانشاء فروع للمصارف الاجنبية.. وللمواطنين بفتح حسابات بالعملات الحرة. ورافق ذلك تُحسنٌ للوضع المعيشي للمواطن العادي في أسعار الوقود وزيادة الدخل الشخصي حتى أسمى بعض السوريين تلك الفترة الأولى من حكم بشار «ربيع دمشق» الذي لم يطُل!!.. فقد كانت «سوريا بشار» حائط صد وخط مواجهة لا يلين في دعم القضية الفلسطينية والمقاومة اللبنانية.. وساندت حركة حماس والجهاد الاسلامي وحزب الله في مواجهة العدو الصهيوني والذي ما فتئ يلصق بسوريا التُهم من قبيل تسريب المسلحين العرب إلى العراق لمقاومة الاحتلال الأمريكي هناك.. أو توجيه أصابع الاتهام لسوريا في حادث اغتيال الرئيس رفيق الحريري وغير ذلك من الضغوط العنيفة لارغام سوريا على توقيع معاهدة سلام مع اسرائيل ولكن!!! هل تصلح هذه «الحيثيات» للدفاع عن الجرائم البشعة والتي يقوم بها الجيش لعربي السوري الذي ندَّخره ليوم كريهةٍ وسداد ثغر؟! هل يمكن «للشبِّيحة» أن يحتلوا أسطح المباني العامة ويطلقوا الرصاص على المتظاهرين دون إذن الحكومة وعلمها؟ وهل يستطيع بشار أن يدافع عن تدنيس المساجد.. وتهديم المآذن.. واحراق المصاحف؟؟ ان الفرص العديدة التي أتيحت لبشار لاجراء الاصلاحات واطلاق الحريات وتصويب المسيرة السورية نحو الحرية والديمقراطية قد تلاشت الواحدة تلو الأخرى لأنه لا يحكم سوريا!! بل يحكمها والده حافظ «المقبور» منذ عشرة أعوام.. من خلال ديناصورات البعث العربي السوري وكرادلته وما بشَّار إلا صنيعتهم فلولاهم لما تمكن طبيب العيون الوديع من ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية إلا بعد مرور ست سنوات على وفاة والده ومدة الرئاسة حسب الدستور السوري سبع سنوات فقد كان بامكان خليفة الأسد «عبد الحليم خدام» أن يجري العديد من الاصلاحات واحداث تغيير جذري بعد طول مكوث الأسد الأب على كرسي الحكم فاضطر خدام إلى معارضة الحكم واللجوء خارج سوريا ولما كان حافظ الأسد يعد ابنه باسل للرئاسة فان بشار لم يكن في مرمى اهتمام الأب السياسي وقضى باسل في حادث حركة في طريق مطار دمشق الدولي ثمَّ مات الأب المريض بعد حين وان كان ينوي توريث بشار لعدَّل له الدستور قبل وفاته. ٭ وبالعودة للثورة السورية السلمية المنادية بالحرية والاصطفاف خلف وحدة سوريا والفظائع التي يندي لها الجبين والتي تقوم بها قوى الأمن والجيش والشبِّيحة ضد المواطنين الأبرياء لن تغير من الأمر شيئاً فقد انتهى وإلى غير رجعة عهد البعث السوري ومعه عهد بشار الاسد وآل الأسد.. فقد أعمى التشبث بالسلطة وسوء البطانة وطول الأمل عيون بشار عن رؤية الأطفال يقتلون والشباب يذبَّحون ومحارم الله تنتهك والعالم يصرخ حتى اكتملت حلقات الحصار حول الرئيس الشاب الذي خيَّب آمال الكثيرين في أن يقود الاصلاحات المطلوبة وأولها رفع حالة الطوارئ وتعديل المادة الثامنة من الدستور التي تفرض سلطة حزب البعث على الشعب والدولة!! وكان هذا كل ما في الأمر.. ولكن انعدام الرؤية وانسداد الأفق لدى القيادة السورية والمراهنة على جياد خاسرة.. والظن الفاسد بأن الشعب يمكن أن يقهره الشبيحة ودبابات الجيش ضيَّع على الطبيب «الطيب» الشاب كل فرصة في الاستمرار وسيبقى التاريخ شاهدا على فظائع لم يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين لكن ارتكبها رئيس عربي ضد أنبل وأكرم شعب عربي. وهذا هو المفروض.