بعد أن يكمل المغترب إجازته في السودان ويعود إلى مقر عمله في ديار الاغتراب، وعلى الرغم من أن هذا المغترب غالبا ما يكون قد شقي وامتلأ بالمعاناة كما هو حال اغلب أهل السودان، تتجد في نفسه الأشواق رغبة في العودة الى هناك .. الغريب ان كثيرا من أوجه المعاناة يمكن ان يتم إصلاحه، طبعا الإصلاح هذا لن تدخل فيه الأسعار، فموجة الغلاء التي تضرب بلادنا لن يستطيع احد أن يقف في وجهها. ومن أوجه المعاناة التي يمكن إصلاحها تتعلق بالخدمات الأساسية من صحة وتعليم وتوفير ماء صالحة للشرب وكهرباء مستمرة، وخدمة مدنية «منضبطة»، ولعل انفلات الخدمة المدنية انتقل إلى كثير مؤسسات القطاع الخاص.. المهم من ضمن المشاهدات التي ألمتني خلال إجازة الصيف كثرة مندوبي الوكالات الخاصة داخل جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج، حيث جيش من العاطلين والعاطلات يقدمون خدماتهم للمغتربين لإنهاء معاملاتهم نظير مبالغ يتفق عليها الطرفان، في حين يتحدث جهاز المغتربين عن «تبسيط» الإجراءات، وهو أمر يتنافى مع وجود هذا العدد الكبير من مندوبي الوكالات كما يسمونهم داخل الجهاز!! أما في الميناء البري الذي لا يمكن لكائن من كان أن يدخله قبل دفع جنيه ونصف الجنيه، فأجهزة التكيف داخل الصالات لا تعمل، والذي يعمل منها لا يكفي لتبريد غرفة صغيرة ناهيك عن صالة تئن بالمسافرين، وبالاستفسار عن سر رداءة التكيف يقول المشرف على إحدى الصالات «كلمنا الجماعة ولكنهم تناسوا الموضوع»، حقيقة لا نعرف من هم الجماعة، ولماذا تناسوا الموضوع، فالتكييف حق لكل مسافر أو مودع لشخص طالما بيدفع مقدما جنيها ونصف الجنيه، ممكن أن تكون قضية التكييف ناتجة عن سوء إدارة «موظف» أو مجموعة لا تريد أن «تخسر» طالما الحال ماشي !!.. كما ان الكافتريات التي تقدم خدماتها للمسافرين داخل الميناء ليست بأفضل حالاً من وضع التكييف، ويبدو أنها محتكرة لأشخاص بعينهم. أما في مطار الخرطوم الدولي فأزمة الإدارة تقف برجليها، فداخل صالة الجوازات أيضا التكييف لا يعمل البتة، وعندما اقتربت من شرطي الجوازات وقلت له: أتمنى أن يكون عدم التكييف حالة طارئة حدثت في هذه الساعة، ولم تحدث من قبل، قال وهو يتنهد: يا أخونا الحال هذا له زمن لم يتغير، وتعبنا في المطالبة بإصلاح التكييف دون استجابة من أي احد، وليس أمامنا غير الصبر!. وفي مطار الخرطوم القصة ليست أزمة تكيف فقط، وإنما أزمات متعددة، فدورات المياه لا تليق بدورات في طرق نائية، فضلا عن انها كثيرة انقطاع المياه، مع عدم وجود أي موظف يقوم بتنظيم المسافرين أو التعاون معهم حول كيفية انجاز إجراءات السفر، خاصة بينهم من لم يسافر من قبل خارج السودان، والمدهش انك إذا طلبت خدمة أو عون قبل احدهم تأتيك الإجابة من وجه متجهم وكأنه اجبر على أداء واجب لا يقوى على القيام به.. وقصص المعاناة كثيرة وذات وجوه متعددة .. وأغلبها فشل من تؤكل اليهم تصريف أمور الرعية.